من نضال المغربي وبسام مسعود ودان وليامز
القاهرة/غزة/القدس - تصاعد القتال في قطاع غزة يوم الخميس مع بعض من أعنف جولات القصف الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب وأظهرت حركة حماس قدرتها على إطلاق الصواريخ على تل أبيب بينما يجرى الطرفان المتحاربان محادثات وُصفت بأنها الأكثر "جدية" منذ أسابيع بشأن هدنة جديدة.
وكان القصف أكثر شدة على الجزء الشمالي من قطاع غزة حيث أمكن رؤية ومضات برتقالية من الانفجارات ودخان أسود مع بزوغ الفجر عبر السياج الحدودي في إسرائيل. وفي وقت لاحق قال سكان إن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق المناطق الوسطى والجنوبية وألقت قنابل تسببت في تصاعد أعمدة الدخان.
وفي تل أبيب العاصمة التجارية لإسرائيل، دوت صفارات الإنذار وانفجرت صواريخ في السماء بعد أن اعترضتها الدفاعات الإسرائيلية. وذكر موقع واي نت الإخباري الإسرائيلي أن شظايا سقطت على مدرسة لكن الأطفال كانوا في ملاجئ ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أنها أطلقت وابلا من الصواريخ ردا على قتل إسرائيل للمدنيين. لكن مع وجود إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة في مصر لإجراء محادثات بخصوص الهدنة، يبدو بوضوح أن هجوم الصواريخ يستهدف بعث رسالة دبلوماسية مفادها أن الحرب المستعرة منذ عشرة أسابيع والتي دمرت معظم قطاع غزة فشلت في تدمير قدرة حماس على إطلاق الصواريخ.
ولا يزال الجانبان متباعدين بشكل علني. وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا بالقتال حتى القضاء على حماس التي أرسلت مقاتلين عبر الحدود إلى جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول واحتجزت حوالي 240 رهينة وقتلت 1200 شخص، بحسب إسرائيل. وقال لأعضاء حماس في بيان "استسلموا أو موتوا".
فيما قالت حماس مشيرة إلى الفصائل الفلسطينية "هناك قرار وطني فلسطيني بأنه لا حديث حول الأسرى ولا صفقات تبادل إلا بعد وقف شامل للعدوان".
وقال سكان جباليا في شمال القطاع على مقربة من الحدود الإسرائيلية إن المنطقة باتت معزولة بالكامل إذ يطلق قناصة إسرائيليون النار الآن على أي شخص يحاول الفرار.
وقال أحد سكان جباليا الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية التعرض للتنكيل "كانت إحدى أسوأ الليالي من ناحية قصف الاحتلال".
ومنذ بدء الحرب تقول وزارة الصحة الفلسطينية إنه تأكد مقتل زهاء 20 ألفا من سكان غزة، كما يُعتقد أن جثث آلاف آخرين تحت الأنقاض. ونزح كل سكان غزة تقريبا وعددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.
وذكر تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن جميع سكان غزة يواجهون مستويات أزمة الجوع. وأضاف التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أن خطر المجاعة يتزايد كل يوم.
وقال عارف حسين، كبير الاقتصاديين ومدير الأبحاث في برنامج الأغذية العالمي "يؤكد هذا التقرير أسوأ مخاوفنا".
وأضاف في مقابلة مع رويترز "لقد كنت أفعل ذلك على مدى العشرين عاما الماضية. لقد زرت أفغانستان، وذهبت إلى اليمن وسوريا وجنوب السودان وإثيوبيا وشمال شرق نيجيريا. لكنني لم أر قط شيئا بهذا السوء يحدث بهذه السرعة".
وقال سكان إن إسرائيل كثفت القصف عصر يوم الخميس على حي الشيخ رضوان في مدينة غزة. وقالت حماس والجهاد الإسلامي إنهما أطلقتا صواريخ وقذائف هاون على القوات الإسرائيلية التي احتشدت على جانب غزة من الحدود. ولم يتسن لرويترز تأكيد التقارير ذات الصلة بساحة المعركة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن لديه تقارير عن قيام القوات الإسرائيلية باقتحام مركز إسعاف في جباليا واعتقال المسعفين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول التقرير للتعليق عليه، وإنه يلتزم بالقانون الدولي ويتخذ "الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين".
وقالت منظمة الصحة العالمية إن آخر مستشفى في شمال قطاع غزة توقف فعليا عن العمل في اليومين الماضيين مما يعني أنه لم يعد هناك مكان لاستقبال المصابين.
* محادثات جادة وطرفان متباعدان علنا
مع احتدام الاشتباكات، تتكثف الجهود الدبلوماسية في الأيام الأخيرة من العام لدرء كارثة إنسانية والاتفاق على هدنة جديدة للإفراج عن بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وأجرى هنية محادثات في مصر لليوم الثاني في تدخل شخصي نادر أشار فيما سبق إلى أن الجهود الدبلوماسية بلغت مراحل مهمة. وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن زعيمها في طريقه إلى القاهرة أيضا.
وقال المتحدث بالبيت الأبيض جون كيربي للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية يوم الأربعاء "هذه مناقشات ومفاوضات جادة للغاية، ونأمل أن تؤدي إلى نتيجة ما". وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن "نمارس الضغوط".
وفي السابق، التقت دول الوساطة ومنها مصر وقطر بشكل منفصل مع إسرائيل وحماس وجماعات أخرى، لكن لم ترد تفاصيل حول من يكون قد تواصل مع أي طرف إسرائيلي يوم الخميس.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن المفاوضات بشأن الإفراج عن الرهائن جارية لكنه رفض الإدلاء بتفاصيل.
وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لهنية، لرويترز "لا نستطيع الحديث عن مفاوضات في وقت تستمر فيه إسرائيل في عدوانها. مناقشة أي أطروحة تتعلق بالأسرى يجب أن تتم بعد وقف العدوان".
وقال الجيش الإسرائيلي إنه دمر شبكة أنفاق في مدينة غزة عثر عليها في الأيام القليلة الماضية مضيفا أنها تخدم كبار قادة حماس. ونشر الجيش مقطع فيديو يظهر ما يبدو أنه خط طويل من النيران يندلع في وسط مدينة غزة.
وقال مسؤولون في حماس إن ضربة جوية إسرائيلية على معبر رفح صباح يوم الخميس قتلت أربعة بينهم العقيد بسام غبن، المدير المعين من قبل حماس لمعبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه لا علاقة له بالأمر قائلا إنه "ليس لدينا دراية بهذه الحادثة".
وسمحت إسرائيل بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم هذا الأسبوع فقط مما زاد من حجم المساعدات، إلا أن وكالات الأمم المتحدة تقول إنها لا تزال أقل من الاحتياجات الهائلة إذا قورنت بحجم المساعدات التي كانت تدخل قبل الحرب.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي يوم الخميس على قرار لزيادة المساعدات للقطاع بعد تأجيل التصويت بناء على طلب الولايات المتحدة. وتمنح مسودة القرار الأمم المتحدة دورا أوسع في الإشراف على شحنات المساعدات، وهو ما يُنظر إليه على أنه يضعف سيطرة إسرائيل.
وقالت واشنطن إن هناك مخاوف من أن القرار في شكله الحالي "قد يبطئ بالفعل" عمليات تسليم المساعدات.
(تغطية صحفية إيدن لويس من لندن وستيف هولاند على متن طائرة الرئاسة الأمريكية - إعداد محمد محمدين وسامح الخطيب للنشرة العربية - تحرير سها جادو ورحاب علاء)