من نضال المغربي وحميرة باموق
الدوحة/تل أبيب (رويترز) - قصفت القوات الإسرائيلية يوم الخميس مناطق في مدينة رفح الحدودية جنوب قطاع غزة حيث نزح أكثر من نصف سكان غزة بعد يوم من رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اقتراحا لإنهاء الحرب في القطاع الفلسطيني.
وفي علامة على أن الجهود الدبلوماسية لم تنته بعد، وصل وفد من حماس برئاسة القيادي البارز خليل الحية إلى القاهرة يوم الخميس لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار مع وسطاء من مصر وقطر.
وقال نتنياهو يوم الأربعاء إن الشروط التي طرحتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أجل وقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة منذ أربعة أشهر والتي تشمل أيضا الإفراج عن المحتجزين لدى الحركة، "مضللة" وتعهد بمواصلة القتال وقال إن النصر بات قريبا وعلى بعد أشهر فقط.
ويعلق سكان غزة آمالا كبيرة على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت المناسب لتفادي هجوم تهدد به إسرائيل على رفح التي يعيش فيها الآن أكثر من مليون شخص، كثيرون منهم في خيام مؤقتة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين "أي عملية عسكرية كبيرة في رفح في هذا الوقت، وفي ظل هذه الظروف... ستكون كارثة، ولن نؤيدها".
وقال سكان إن طائرات إسرائيلية قصفت مناطق في رفح صباح يوم الخميس مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا بسبب غارات على منزلين. كما قصفت دبابات بعض المناطق شرق رفح مما زاد من مخاوف السكان من هجوم بري وشيك.
وفي رفح، شيع فلسطينيون جثامين أشخاص قتلوا في غارة جوية على حي تل السلطان. وحمل رجل جثمان طفل صغير.
ويقول عماد (55 عاما) وهو نازح وأب لستة أبناء "احنا ظهرنا للسلك الحدودي ووجوهنا للبحر، وين بدنا نروح؟"
وتقول إسرائيل إنها تتخذ إجراءات لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتتهم مسلحي حماس بالاندساس بين المدنيين، بما في ذلك في مدارس مستخدمة كملاجئ ومستشفيات، وهو ما يؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين. ونفت حركة حماس هذه الاتهامات.
وحذرت وكالات إغاثة من وقوع كارثة إنسانية إذا نفذت إسرائيل تهديدها باقتحام إحدى آخر المناطق المتبقية التي لم تدخلها قواتها خلال هجومها البري على قطاع غزة.
وقالت أم مهدي حنون وهي تقف بين الأقفاص داخل مزرعة للدواجن حيث تعيش أسرتها الآن مع أربع أسر أخرى "اليوم إحنا نعيش في مكان مؤهل للحيوانات.. تخيل طفل ينام في قفص دجاج".
وأضافت "المكان سيء جدا. المياه بتنزل علينا. البرد قارس جدا جدا على الأطفال والكبار والمرضى... أحيانا بنتمنى أنه مايطلعش علينا الصبح".
* مسعى دبلوماسي
ورغم رفض إسرائيل اقتراح حماس، فمن المقرر إجراء مزيد من المحادثات وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولته الخامسة في المنطقة منذ بداية الحرب إنه يرى فرصة لمزيد من التفاوض.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن عدد القتلى المدنيين ما زال مرتفعا جدا، وأكد من جديد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية يجب أن تراعي المدنيين في المقام الأول.
ومضى يقول "هذا صحيح خاصة في حالة رفح، حيث يوجد ما بين 1.2 و1.4 مليون شخص، كثيرون منهم نزحوا من مناطق أخرى في غزة".
وأضاف أنه اقترح في المحادثات مع الزعماء الإسرائيليين بعض السبل لتقليص الضرر لكنه لم يسهب في تفاصيل. وغادر بلينكن عائدا إلى الولايات المتحدة بعد ظهر يوم الخميس.
وقالت مصادر أمنية مصرية إنه من المتوقع أن يلتقي الوفد برئيس المخابرات المصرية عباس كامل وفريق الوساطة المصرية في غزة.
واقترحت حماس التي تدير قطاع غزة وقفا لإطلاق النار لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، يتم خلالها إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع والتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.
وجاء عرض حماس ردا على مقترح وضعه قادة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية وسلمه وسطاء قطريون ومصريون للحركة الأسبوع الماضي.
وتقول حماس إنها لن توافق على أي اتفاق لا يتضمن وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي. وتقول إسرائيل إنها لن تنسحب أو توقف القتال حتى يتم القضاء على الحركة.
* تزايد عدد القتلى
أطلقت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة بعد هجوم شنه مقاتلون من حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الخميس إن قواته قتلت في اليوم السابق أكثر من 20 مسلحا فلسطينيا في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة التي شهدت بعضا من أعنف القتال خلال الحرب حتى الآن. وتكررت يوميا ادعاءات مماثلة، لا يمكن التثبت منها بشكل مستقل، منذ بدء اقتحام المدينة الشهر الماضي.
وخان يونس هي مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال ضابط إسرائيلي برتبة كبيرة إن الجيش يعتقد أن السنوار يختبئ هناك.
وأضاف الجيش أن قواته ألقت القبض على عشرات المسلحين المشتبه بهم منهم اثنان يقول إنهما ربما شاركا في هجوم حماس على إسرائيل. وأطلقت إسرائيل سراح 71 فلسطينيا اعتقلتهم سابقا.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 27840 فلسطينيا قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي، وأصيب أكثر من 67 ألفا آخرين.
واستمر القصف الإسرائيلي على مدينتي خان يونس ودير البلح وسط قطاع غزة طوال الليل مما أدى إلى مقتل الصحفي في تلفزيون فلسطين نافذ عبد الجواد وابنه.
وقال سكان ومقاتلون إن مدينة غزة في شمال القطاع شهدت معارك جديدة رغم زعم إسرائيل أنها سيطرت على المدينة قبل شهور.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن الوكالة مُنعت من توصيل الغذاء إلى مناطق "حددتها على أنها جيوب غارقة في الجوع" وأصبح الناس فيها على حافة المجاعة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الجيش الإسرائيلي يجرف البنية التحتية المدنية لإنشاء منطقة عازلة داخل السياج الحدودي لقطاع غزة، مضيفا أن هذا الإجراء قد يمثل جريمة حرب.
ونفى مسؤول عسكري إسرائيلي كبير ذلك قائلا "عملياتنا على طول الحدود تستهدف كشف الأنفاق. وهذا لا علاقة له بمنطقة عازلة في الوقت الحالي".
وقالت الولايات المتحدة إنها على علم بتقارير تتحدث عن اعتقال القوات الإسرائيلية لمواطنين أمريكيين اثنين في غزة، وإنها تسعى للحصول على مزيد من المعلومات.
(شارك في التغطية آندرو ميلز وسامية نخول من الدوحة وبسام مسعود من غزة - إعداد الشيماء سعد وشيرين عبد العزيز ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير سها جادو ومحمود رضا مراد)