من أحمد حجاجي وألكسندر كورنويل وفيل ستيوارت
الكويت (رويترز) - توافد زعماء ومسؤولون كبار من دول عربية وأجنبية إلى دولة الكويت لتقديم التعازي في وفاة الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي وري جثمانه الثرى في وقت سابق يوم الأحد.
وأصبح الشيخ مشعل الأحمد الصباح (83 عاما) أمير الكويت خلفا لأخيه غير الشقيق بعد أن كان حاكما فعليا للكويت خلال معظم فترة حكم الشيخ نواف بسبب مرور الأخير بوعكة صحية.
واستقبل أمير الكويت الجديد يوم الأحد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى وملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
والكويت من كبار الدول الداعمة للقضية الفلسطينية.
كما استقبل أيضا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التونسي قيس سعيد وحاكم إمارة الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي ممثلا عن رئيس الإمارات، لتقديم العزاء.
كما حضر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لتقديم التعازي نيابة عن رئيس بلاده.
ووصل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى الكويت مساء وكان في استقباله وزير الخارجية الشيخ سالم عبد الله الصباح ووزير الدفاع الشيخ أحمد فهد الصباح.
وقال أوستن لنظيره الكويتي "أقدم تعازي القلبية بالنيابة عن الرئيس بايدن".
وأضاف عن الشيخ نواف "سنفتقده لكننا سنبني على إرثه".
كما زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الكويت لتقديم العزاء.
ووري جثمان الأمير الراحل الثرى بعد مسيرة استمرت ستة عقود في العمل العام، انصب تركيزه خلالها على القضايا الداخلية في الأساس.
* صلاة الجنازة
أدى الشيخ مشعل الأحمد صباح يوم الأحد صلاة الجنازة على الفقيد في مسجد بلال بن رباح بمنطقة الصِدّيق، بحضور الشيخ أحمد نواف الصباح رئيس الوزراء ونجل الأمير الراحل، وأحمد السعدون رئيس مجلس الأمة، والشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الأسبق، وجمع من المواطنين وأبناء الأسرة الحاكمة.
وشوهد حاكم الكويت الجديد وهو يذرف الدموع أثناء الصلاة.
وكان الأمير الراحل قد أدخل المستشفى في نهاية نوفمبر تشرين الثاني بسبب ما وصفتها وكالة الأنباء الرسمية وقتئذ بأنها وعكة صحية طارئة.
وقالت كريستين ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن "الكويت تعمل كعامل استقرار، حيث توفر الثقل في مواجهة رياح السياسة الخليجية الشاملة".
وأضافت "لقد أثبتت علاقاتها الاستباقية والبناءة إلى حد كبير مع العراق وإيران أنها مفيدة في مواجهة النزاعات الإقليمية الحادة".
وبموجب الدستور الكويتي يصبح ولي العهد أميرا بصورة تلقائية فور وفاة الأمير، لكنه لا يتولى السلطة إلا بعد أداء اليمين في البرلمان.
وبموجب الدستور فإن الأمير أمامه عام لاختيار ولي العهد الجديد، لكن عادة تلعب الأسرة الحاكمة دورا في الاختيار الذي يتم بالتوافق، ولا بد أن يحظى بموافقة مجلس الأمة (البرلمان).
وقال الأكاديمي الكويتي بدر السيف إنه من المتوقع أن يواصل الأمير الجديد جهود الحكومة الرامية لتبسيط الإجراءات في القطاع العام، وهي السياسة التي اتبعها الشيخ نواف.
وأضاف أنه من المرجح أن يواصل الشيخ مشعل جهود المصالحة، بما يشمل الطبقة السياسية المتنوعة والمنتقدين في المنفى أو السجن وأفراد الأسرة الحاكمة.
* "أمير المساواة"
وصف الأستاذ الجامعي عبد الله الملا (56 عاما) الشيخ نواف الأحمد بأنه "والدنا الكبير" قائلا إنه كان "أمير العفو والرحمة والمساواة.. الشعب الكويتي سيتذكر الشيخ (نواف) بتواضعه ورحمته وقربه من الناس. لم يكن يجعل بينه وبين أحد أي حاجز. الشعب كله عنده سواسية".
