من إلياس ماركو
ليسبوس (اليونان) (رويترز) - تحت سماء ملبدة بالغيوم في جزيرة ليسبوس اليونانية، وضعت طالبة اللجوء الأفغانية شفيقة وردة حمراء على قبر لاجئ توفي في أثناء محاولته الوصول إلى أوروبا. ومكتوب على شاهد القبر "مجهول".
فبعد مرور نحو عقد من الزمن على دفن الجثث الأولى لطالبي اللجوء في حقل بقرية كاتو تريتوس، سعت مجموعة من المتطوعين لتحويل قطعة الأرض المهجورة إلى مقبرة افتُتحت يوم الأربعاء.
وأمضى المتطوعون شهورا في تنظيف قطعة الأرض وكشف وإحصاء القبور التي اختفت تحت عشب نما وارتفع كثيرا على مر السنين.
وحلت الآن مقابر مصنوعة من الأسمنت ومغطاة بحصى أبيض محل أكوام منخفضة من التراب يمكن بالكاد معرفة أنها قبور بقطع رخام مكسور أو عصي.
وقال سهراب شيرزاد، وهو متطوع من أفغانستان، "جاؤوا من أجل حياة جديدة، من أجل فرصة جديدة. آسف.. فغرقوا في البحر".
وأضاف "الآن أنا سعيد، فهذا يجعل الأمور أفضل بكثير حاليا".
وقالت فابيولا فيلاسكويز، وهي متخصصة في العلاج الطبيعي من مواليد تشيلي ومقيمة في جزيرة ليسبوس حيث تدير مؤسسة طبية خيرية تدعى ‘إيرث ميديسن‘ وأحد مؤسسي المشروع، إن الجزيرة أصبحت الآن "مكانا يمكن أن نتذكر فيه كل من فقدوا حياتهم في أثناء سعيهم للجوء إلى أوروبا".
وأضافت لرويترز "نفسيتي تتأثر بمدى صعوبة أن يموت إنسان بشكل مأساوي في أرض بعيدة عن الوطن".
وفي عام 2015، كانت ليسبوس خط مواجهة في أزمة اللاجئين في أوروبا. إذ كان يهبط الألوف، معظمهم من السوريين الفارين من الحرب الأهلية، على شواطئها كل يوم. وكان ساحل الجزيرة مليئا بسترات النجاة البرتقالية الزاهية.
وعلى الرغم من أنها تبعد 4.4 كيلومتر فقط عن الساحل التركي، فقد غرق المئات في أثناء العبور المحفوف بالمخاطر على متن قوارب مطاطية مكتظة.
وقالت فيلاسكويز إن الفريق، الذي يضم طالبي لجوء يعيشون في مخيم المهاجرين بالجزيرة، حدد 197 قبرا، متوقعة أن يزيد العدد.
ولم يتم التعرف على العديد من الموتى، الذين تم إحضارهم لأول مرة إلى كاتو تريتوس عام 2015 بعد اكتظاظ المقبرة المحلية، إذ يُعتقد أن عائلات كاملة هلكت في البحر.
وكُتب على أحد المقابر "رضيع مجهول، أنثى، ثلاثة أشهر. رقم 31". وكُتب على قبر آخر "صبي مجهول، عمره سبع سنوات".
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص لقوا حتفهم أو فُقدوا أثناء محاولتهم الوصول إلى اليونان منذ عام 2015، بينهم 799 في العام الماضي الذي كان واحدا من أكثر الأعوام تسجيلا للوفيات على الإطلاق.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أنه على الرغم من انخفاض عدد الوافدين إلى اليونان بشكل كبير منذ ذلك الحين فلا تزال ليسبوس إحدى البوابات الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي.
(إعداد محمد محمدين للنشرة العربية - تحرير سامح الخطيب)