من جيمس ماكنزي
القدس (رويترز) - يحكي بيني جانتس عضو حكومة الحرب الإسرائيلية الذي يزور واشنطن هذا الأسبوع قصة عن خضوع والدته وهي إحدى الناجيات من المحرقة النازية لعملية جراحية في ألمانيا، وكان الطبيب الذي أجراها فلسطينيا من قطاع غزة.
تجسد القصة حالة من الأمل في تحقيق المصالحة. ويحفز هذا الأمل المتفائلين في الشرق الأوسط، رغم أنه تعرض لاختبار قاس خلال الحرب الإسرائيلية مع مسلحين في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر تشرين الأول وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل.
انضم جانتس (64 عاما)، الذي يتزعم حزبا وسطيا يتصدر حاليا استطلاعات الرأي، إلى حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العام الماضي. ويقول إن انضمامه إلى حكومة وحدة مع نتنياهو الذي ينتمي لليمين وحلفائه القوميين المنتمين لأحزاب دينية يكشف حجم الأزمة التي تعيشها إسرائيل.
وشأنه شأن أي زعيم آخر في إسرائيل يتخذ جانتس موقفا متشددا تجاه ضرورة استمرار الحرب لحين القضاء على حماس، لكنه أكثر انفتاحا على الحوار مع الفلسطينيين من نتنياهو وحلفائه مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الوطني إيتمار بن جفير.
ورغم الانزعاج الدولي إزاء ارتفاع عدد القتلى في غزة، فمن غير المرجح أن ينحرف جانتس عن مسار الحكومة المتمثل في مواصلة الحرب حتى النصر التام.
ومع تزايد الضغوط الأمريكية والدولية من أجل إحياء الجهود الرامية للتوصل إلى حل الدولتين، فإن استعداد جانتس للتفكير في نهاية سياسية للصراع يكشف الانقسامات بشكل أكثر وضوحا.
ومن المقرر أن يلتقي جانتس مع نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس (NYSE:LHX) ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. لكن حقيقة أنه هو، وليس نتنياهو، من يزور واشنطن أحدثت ضجة. وتوترت علاقات نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لدرجة أنه بعد مرور أكثر من عام على توليه منصبه لم يتلق دعوة لزيارة واشنطن حتى الآن.
وقالت مصادر طلبت عدم كشوف هويتها لوسائل إعلام إسرائيلية "لا يوجد سوى رئيس وزراء واحد"، وذكرت وسائل الإعلام أن نتنياهو منع سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة من تأييد الزيارة.
وقال سموتريتش في اجتماع بالكنيست يوم الاثنين "من المؤسف أن هذه الرحلة لم تُنَسَّق مسبقا مع رئيس الوزراء"، واصفا جانتس بأنه "الحلقة الضعيفة" في الحكومة وطلب منه إعلان معارضته صراحة لإقامة دولة فلسطينية.
وأضاف "جانتس يخدم إدارة بايدن وهو في الواقع يروج لخطتها الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية".
ورغم أن الصدمة الناجمة عن هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول أدت إلى تعليق القواعد السياسية المعتادة، فإن نتنياهو يواجه غضب غالبية الإسرائيليين الذين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي تسببت في تنفيذ الهجوم المدمر الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب الوحدة الوطنية بزعامة جانتس هو المرشح الأوفر حظا لاحتلال الصدارة في أي انتخابات تجرى اليوم. وأظهر استطلاع للرأي أجرته القناة 13 يوم الاثنين أن غالبية من شملهم الاستطلاع يرون أن دافع نتنياهو الرئيسي لمواصلة الحرب هو بقاؤه السياسي.
* هجمات
اصطدم جانتس، وهو معارض قوي لمساعي نتنياهو لإجراء تعديلات على السلطة القضائية التي هددت بتمزيق إسرائيل العام الماضي، مع الشركاء من اليمين المتطرف في أكثر من مناسبة، ومنهم سموتريتش وفي بعض الأحيان مع رئيس الوزراء نفسه.
لكنه قال إن التهديد غير المسبوق الذي تواجهه إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول دفعه إلى توحيد الصف مع منافسيه.
وكان قد قال لمجموعة من الصحفيين في مؤتمر صحفي العام الماضي "هذه ليست شراكة سياسية بالنسبة لي... من المستحيل أن أقف موقف المتفرج وأسعى لمصالح سياسية في مثل هذه الظروف".
وإلى جانب وزير الدفاع يوآف جالانت، العضو الرئيسي الآخر في حكومة الحرب، وغادي أيزينكوت، وهو جنرال سابق آخر من تيار الوسط، يدافع جانتس عن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد هجمات حلفاء نتنياهو.
ويقول منتقدون إن مثل هذه الهجمات هي وسيلة لصرف الانتقادات عن رئيس الوزراء نفسه.
جانتس هو جندي مظلي سابق قاد وحدة النخبة (شالداغ) وقضى معظم حياته المهنية في الجيش. وأشرف، بصفته رئيسا لأركان الجيش في عام 2012، على عملية استمرت ثمانية أيام في قطاع غزة بدأت بمقتل قائد الجناح العسكري لحركة حماس في غزة.
وكانت هذه العملية جزءا من سلسلة من المواجهات المحدودة إلى حد ما بين إسرائيل وحماس، والتي شكلت علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين منذ استولت الحركة على السلطة في غزة بعد حرب قصيرة مع حركة فتح في 2007.
لكن الوضع مختلف في الحرب الحالية التي بدأت في السابع من أكتوبر تشرين الأول، عندما اخترق مسلحو حماس السياج الأمني وهاجموا بلدات إسرائيلية في الجنوب، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية المحلية، مما أثار قلقا متزايدا حتى من حلفائها الأقوياء مثل الولايات المتحدة.
وبدأ الاهتمام يتحول بصورة متزايدة نحو الوضع الذي سيعقب نهاية الحرب، وذلك بعد خمسة أشهر من الصراع، لكن شعور جانتس بضرورة إيجاد حل سياسي قد يجعل التعامل معه أسهل بالنسبة لواشنطن.
وقال جانتس إنه أخبر ذات مرة محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 87 عاما والمكروه بشدة من عدد من القادة الإسرائيليين، بأن كل واحد منهما بلا شك يحلم باختفاء الآخر.
وأكمل "لكننا نحن الاثنين موجودان هنا. وهذا لن يتغير".
(إعداد الشيماء سعد وشيرين عيد العزيز ومحمد عطية للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)