كوادر البنوك الحكومية تتجه إلى المصارف المنافسة لتعيد تشكيل خرائط الربحية
ازدادت المخاوف بشأن نجاح البنوك الحكومية فى المحافظة على خطتها الإصلاحية ومعدلات الربحية فى أعقاب رحيل عدد من كوادر وقيادات تلك البنوك بسبب تطبيق الحد الأقصى للأجور الذى أقرته الدولة يوليو الماضى من أجل المحافظة على مواردها المالية لتُعرّض موارد بنوكها للمخاطر المحتملة نفسها، وفقاً لتأكيدات مصادر مصرفية من داخل تلك المؤسسات، خاصة أن تلك الكفاءات اتجهت للعمل فى البنوك المنافسة بما سوف يؤثر على الحصة السوقية للبنوك العامة.
وقال حسين الرفاعى، رئيس المجموعة المالية وعضو اللجنة التنفيذية بالبنك الأهلى المصرى، إن السنوات المقبلة ستشهد تحديات كبيرة على خلفية رحيل الكوادر المصرفية من البنوك العامة تتمثل فى تراجع معدلات الربحية التى شهدت مسارات أكثر نمواً فيما قبل.
وأوضح أن هذا التأثير السلبى لن تظهر نتائجه على المدى القصير، وإنما ستكون على المدى الطويل على خلفية إعادة الخطط والاستراتيجيات التى رسمتها القيادات السابقة.
وأضاف أن معظم الخطط التى تتبناها البنوك حالياً هى نتاج بصمات الخبرات المستقيلة من البنوك، وبالتالى سيسير القطاع المصرفى، وفقاً لهذه الخطط، على نحو يجعلها تحقق مستهدفاتها المتوقعة فى الأجل القصير.
وبحسب الرفاعى، فإن البنوك المملوكة للدولة فى مصر شهدت هجرة الكفاءات المصرفية مع “تطبيق الحد الأقصى للأجور” الذى دفعها للاستقالة بحثاً عن فرص ورواتب أفضل فى بنوك القطاع الخاص والبنوك الخليجية والأجنبية.
وخضعت البنوك العامة خلال أكثر من 10 أعوام ماضية لبرنامج إصلاحى مبنى على أساس جذب الكفاءات والكوادر المصرفية، ونجح هذا البرنامج فى العمل على تراجع معدلات الديون المتعثرة من 100 مليار جنيه عام 2003، إلى أقل من ثلث هذا الرقم، وازدادت أرباح البنوك المملوكة للدولة لتصل إلى عدة مليارات، كما ارتفع الأداء ليوازى المستويات المُحققة فى المؤسسات المصرفية الخاصة.
وأكد مسئول ببنك مصر أن البنوك العامة سوف تواجه عدة تحديات خلال السنوات الخمس القادمة بعد تطبيق الحد الأقصى للأجور على قياداتها.
وتابع المسئول أن هذه التحديات تتمثل فى تدنى الأرباح وتراجع مستوى الكفاءات، وصعوبة التفاوض لاستقطاب الكفاءات والخبرات المصرفية للاستمرار فى تطوير أداء البنوك المملوكة للدولة.
ويرى أن الحل الوحيد يكمن فى إعادة النظر فى قانون الحد الأقصى للأجور واستثناء قطاعات لها خصوصية مثل البنوك والبترول والاتصالات.
وتصدرت استقالة نضال عصر، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، المشهد بالقطاع المصرفى، ليعمل رئيساً لمجلس إدارة البنك المصرى الخليجى.
كما استقال شريف علوى، النائب السابق لرئيس البنك الأهلى المصرى، أكبر البنوك المصرية، الذى تولى منصب المدير الإقليمى للبنك العربى فى مصر، وكذلك محمد عباس فايد، نائب رئيس بنك مصر، ثانى أكبر البنوك الحكومية، ويشغل الآن منصب العضو المنتدب لبنك عودة مصر.
وتقدم حازم حجازى، رئيس قطاع التجزئة المصرفية فى البنك الأهلى المصرى، باستقالته ليتولى منصب رئيس قطاع التجزئة فى بنك باركليز.
وقال أحمد عبدالمجيد، مدير عام بنك الاستثمار العربى، إن رحيل الكوادر والكفاءات من البنوك العامة سيؤثر حتماً على أدائها وربحيتها ويجعلها غير قادرة على تحقيق مستهدفاتها.
وأوضح أن التأثير سيكون غير ملحوظ فى الوقت الراهن، وإنما سيظهر جلياً خلال السنوات الأربع القادمة.
ويرى أن القطاع المصرفى من القطاعات الحساسة التى لا يجوز التخلى عن كفاءاتها، مشدداً على ضرورة إعادة النظر فى الحد الأقصى للأجور وإقراره بطريقة منطقية تتلاءم مع المؤسسات المالية المصرفية.
وقال مسئول بالبنك المركزى إن قطاعى المخاطر وائتمان الشركات الكبيرة والمتوسطة من أكثر القطاعات البنكية التى تعزز معدلات الأرباح بالبنوك، ولذا يزداد الطلب على استقطاب قياداتها من قبل البنوك الخاصة والأجنبية، وهو ما يؤثر على ربحية البنوك العامة التى ظلت تحتل الصدارة فى ارتفاع أرباحها.
وتوقع أن يتسبب رحيل الكوادر البارزة بالبنوك العامة فى أزمة لبعض القطاعات على رأسها قطاع الائتمان وتمويل الشركات، باعتباره ضمن القطاعات الحيوية بالبنوك، حيث إن هجرة هذه الكوادر سيتبعها انتقال العملاء معهم إلى المصارف الجديدة.
وأوضح أن بعض العملاء يفضلون التعامل مع أشخاص لهم خبرة وكفاءة مصرفية بغض النظر عن مسمى البنك ومكانته فى السوق، وبالتالى فإن رحيل العملاء أيضاً يعزز فرصة البنوك الخاصة فى التواجد، ويدعم حصتها السوقية وربحيتها مستقبلاً على نحو يسحب البساط من تحت البنوك العامة التى ظلت تحتل المراكز الأولى فى التمويل والربحية.