من ألكسندر كورنويل
معبر رفح (مصر) (رويترز) - تحدث مندوبو مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة عن معاناة لا يمكن تصورها وحثوا على إنهاء الحرب في قطاع غزة يوم الاثنين خلال زيارتهم للجانب المصري من معبر رفح الحدودي، المدخل الوحيد للمساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقال مبعوث الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون، الذي سأله الصحفيون عما إذا كانت لديه رسالة للدول التي تعارض وقف إطلاق النار في غزة، ببساطة، "كفى".
وتؤيد غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقفا فوريا ودائما لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)،التي تسيطر على قطاع غزة، إذ تتفاقم الظروف السيئة لسكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واستخدمت الولايات المتحدة، التي تدعم إسرائيل، حق النقض (الفيتو) الأسبوع الماضي ضد طلب مقترح لمجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار حيث تضغط الدبابات والقوات الإسرائيلية في غزو أدى لنزوح معظم سكان غزة وقتل أكثر من 18 ألف شخص.
وشارك 12 من مبعوثي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الزيارة التي نظمتها دولة الإمارات لرفح، بعد أيام فقط من تحذير الأمين العام أنطونيو جوتيريش من أن آلاف الأشخاص في القطاع الفلسطيني المحاصر "يتضورون جوعا".
وبعد توجههم جوا إلى مدينة العريش، أطلعتهم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على الظروف في غزة قبل التوجه نحو رفح على بعد 48 كيلومترا.
وقال خوسيه دي لا جاسكا مندوب الإكوادور لدى الأمم المتحدة للصحفيين بعد مؤتمر الأونروا "الحقيقة أسوأ مما يمكن أن تعبر عنه الكلمات".
وأضاف "علينا أن نرى... سنشهد ما يحدث وما الذي يمكننا فعله لمعالجة الوضع".
وقالت مندوبة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا نسيبة، إنه جرى إبلاغ المبعوثين بأن سكان غزة يموتون بسبب سوء التغذية وانهيار النظام الطبي ونقص المياه والغذاء، إضافة إلى الصراع الفعلي في حد ذاته.
وتقصف إسرائيل غزة جوا وبرا وتفرض عليها حصارا ردا على هجوم نفذته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتقول إسرائيل إن هجوم حماس أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة. وتقول السلطات المعنية بقطاع الصحة في غزة إن حوالي 18 ألف شخص قتلوا جراء الهجمات الإسرائيلية وأصيب 49500.
وأُجبر الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على النزوح من ديارهم.
* الجوع منتشر
وصف فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا ما قال إنه "انهيار للمنظومة المدنية من الداخل" حيث ينهب سكان غزة الذين لم يتناولوا الطعام منذ أيام مراكز توزيع المساعدات ويوقفون الشاحنات على الطرق في محاولتهم تأمين الإمدادات لأسرهم.
وقال لازاريني "ليست هناك مساعدات كافية". وأضاف "الجوع يسود غزة. المزيد والمزيد من الناس لم يأكلوا لمدة يوم أو اثنين أو ثلاثة... معظم الناس ينامون على الخرسانة وحدها".
ووصف المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا الأوضاع في غزة بأنها "كارثية"، وقال إن الذين يعارضون وقف إطلاق النار يجب أن "يواجهوا الواقع ويحفظوا كرامة للفلسطينيين".
ورفض نيبينزيا اتهامات بأنه من النفاق إدانة إسرائيل، بينما غزت موسكو أوكرانيا.
ومرت مساعدات إنسانية محدودة ووقود إلى غزة عبر معبر رفح، لكن مسؤولي الإغاثة يقولون إنها لا تقترب من تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع.
وأثناء توجه المبعوثين صوب معبر رفح مروا على مئات الشاحنات المنتظرة على طول الطريق لتوصيل المساعدات إلى سكان غزة اليائسين.
وقالت السفيرة الإماراتية إن أبوظبي تنسق مع السلطات المعنية حتى يمكن ضخ المياه الصالحة للشرب في غزة من محطة تحلية تمولها الإمارات في مصر.
وبينما قطعت إسرائيل المياه عن غزة، من غير الواضح أيضا ما إذا كانت البنية التحتية للقطاع قادرة على تلقي مياه محلاة بعد أسابيع من القصف الإسرائيلي المكثف.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية دخلت غزة من مصر يوم الأحد وهو العدد ذاته المسجل في يوم السبت.
وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى أن هذا العدد "أقل بكثير" من المتوسط اليومي البالغ 500 حمولة شاحنة شاملة الوقود كانت تدخل كل يوم عمل قبل السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال موظف في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، تحدث للصحفيين شريطة عدم كشف هويته، إن المركز اللوجستي بالقرب من العريش كان يخزن أشياء منعت إسرائيل دخولها إلى غزة، بما في ذلك ألواح الطاقة الشمسية وأجهزة الكشف بالموجات فوق الصوتية. وقال الموظف إنه تم حظر هذه الأشياء لأنها كهربائية وتحتوي على معادن.
ويتفاوض مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا على مشروع قرار صاغته الإمارات يطالب الطرفين المتحاربين "بالسماح باستخدام جميع الطرق البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى غزة وفي جميع أنحائها" لإيصال المساعدات.
كما يتضمن مشروع القرار إنشاء آلية لمراقبة المساعدات تديرها الأمم المتحدة في قطاع غزة. ولم يتضح على الفور متى يمكن طرح مشروع القرار للتصويت.
وحذر جوتيريش مجلس الأمن رسميا يوم الأربعاء من التهديد العالمي الذي يشكله الصراع على السلم والأمن.
وقال للمجلس يوم الجمعة "نصف سكان الشمال وأكثر من ثلث النازحين في الجنوب يتضورون جوعا"، ثم انتقد المجلس لاحقا "لفشله" في المساعدة في التوصل إلى وقف إنساني لإطلاق النار.
وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا يوم الثلاثاء بشأن الوضع في غزة بناء على طلب البلدان العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي. وقال دبلوماسيون إن من المرجح أن تصوت الجمعية المؤلفة من 193 عضوا على مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
(شاركت في التغطية ميشيل نيكولز - إعداد محمود رضا مراد والشمياء سعد ومحمد محمدين للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)