من سامية نخول ونضال المغربي وصالح سالم
دبي/القاهرة/رفح (رويترز) - عبر كل من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والوسطاء القطريون يوم الثلاثاء عن حذرهم حيال التقدم المحرز للتوصل إلى هدنة في غزة، بعدما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يعتقد أنه يمكن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار خلال أقل من أسبوع بما يوقف الحرب خلال شهر رمضان.
وتدرس حماس حاليا المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل في مباحثات مع وسطاء في باريس الأسبوع الماضي لهدنة ستوقف القتال لمدة 40 يوما، والتي ستكون أول توقف طويل في الحرب الدائرة منذ خمسة أشهر. ولدى الجانبين وفدان في قطر لوضع التفاصيل.
وأفاد مصدر مطلع على المباحثات بأن المقترح يشمل إطلاق حماس سراح بعض وليس كل الرهائن الذين تحتجزهم مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في القطاع الفلسطيني.
لكن العرض لا يلبي فيما يبدو المطلب الرئيسي الذي قدمته حماس بأن يشمل أي اتفاق مسارا واضحا لنهاية دائمة للحرب وانسحابا إسرائيليا من غزة، أو التوصل إلى حل بخصوص الرهائن الإسرائيليين في عمر الخدمة العسكرية.
وقال بايدن في برنامج حواري أذيع بعد منتصف الليل إن إسرائيل وافقت بالفعل على وقف القتال في غزة خلال شهر رمضان الذي سيبدأ في العاشر من مارس آذار. وقال الرئيس يوم الاثنين إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بحلول الرابع من مارس آذار.
وفي الأمم المتحدة بنيويورك، أبلغ مسؤولون في الإغاثة مجلس الأمن يوم الثلاثاء أن ربع سكان غزة على بعد "خطوة واحدة" من المجاعة.
وقال روبرت وود، نائب السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة "ببساطة، يجب على إسرائيل أن تفعل المزيد" لزيادة تدفق المساعدات.
وفي مقابلة مع صحيفة جارديان، اتهم مايكل فخري، الخبير المعين من قبل الأمم المتحدة في مجال الحق في الغذاء، إسرائيل "بحرمان الناس عمدا من الغذاء" في غزة، واصفا ذلك بأنه "جريمة حرب واضحة".
وقال نائب السفير الإسرائيلي بالأمم المتحدة جوناثان ميلر إن إسرائيل ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في غزة، مضيفا أن القيود المفروضة على كمية ووتيرة المساعدات تعتمد على قدرة الأمم المتحدة والوكالات الأخرى.
وقال ميلر لمجلس الأمن "إن إسرائيل كانت واضحة في سياساتها. ليس هناك حد على الإطلاق، وأكرر، ليس هناك حد لكمية المساعدات الإنسانية التي يمكن إرسالها إلى السكان المدنيين في غزة".
* "مطالب غريبة"
قالت المتحدثة باسم الحكومة تال هاينريش في وقت سابق إن أي اتفاق سيتطلب أن تتخلى حماس عن "مطالب غريبة، في مدار آخر، كوكب آخر".
وأردفت قائلة "لدينا رغبة. لكن يبقى السؤال هو ما إذا كانت حماس لديها رغبة".
وأضافت "إذا تمكنت حماس من الرجوع إلى الواقع فسنستطيع التوصل إلى اتفاق".
لكن قطر الوسيط الرئيسي في المباحثات والتي تستضيف حاليا وفدين من الجانبين للتوصل إلى بنود الاتفاق قالت إنه لم يتسن بعد التوصل إلى انفراجة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري "لم نصل لاتفاق نهائي بعد بشأن أي من القضايا التي تعرقل التوصل لاتفاق".
وقال مسؤولان كبيران بحركة حماس لرويترز إن تصريحات بايدن التي تلمح إلى أنه تم التوصل بالفعل إلى اتفاق من حيث المبدأ سابقة لأوانها.
وقال أحدهما لرويترز "حتى الآن هناك فجوات كبيرة تحتاج إلى التغلب عليها، كما أن القضايا الرئيسية الخاصة بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية غير منصوص عليها بشكل واضح، الأمر الذي يعطل التوصل لاتفاق".
وتقول إسرائيل إن هجوم حماس عليها أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، في حين تقول السلطات الصحية في غزة إنه تأكد مقتل 30 ألفا حتى الآن جراء العمليات الإسرائيلية.
وتقول حماس منذ فترة طويلة إنها لن تطلق سراح جميع الرهائن لديها إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب إلى الأبد بينما قالت إسرائيل إنها لن تدرس سوى هدن مؤقتة ولن تنهي الحرب حتى تقضي على حماس التي شنت هجوما على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وذكر مصدر كبير مطلع على المباحثات لرويترز أن مسودة المقترح المطروحة حاليا تشمل هدنة مدتها 40 يوما ستطلق حماس خلالها 40 رهينة من بينهم نساء وأطفال دون 19 عاما ومن هم فوق 50 عاما والمرضى مقابل الإفراج عن 400 معتقل فلسطيني، بنسبة عشرة مقابل واحد.
وستعيد إسرائيل نشر قواتها خارج المناطق المأهولة. وسيُسمح لسكان غزة باستثناء الذكور في المرحلة العمرية التي يستطيعون خلالها القتال، بالعودة إلى المناطق التي نزحوا عنها من قبل وسيزيد حجم المساعدات إلى القطاع بما في ذلك دخول المعدات التي توجد حاجة ماسة لها لإيواء النازحين.
في رفح، حيث يعيش الآن أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، أصاب رحاب رضوان اليأس من احتمال التوصل إلى هدنة لن تنهي الحرب ولن تؤدي إلا إلى تجدد القتال. وانهار وقف إطلاق النار الوحيد حتى الآن في نوفمبر تشرين الثاني بعد أسبوع واحد فقط.
وقالت رحاب، التي فرت من منزلها في خان يونس وتعيش الآن في مخيم للاجئين "إحنا نتأمل إنه يكون وقف إطلاق نار دائم شامل، بدناش نرجع تاني للحرب لأن الحرب، لما تهدأ (الهدنة) الأولى، دمرتنا دمرت بيوتنا".
وأضافت "تصور فيش أكل، فيش شرب، فيش أدنى مقومات الحياة، إحنا نأمل إنه وقف إطلاق نار دائم ونرجع إلى أماكنا، صح فيش بيوت بس نرجع في أماكنا".
(إعداد نهلة إبراهيم ونهى زكريا ومحمد علي فرج ومعاذ عبدالعزيز للنشرة العربية)