من ميشيل نيكولز ونضال المغربي ودان وليامز
الأمم المتحدة/القاهرة/القدس (رويترز) - وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة على مبادرة مخففة لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة لكنها لم تصل إلى حد الدعوة لوقف إطلاق النار بعد ساعات من إشارة إسرائيل إلى أنها توسع هجومها البري في القطاع الفلسطيني.
واختارت الولايات المتحدة، وهي الحليف الرئيسي لإسرائيل والتي هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن على مدى أيام من المناقشات، الامتناع عن التصويت بعد تغيير صياغة تتعلق بالأعمال العدائية ومراقبة المساعدات، وهي الخطوة التي سمحت بمواصلة التصويت.
ودعمت واشنطن مرارا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكن تزايدت انتقاداتها فيما يتعلق بمعاناة سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وسط ارتفاع في عدد القتلى والأزمة الإنسانية في القطاع.
وقالت وزارة الصحة بغزة في آخر تحديث لها عن الخسائر البشرية إن 20057 فلسطينيا قتلوا وأصيب 53320 في الضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ودعا قرار مجلس الأمن الذي تم تبنيه "إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق وواسع النطاق وتهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال العدائية". وكانت المسودة الأولى تدعو إلى "وقف عاجل ومستدام للأعمال العدائية" للسماح بوصول المساعدات.
وتعارض الولايات المتحدة وإسرائيل وقف إطلاق النار، باعتقاد أنه لن يفيد سوى حماس. لكن واشنطن تؤيد في المقابل إقرار هدنة مؤقتة لحماية المدنيين وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
ولم يخفف القرار من رقابة إسرائيل على جميع المساعدات التي يتم تسليمها إلى غزة. وتراقب إسرائيل وصول المساعدات المحدودة إلى غزة عبر معبر رفح من مصر ومعبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل.
وتعهدت الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس بعد أن شن مقاتلوها هجوما عبر الحدود في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أدى بحسب الإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة.
وبعد تبني القرار قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد (NASDAQ:GILD) إردان "تركيز الأمم المتحدة فقط على آليات المساعدات لغزة لا ضرورة له ومنفصل عن الواقع. تسمح إسرائيل بالفعل بتسليم المساعدات بالمستوى المطلوب... كان ينبغي للأمم المتحدة أن تركز على الأزمة الإنسانية للرهائن".
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن بلاده "ستواصل الحرب حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن والقضاء على حماس في قطاع غزة".
وقالت حماس في بيان إنها ترى أن قرار الأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية غير كاف لتلبية احتياجات غزة.
وتواجه إسرائيل انتقادات عالمية متزايدة بشأن محنة سكان غزة بينما تواصل الحرب. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الجمعة إن الطريقة التي تنفذ بها إسرائيل عمليتها العسكرية "تضع عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات الإنسانية" داخل القطاع.
وقالت إسرائيل في وقت سابق إن 5405 شاحنات مساعدات تحمل الغذاء والمياه والإمدادات الطبية دخلت غزة منذ بداية الحرب. وتقول منظمات الإغاثة إن ما يصل إلى غزة جزء يسير من الاحتياجات. وذكر تقرير لهيئة تدعمها الأمم المتحدة يوم الخميس أن خطر المجاعة يتزايد يوما بعد يوم.
* ضربات جوية وقصف مدفعي
مع تضاؤل الآمال في تحقيق انفراجة وشيكة في المحادثات الجارية في مصر لمحاولة إقناع إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالاتفاق على هدنة جديدة، وردت أنباء عن وقوع ضربات جوية وقصف مدفعي وقتال في أنحاء القطاع الفلسطيني يوم الجمعة.
وأمر الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة سكان البريج في وسط غزة بالتحرك جنوبا على الفور، مما يشير إلى محور تركيز جديد للهجوم البري الذي دمر بالفعل شمال القطاع ونفذت خلاله القوات الإسرائيلية سلسلة من الاجتياحات في الجنوب.
وحزم بعض السكان أمتعتهم على متن عربات تجرها الحمير وغادروا، لكن لم تظهر حتى الآن أي إشارات على مغادرة عدد كبير من السكان من المنطقة لينضموا إلى مئات الألوف من النازحين من مناطق أخرى.
وقال زياد، وهو مسعف وأب لستة أطفال، لرويترز عبر الهاتف "أين يجب أن نذهب؟ لا يوجد مكان آمن". وأضاف "يطلبون من الناس التوجه إلى دير البلح (وسط غزة) حيث يقصفون ليل نهار".
وأفاد سكان بوقوع قصف مدفعي إسرائيلي للمناطق الشرقية من البريج.
واشتبكت القوات الإسرائيلية في السابق مع مسلحين من حماس على مشارف البريج لكنها لم تتوغل بعد في المنطقة التي كانت في الأصل مخيما للاجئين الفلسطينيين منذ حرب عام 1948.
وفي الجنوب قال موظف إغاثة فلسطيني إن أربعة مدنيين على الأقل قتلوا في غارة جوية على سيارة في رفح. وأظهر مقطع مصور صبيا، وجهه ملطخ بالدماء، وفتاة، يُنقلان من مكان الحادث. ولم يصدر تعليق من إسرائيل حتى الآن.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في منشور على منصة (إكس) للتواصل الاجتماعي "بعد مرور أكثر من شهرين على بدء الحرب، حولت الغارات الإسرائيلية العشوائية على غزة شمال القطاع إلى كومة من الأنقاض... ويصل إلى مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب القطاع المزيد من القتلى والجرحى بشكل يومي تقريبا... لا مكان آمنا".
وعبر الجيش الإسرائيلي عن أسفه لمقتل مدنيين لكنه حمل حماس مسؤولية ذلك قائلا إن الحركة الفلسطينية تنشط في مناطق مكتظة بالسكان أو تستخدم المدنيين دروعا بشرية، وهو ما تنفيه حماس.
وتقول إسرائيل إن 140 من جنودها قتلوا منذ الاجتياح البري لغزة في 20 أكتوبر تشرين الأول.
وذكرت وكالة شهاب للأنباء التابعة لحركة حماس أن قصفا عنيفا وضربات جوية جرى شنها على جباليا البلد ومخيم جباليا للاجئين في شمال غزة وأن آليات إسرائيلية تحاول التقدم من الجهة الغربية لجباليا وسط دوي إطلاق النار.
وأظهرت تقارير في وسائل الإعلام الفلسطينية ولقطات مصورة تداولها سكان غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي جثثا متناثرة في أحد الشوارع وأخرى تحت الأنقاض قرب المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا بشمال غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته الجوية دمرت موقعا لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى في جحر الديك بوسط غزة وهو الموقع الذي قال إنه "تم منه تنفيذ عمليات الإطلاق الأحدث على الأراضي الإسرائيلية"، في إشارة محتملة إلى هجوم على تل أبيب يوم الخميس.
وقالت مجموعة تمثل عائلات الرهائن المحتجزين في غزة يوم الجمعة إن أحد الرهائن، ويدعى غادي حجي، البالغ من العمر 73 عاما ويحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية، توفي في الأسر بالقطاع. ولم تذكر المجموعة تفاصيل عن ذلك أو عن كيفية حصولها على هذه المعلومات.
(تغطية صحفية من نضال المغربي في القاهرة ودان وليامز في القدس وتغطية إضافية من بسام مسعود في غزة وميشيل نيكولاس في الأمم المتحدة ونفيسة الطاهر في القاهرة - إعداد رحاب علاء ونهى زكريا ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)