من نضال المغربي
القاهرة (رويترز) - قالت السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 100 فلسطيني قتلوا برصاص القوات الإسرائيلية بينما كانوا ينتظرون للحصول على مساعدات يوم الخميس، لكن إسرائيل شككت في عدد القتلى وقالت إن كثيرين منهم لاقوا حتفهم لأن شاحنات المساعدات دهستهم.
وقال مسؤولون فلسطينيون في مجال الصحة إن 112 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 280 آخرين في الحادث الذي وقع بالقرب من مدينة غزة.
وقالت الفرق الطبية إنها غير قادرة على التعامل مع سيل الإصابات الخطيرة الذي جاء في اليوم الذي تجاوز فيه عدد القتلى في نحو خمسة أشهر من الحرب 30 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وشككت إسرائيل في رواية مسؤولي الصحة في غزة التي تتعرض لقصف القوات الإسرائيلية على مدى عدة أشهر في الحرب التي بدأت بعد هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الشاحنات يشغلها متعاقدون من القطاع الخاص ضمن عملية المساعدة التي أشرف عليها في الليالي الأربع الماضية.
وقال أحد المسؤولين إن حادثين وقعا تفصل بينهما مئات الأمتار، وقتل في الأول العشرات أو أصيبوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات من الشاحنات بسبب التدافع أو الدهس.
وقال إنه بعد ذلك، حين تحركت الشاحنات، وقع حادث ثان، حيث اقترب بعض الأشخاص من الجنود الذين شعروا بالخطر وفتحوا النار، مما أسفر عن مقتل عدد غير معروف في "رد محدود". وأنكر العدد الذي أعلنته سلطات غزة لكنه لم يحدد رقما.
وفي مؤتمر صحفي لاحق، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري أيضا إن عشرات ماتوا دهسا أو أصيبوا في شجار من أجل الحصول على الإمدادات من الشاحنات.
وأضاف أن الدبابات التي كانت ترافق الشاحنات أطلقت بعد ذلك طلقات تحذيرية لتفريق الحشد، ثم تراجعت حين بدأت الأحداث تخرج عن نطاق السيطرة.
وقال "الجيش الإسرائيلي لم يوجه ضربات تجاه قافلة المساعدات".
ومضى يقول "جيش إسرائيل كان هناك يقوم بعملية إنسانية لتأمين الممر الإنساني والسماح لقافلة المساعدات بالوصول إلى نقطة التوزيع المخصصة لها".
* البيت الأبيض: حادث المساعدات "مثير للقلق" و"مأساوي"
أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا ترفض فيه الرواية الإسرائيلية.
وقالت إن وزارة الصحة قدمت أدلة لا يمكن دحضها على إطلاق النار مباشرة على المواطنين، بما في ذلك الطلقات في الرأس بهدف القتل على الفور، بالإضافة إلى شهادات جميع الشهود الذين أكدوا استهدافهم بإطلاق نار مباشر دون أن يشكلوا أي تهديد "لجيش الاحتلال".
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ناقش "الحادث المأساوي والمثير للقلق" مع زعيمي مصر وقطر، وسبل التوصل لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ولوقف إطلاق نار ستة أسابيع.
وأضاف إنه دأب على الضغط على إسرائيل لوضع خطط قادرة على الصمود للحفاظ على عوامل الأمن الأساسية في غزة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون "لم نشهد تطبيقها بعد، ونحن قلقون بشدة من هذا... استمرار الخسائر في الأرواح أمر مثير للقلق بشدة ومأساوي جدا جدا جدا".
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها "تسعى بشكل عاجل إلى الحصول على معلومات إضافية حول ما وقع على وجه التحديد".
وأسفر الحادث عن أكبر خسائر تقع في صفوف المدنيين منذ أسابيع. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ندين المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم بحق المواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي قرب شارع الرشيد بمدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من أبناء شعبنا".
وقالت حماس، التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، في بيان إن الحادث قد يعرض للخطر المحادثات في قطر الرامية إلى ضمان وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع.
ورد الرئيس الأمريكي جو بايدن على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الحادث سيعقد المحادثات، قال "أعلم أن ذلك سيحدث".
قال أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، إن التصريحات الأخيرة أظهرت أن "الاحتلال كان لديه نوايا مبيتة لارتكاب جريمة ومجزرة جديدة... والعدد مرشح للزيادة نتيجة الحالات الخطيرة التي ليس لها علاج".
وأظهرت مقاطع فيديو منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي شاحنات تحمل العديد من الجثث. وتحققت رويترز من موقع مقطع مصور في دوار النابلسي يظهر شاحنات محملة بالعديد من الجثث، بالإضافة إلى جرحى.
وأظهر مقطع فيديو آخر، لم يتسن لرويترز التحقق من صحته، أشخاصا ملطخين بالدماء تنقلهم شاحنة وجثثا ملفوفة بالأكفان ومسعفين يعالجون مصابين على الأرض بالمستشفى.
وقال أحد الرجال في مقطع فيديو "لا نريد مثل هذه المساعدات. لا نريد المساعدات والرصاص معا. لقد سقط العديد من الشهداء".
وقال مارتن جريفيث، منسق الإغاثة بالأمم المتحدة في منشور على منصة إكس، إنه "مصدوم"، وأضاف "حتى بعد ما يقرب من خمسة أشهر من الأعمال القتالية الوحشية، لا تزال غزة لديها القدرة على صدمتنا".
*عدد القتلى الفلسطينيين يتجاوز 30 ألفا
قالت السلطات الصحية الفلسطينية إنه تأكد مقتل 30035 فلسطينيا وإصابة أكثر من 70 ألفا في الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ بعد الهجوم الذي شنه مسلحو حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول وأسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 253 رهينة، حسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وسوي جزء كبير من قطاع غزة بالأرض كما نزح أغلب سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم مرة واحدة على الأقل.
وكانت عمليات تسليم المساعدات إلى شمال غزة تحدث نادرا وتتم بشكل فوضوي إذ كانت تمر عبر مناطق عسكرية نشطة إلى منطقة تقول الأمم المتحدة إن الكثير من الناس فيها يتضورون جوعا، وتظهر مقاطع فيديو حشودا يائسة تتجمع حول شاحنات الإمدادات.
وشكت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى من أن إسرائيل منعت أو قيدت محاولات إيصال المساعدات إلى المنطقة.
وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للصحفيين في القدس إن المساعدات إلى غزة ككل انخفضت إلى النصف منذ يناير كانون الثاني.
ووصف يوم الخميس بأنه "يوم آخر من الجحيم"، متسائلا "متى سينتهي هذا الجنون؟".
وقال إن الشرطة المحلية في غزة ترفض مرافقة قوافل المساعدات لأن كثيرين من أفرادها لاقوا حتفهم في ضربات إسرائيلية.
ونفت إسرائيل فرض قيود على المساعدات الإنسانية وحملت الأمم المتحدة مسؤولية التقاعس عن توصيل الإمدادات.
(إعداد نهى زكريا ودنيا هشام ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)