وقال عيد عبد الله الفريح، وهو متقاعد كويتي يبلغ من العمر 60 عاما، إنه كان معجبا بشدة بتواضع الأمير الراحل وتعاطفه ويعتقد أن الشيخ مشعل سيواصل جهود سلفه الرامية لتحسين العلاقات بين الحكومة والبرلمان.
وأضاف أن الكويت ستزدهر في عهده و"سيتحسن الوضع إن شاء الله".
وتولى الشيخ نواف الأحمد الحكم فترة زادت قليلا على ثلاث سنوات،عانى فيها من متاعب صحية جمة، وهي بكل حال مدة قصيرة نسبيا إذ استمر سلفه الشيخ صباح الأحمد الصباح في الحكم نحو 14 عاما.
وفي أواخر عام 2021 فوض الشيخ نواف الأحمد معظم صلاحياته لخليفته الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي أصبح حاكما فعليا للبلاد منذ ذلك الحين.
وحافظت الكويت، عضو منظمة أوبك التي تمتلك سابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، طوال عهد الأمير الراحل على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة حليفتها الرئيسية كما حافظت أيضا على التوازن في علاقاتها مع جيرانها، السعودية والعراق وإيران.
ومن المتوقع أن يواصل الأمير الجديد نفس النهج في السياسة الخارجية بما في ذلك تعزيز الوحدة الخليجية، والتحالفات الغربية، والعلاقات الجيدة مع الرياض، التي يتوقع أن تكون لها الأولوية.
* مراسم الجنازة
نقل جثمان الفقيد ملفوفا بعلم الكويت في مراسم خاصة بثها تلفزيون الكويت على الهواء مباشرة، إلى مقبرة الصليبخات حيث ووري الثرى.
وعلى طريق الدائري الخامس، وبجوار قصر بيان، وهو أحد قصور الحكم بالكويت، ارتفعت لافتة كبيرة كتب عليها "عظم الله أجركم يا أهل الكويت" مع صورة كبيرة للأمير الراحل.
وأغلقت وزارة الداخلية الطريق الذي سلكته الجنازة، في الاتجاهين، مع وجود أمني أكثر من المعتاد على طريق الدائري الخامس وفي منطقة الصديق بجوار قصر اليمامة، منزل الشيخ نواف، ومسجد بلال بن رباح.
وأعلن مجلس الوزراء يوم السبت الحداد الرسمي لمدة 40 يوما وإغلاق الدوائر الرسمية لمدة ثلاثة أيام تنتهي مساء يوم الثلاثاء.
تولى الشيخ نواف الأحمد الحكم في 2020 وكان حينها يبلغ من العمر 83 عاما، وهو أكبر أمير يتولى حكم البلاد، وتوفي عن عمر ناهز 86 عاما.
وتولى خلال حياته مناصب عدة في فترات زمنية مختلفة، منها وزارات الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية.
كان يُنظر للأمير الراحل باعتباره صانعا للتوافق بين الحكومة والبرلمان، اللذين قلما يتفقان في دولة تهيمن الصراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على المشهد السياسي فيها.
كما أصدر عفوا عن العديد من المواطنين والمعارضين المتهمين في قضايا ذات طابع سياسي أو أولئك الذي أدينوا في جرائم تتعلق بتوجيه انتقادات علنية لكبار المسؤولين أو بعض الدول.
وتمنى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في منشور على إكس لحاكم الكويت الجديد النجاح قائلا "أتمنى لأخي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح التوفيق والسداد في قيادة دولة الكويت الشقيقة نحو المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات. سنواصل العمل معا من أجل تعزيز علاقاتنا الأخوية لمصلحة شعبينا ودفع مسيرة العمل الخليجي المشترك إلى الأمام لما فيه الخير لشعوب المنطقة".
وقدمت أيضا كل من عمان ولبنان وروسيا التعازي في الأمير الراحل.
وقال الدكتور بدر الملا وزير النفط السابق والنائب الحالي في البرلمان "رحم الله من أحب الجميع بلا استثناء وأحبه الجميع بلا استثناء. رحم الله من عفا عند المقدرة وجمع الشتات وجمع الأقارب. وعزاؤنا لعضيده ومن صان عهده الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولآل الصباح الكرام".
(إعداد سلمى نجم ومحمد عطية للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)