من نضال المغربي وحميرة باموق
الدوحة/الرياض (رويترز) - التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يوم الاثنين في زيارة يأمل الفلسطينيون أن تفضي إلى هدنة قبل هجوم تهدد إسرائيل بشنه على رفح، المدينة الحدودية التي يحتمي بها نحو نصف سكان القطاع.
ووصل بلينكن إلى الرياض في مستهل أول جولة له إلى الشرق الأوسط منذ أن توسطت واشنطن في اقتراح شاركت فيه إسرائيل بخصوص أول وقف طويل الأمد لإطلاق النار في الحرب.
واستمر اجتماع بلينكن مع الأمير محمد ساعتين تقريبا.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن والأمير محمد ناقشا التنسيق الإقليمي لبلوغ "نهاية دائمة" للأزمة. وقال ميلر في بيان "شدد الوزير على أهمية تلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة ومنع المزيد من انتشار الصراع".
ولم يرد بلينكن على أسئلة الصحفيين في طريق عودته إلى الفندق الذي ينزل به.
ولم ترد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بعد على العرض الذي سلمه إليها وسطاء قطريون ومصريون الأسبوع الماضي وتقول إنها تريد مزيدا من الضمانات بأن هذا العرض سينهي الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر في قطاع غزة.
وقال مسؤول أمريكي كبير للصحفيين في الطريق إلى الرياض "من المستحيل القول ما إذا كنا سنحقق انفراجة ومتى سنحققها... الكرة الآن في ملعب حماس".
وبعيدا عن اتفاق الهدنة، يسعى بلينكن إلى الحصول على دعم للخطط الأمريكية في المرحلة القادمة مثل إعادة بناء غزة وإدارتها وإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. وترفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية في الوقت الراهن.
وتحاول واشنطن منع تفاقم التصعيد في أماكن أخرى بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد أيام من الضربات الجوية التي شنتها على فصائل مسلحة متحالفة مع إيران في أرجاء الشرق الأوسط.
وقال ميلر إن بلينكن وولي العهد ناقشا الحاجة الملحة لخفض التوتر الإقليمي.
وفي لندن، قال وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس أمام البرلمان يوم الاثنين إن الضربات الجوية أضعفت قدرات الحوثيين في اليمن على استهداف الملاحة في البحر الأحمر لكن التهديد "لم يتضاءل بالكامل".
* "النصر المبين"
واصلت إسرائيل شن الهجمات وهددت باجتياح بري جديد لمدينة رفح الصغيرة على حدود القطاع الجنوبية مع مصر، حيث يتكدس نحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، معظمهم في خيام.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أثناء زيارته لقوات الجيش يوم الاثنين إن أكثر من نصف مقاتلي حماس قتلوا أو أصيبوا في المعارك وإن الجيش سيواصل القتال حتى تحقيق "النصر المبين".
ورفض سامي أبو زهري، القيادي في حماس، ما أعلنه نتنياهو وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يمارس لعبة صناعة الانتصارات الوهمية ويحاول التغطية على فشله المتراكم في مواجهة المقاومة".
وقالت مصادر على دراية بالمحادثات إن مقترح وقف إطلاق النار يشمل هدنة لمدة 40 يوما على الأقل ستطلق خلالها حماس سراح رهائن من بين من تحتجزهم، على أن يعقب ذلك تسليم الجنود وجثامين القتلى.
واستمرت الهدنة السابقة أسبوعا واحدا.
وقال يامن حمد (35 عاما) وهو أب لأربعة أطفال بمدرسة تابعة للأمم المتحدة في دير البلح بوسط غزة تم التواصل معه عبر تطبيق مراسلة "بدنا الحرب تنتهي، وبدنا نرجع لبيوتنا، هاد كل إللي بدنا إياه في هاي المرحلة". وتعد المنطقة واحدة من الأماكن القليلة التي لم تتقدم فيها الدبابات الإسرائيلية بعد، وهي مكتظة الآن بعشرات الآلاف من العائلات النازحة.
وأضاف "طول اليوم كل إللي بنعمله إنه بنسمع الأخبار في الراديوهات الصغيرة وبنتابع الأخبار على الإنترنت بندور على أمل، بنتأمل إنه بلينكن يضغط على نتنياهو ويقوله بيكفي ونتأمل من فصائلنا إنه يكون قرارها في مصلحة شعبنا الفلسطيني".
* القتال في خان يونس ومدينة غزة
في واحدة من أكبر المعارك في الحرب، تقدمت الدبابات الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين في خان يونس، المدينة الرئيسية في الجنوب.
وتجدد القتال في مدينة غزة شمال القطاع، في مناطق كانت إسرائيل قد أعلنت أنها أخضعتها لسيطرتها في أول شهرين من الحرب.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين إن قواته قتلت عشرات المسلحين الفلسطينيين في مناطق بشمال ووسط وجنوب قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ومع حلول ليل يوم الاثنين، قال سكان في مدينة خان يونس إن الدبابات الإسرائيلية كثفت قصفها للمناطق السكنية في محيط مستشفى ناصر، أكبر منشأة طبية لا تزال تعمل في الجنوب، مما أدى إلى اشتعال النيران في بعض المنازل.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه جرى إجلاء نحو ثمانية آلاف نازح من مستشفى الأمل ومقر الجمعية في خان يونس بعد أن حاصرتهم القوات الإسرائيلية لمدة أسبوعين، مضيفا أن معظم النازحين توجهوا إلى رفح جنوبا ودير البلح شمالا.
ولا يزال المستشفى يضم 40 نازحا فقط من كبار السن بالإضافة إلى نحو 80 مريضا ومئة من الطواقم الإدارية والطبية.
وقال فلسطينيون إن قتالا عنيفا اندلع في مدينة غزة، ولاسيما في المناطق الغربية القريبة من ساحل البحر المتوسط والتي تعرضت لقصف السفن الحربية الإسرائيلية.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن قافلة غذاء تعرضت لإطلاق نار وهي في طريقها إلى هناك دون وقوع إصابات.
وأضافت الوكالة أنها قد تضطر إلى وقف عملياتها في المنطقة بنهاية هذا الشهر بعد أن سحب المانحون تمويلهم في أعقاب مزاعم إسرائيلية بضلوع بعض موظفي الوكالة في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي شنته حركة حماس على إسرائيل.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الاثنين تعيين وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا لقيادة مراجعة مستقلة للنظر في هذه المزاعم.
وتقول سلطات غزة إن أكثر من 27 ألف فلسطيني تأكد مقتلهم في الهجوم الإسرائيلي، فيما تقبع جثث آلاف آخرين تحت الأنقاض. وتقول إسرائيل إنها فقدت 226 جنديا في الهجوم العسكري في غزة منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول التي أدت إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وأذكت الحرب في غزة أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، وهي منطقة أخرى يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.
وقالت الشرطة الإسرائيلية يوم الاثنين إن قواتها قتلت رجلا يحمل سكينا حاول مهاجمتها بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم، وهي مستوطنة كبيرة في الضفة الغربية.
وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن فتى فلسطينيا يبلغ من العمر 14 عاما قُتل في هذه الواقعة.
(تغطيصة صحفية نضال المغربي في الدوحة وحميرة باموق في الرياض - شارك في التغطية دان وليامز في القدس - إعداد نهى زكريا ومحمد حرفوش وعبد الحميد مكاوي ومحمد عطية ومحمود رضا مراد للنشرة العربية)