من أوميت بكتاش و جيدا تشاغليان
بورصة (تركيا) (رويترز) - يرقد عبد العليم معيني على السرير وينظر إلى صور أطفاله وزوجته الذين ماتوا بجانبه في زلزال تركيا قبل عام، متأملا كيف تحطمت الحياة الجديدة التي بنوها في جنوب تركيا بعد فرارهم من الحرب في سوريا.
وكان الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة أخطر كارثة في تاريخ تركيا الحديث، إذ دمر بلدات ومساحات من المدن في جنوب شرق البلاد وسوريا المجاورة. وقُتل أكثر من 50 ألف شخص في تركيا ونحو 5900 شخص في سوريا وتسبب في تشريد الملايين.
وجرى إنقاذ معيني (34 عاما)، وهو غير قادر على المشي حاليا، من تحت أنقاض شقته المنهارة في هاتاي بعد حوالي ثلاثة أيام من الزلزال الذي وقع ليلا.
وكان الوقت قد فات بالنسبة لزوجته إسراء التي كانت محاصرة هناك بجانبه وابنه محسن البالغ من العمر عشر سنوات وابنته بصيرة ذات السبع سنوات. وكانوا قادرين على التحدث مع بعضهم البعض لمدة 12 ساعة تقريبا قبل أن يموت الطفلان وتلحق بهما الأم.
وانتشرت صورة معيني وهو ينظر من تحت الأنقاض ويشير بضعف إلى رجال الإنقاذ وجثة زوجته بجانبه في أنحاء العالم.
وقال معيني في الذكرى السنوية الأولى لزلزال السادس من فبراير شباط "أفتقد قضاء الوقت مع أُسرتي كثيرا".
وبُترت إحدى ساقيه وأُصيبت الأخرى بشلل من تحت الركبة جراء ضغط الخرسانة بعد الزلزال، وكانت هاتاي الإقليم الأكثر تضررا في المنطقة التي ضربها الزلزال والتي تقدر بحجم هولندا وبلجيكا مجتمعتين.
وانتقل معيني من الجنوب إلى بورصة في الشمال الغربي ليعيش مع والدته وشقيقته وأطفالها الثلاثة ويتلقى العلاج الطبيعي ويحلم بساق صناعية حتى يتمكن من العودة إلى العمل وسداد الفواتير وربما العودة إلى وطنه سوريا لاحقا.
وقال معيني "عاد شقيقاي إلى هاتاي لأنهما لم يتمكنا من العثور على وظيفة هنا. وهما يعملان الآن في مشاريع البناء وهذا على الأرجح ما سأفعله أيضا".
وقال لرويترز في شقة شقيقته المكونة من ثلاث غرف في أحد أحياء بورصة الذي يضم الكثير من المتاجر السورية ولافتات باللغة العربية "أولا أحتاج إلى طرف صناعي. ثم يمكنني العودة إلى هاتاي والبحث عن عمل".
وفر معيني مع زوجته وابنه في عام 2016 من شمال غرب سوريا الذي مزقته الحرب، حيث كان يبيع أجهزة الكمبيوتر، إلى تركيا، حيث كان يكسب قوته من بيع الفواكه والخضروات. واستقبلت تركيا ملايين اللاجئين السوريين من الحرب التي استمرت نحو 13 عاما.
وفي بورصة، يزيد الإيجار بخمس مرات عن في هاتاي، ويقول معيني إنه يعتمد على شقيقه للمساعدة في دفع ثمن ذلك والطعام. وتتراكم الفواتير الطبية وتشمل تغطية جراحة المثانة المتعلقة بإصابات الزلزال.
وتقول ميرفي أكيوز طبيبة العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل في مستشفى مدينة بورصة، إنه في حين أن العلاج الطبيعي الذي بدأ مؤخرا للساق المشلولة يوفر بارقة أمل لمعيني، إلا أن الأمر سيستغرق وقتا حتى يتمكن من المشي مرة أخرى.
وأضافت "بعد العلاج الطبيعي والأطراف الصناعية، يمكنه مواصلة حياته اليومية.. لكن أمامنا عملية علاج طويلة".
وقال معيني، الذي يحتاج إلى المساعدة في النهوض من السرير والقيام بمعظم المهام الأخرى، إن كل ما يمكنه فعله الآن هو قراءة القرآن والصلاة والدردشة مع الأصدقاء والأقارب.
وعند سؤاله عما إذا كان نادما على قدومه إلى تركيا، قال "لا، إنه القدر... لا أعرف ماذا حدث لمنزلي في حلب. لكن ربما أستطيع العودة ذات يوم عندما تنتهي الحرب بالكامل".
(إعداد شيرين عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)