دبي 17 ديسمبر كانون الأول (رويترز) - قال شهود إن قوات الدعم السريع شبه العسكرية اشتبكت مع الجيش خارج مدينة ود مدني بوسط السودان يوم السبت في هجوم فتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر ودفع الآلاف إلى الفرار.
وأظهر تسجيل مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حشودا من الناس وهم يجمعون أمتعتهم ويغادرون ود مدني سيرا (TADAWUL:1810) على الأقدام. وكان الكثيرون منهم قد لجأوا إلى المدينة هربا من العنف في العاصمة الخرطوم.
وقال أحمد صالح (45 عاما) لرويترز عبر الهاتف "الحرب تبعتنا إلى مدني لذا أبحث عن حافلة حتى أتمكن أنا وعائلتي من الفرار".
وأضاف "نعيش في الجحيم ولا يوجد أحد لمساعدتنا"، مشيرا إلى أنه يعتزم التوجه جنوبا إلى ولاية سنار.
وقال شهود إن الجيش السوداني الذي يسيطر على المدينة منذ بداية الصراع شن ضربات جوية على قوات الدعم السريع شرقي المدينة، وهي عاصمة ولاية الجزيرة، في إطار محاولته صد الهجوم الذي بدأ يوم الجمعة.
وأضاف الشهود أن قوات الدعم السريع ردت بالمدفعية وشوهدت تعزيزات تابعة لها تتحرك في اتجاه القتال.
وقال سكان إن مقاتلي قوات الدعم السريع شوهدوا أيضا في قرى شمالي وغربي المدينة خلال الأيام والأسابيع الماضية.
وقالت الأمم المتحدة إن 14 ألفا فروا من هذه المنطقة حتى الآن، وإن بضعة آلاف منهم وصلوا بالفعل إلى مدن أخرى. ولجأ نصف مليون شخص إلى ولاية الجزيرة، معظمهم من الخرطوم.
وحذرت نقابة أطباء السودان في بيان لها من أن المستشفيات في المنطقة، التي أصبحت مركزا إنسانيا وطبيا، أصبحت فارغة وقد تضطر إلى إغلاق أبوابها.
وأضافت في بيان "في هذه الأزمة، نوجه نداء عاجلا لإنقاذ أطفال دار الأيتام (المايقوما) الذين تم ترحيلهم من الخرطوم إلى مدني. هم الآن في مرمى النيران، حيث يوجد 251 طفلا و91 من الأمهات البديلات العاملات في الدار، جميعهم في وضع خطير ويحتاجون إلى مساعدة فورية".
ودعت وزارة الخارجية الأمريكية قوات الدعم السريع إلى وقف تقدمها في ولاية الجزيرة فورا والامتناع عن مهاجمة ود مدني. وحثت الوزارة أيضا القوات المسلحة السودانية على تجنب الاشتباكات مع قوات الدعم السريع وغير ذلك من الأعمال التي تعرض المدنيين للخطر.
وقالت الوزارة إن هناك "تقارير مثيرة للقلق" تشير إلى أن وحدات النخبة من قوات الدعم السريع توجهت لتعزيز الهجمات في اتجاه ود مدني، مما يعرض حياة المدنيين للخطر "بطريقة تتعارض مع مزاعم قوات الدعم السريع المعلنة بأنها تقاتل لحماية الشعب السوداني". وأضافت أن التقدم المستمر لقوات الدعم السريع قد يؤدي إلى إلحاق خسائر في صفوف المدنيين وتعطيل كبير لجهود المساعدة الإنسانية.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد "أحث قوات الدعم السريع على الامتناع عن شن الهجمات، وأحث جميع الأطراف على حماية المدنيين بأي ثمن. ستتم محاسبة مرتكبي (أعمال) الإرهاب".
ويثير القتال مخاوف بشأن مدن أخرى يسيطر عليها الجيش في جنوب وشرق السودان حيث لجأ عشرات الألوف من السكان.
وشكك الجيش وقوات الدعم السريع قبل أيام في مبادرة وساطة من الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) تهدف إلى إنهاء الحرب التي تسببت في أكبر نزوح داخلي في العالم وأثارت تحذيرات من وجود ظروف شبيهة بالمجاعة.
وفي الخرطوم ومدن في دارفور سيطرت عليها قوات الدعم السريع بالفعل، أبلغ السكان عن وقائع اغتصاب ونهب وقتل واحتجاز تعسفي. وهذه الجماعة متهمة أيضا بارتكاب جرائم قتل على أساس عرقي في غرب دارفور.
وتنفي قوات الدعم السريع هذه الاتهامات وتقول إنه ستتم محاسبة من يثبت تورطه في مثل هذه الجرائم من أفرادها.
وعلى جبهة أخرى، تحدث ناشطون عن تجدد الاشتباكات بعد هدوء نسبي على مدى أسابيع في محيط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وكانت قوات الدعم السريع التي تطوق المدينة أوقفت تقدمها في وقت سابق بعد إعلان جماعات مسلحة أخرى أنها ستتدخل.
كما تحدث سكان عن ضربات عنيفة شنها الجيش في نيالا بولاية جنوب دارفور وفي بحري، وهي إحدى المدن التي تشكل منطقة العاصمة الخرطوم.
وفي حين لم يصدر الجيش بيانا يتعلق بالقتال في ود مدني، وصفت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بأنها "إرهابية" بسبب "استهدافها المعلن لعدد من القرى والبلدات الآمنة في شرق ولاية الجزيرة التي تخلو من أي أهداف عسكرية".
واندلعت الحرب بين الطرفين في أبريل نيسان بعد خلافات حول خطط للانتقال السياسي ودمج قوات الدعم السريع في الجيش.
(تغطية صحفية خالد عبد العزيز - شارك في التغطية نفيسة الطاهر - إعداد محمد علي فرج ومحمد عطية وحسن عمار للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد وحسن عمار)