يظن الكثير من الناس وحتي من المتعاملين…ان البورصة مكان للمضاربة والربح السريع… ولا يعلمون ان الهدف الحقيقي منها هو اتاحة الاستثمار للصناديق الاستثمارية والافراد من الخارج والداخل في رؤوس اموال الشركات عن طريق هذه الالية التي تبيح الاستثمار بشراء الاسهم او بيعها عند الرغبة في الخروج بسهولة وامان…وهي بالتالي تبيح للشركات المدرجة السعي إلي زيادة رأس مالها بسهولة ومن ثم زيادة نشاطها مما يفتح فرص العمل ويزيد في النهايةً الحصيلة الضرائبية ويرفع موارد الدولة، وبالتالي فإن النظرة الضيقة لهذا النشاط وتقويضه هو بالتأكيد ضد المصلحة العامة للدولة.
فرض وزير المالية ضريبة التعاملات علي البورصة وبذلك ضربها في مقتل قبل ان تتعافي من الثورات والاٍرهاب وخروج كبري الشركات والكيانات الكبري في قطاعات البنوك والاتصالات والإسمنت وعدم توفر حوافز بالبورصة المصرية ونقص الدولار الذي ترتب عليه تأخير التحويلات للمستثمرين الأجانب وبالتالي خروجهم وعزوفهم عن الاستثمار في البورصة المصرية… هذا علي أساس ان المستثمر ليس عنده خيار آخر فلازم يستثمر في البورصة المصرية الوحيدة في المنطقة التي تفرض هذه الضريبة ! ولا تنتهي المأساة عند هذا الحد فالمتعامل عليه ان يأتي بخبير لكي يفك له طلاسم هذه الضريبة ويشرح له كيفية حسابها !
والنتيجة هي ان كل صناديق الاستثمار باعت اسهمها وخرجت خروجا بلا عودة ووقعت البورصة. فما بين تأخر تحويلاتهم لنقص الدولار إلي هذا القانون المبهم… وجدوا ان ارض الله واسعة خاصة بعد ان فتحت السعودية بورصتها للاستثمار الأجنبي بعد ان كانت محصورة علي السعوديين !
اتحدي ان يكون وزير المالية لديه دراسة عن حجم الضرائب التي سيحصلها… وقد سمعت أرقاما انها عشرة مليارات وأشك في صحة ذلك لإن الخسائر الفادحة وخروج العديد من الشركات يجعل هذه الأرقام من ضرب الخيال…هذا بالإضافة إلي الشركات التي ستعدل عن قيد شركاتها في البورصة والمتعاملين الأجانب الذين سيرحلون بلا عودة وبالتالي سيندثر حجم التعامل وسنكون كمن دبح الفرخة التي تبيض ذهبا… والسؤال الاول إلي وزير الاستثمار… هل كلامي ده خطأ؟ فإن كان صحيح… فهل جلس مع زميله وزير المالية وشرح له هذا الكلام ؟ فإن كانا قد جلسا ولم يتفقا فعلي رئيس الوزراء ان يحسم هذا الأمر فلقد طال وباخ !
لقد خسرت البورصة المصرية عشرات المليارات نتيجة الغموض حول مصير ضرائب الأرباح الرأسمالية وكان وزير المالية قد أعلن منذ ايام ان الوزارة تدرس تعديل المعاملة الضريبية للمستثمرين الأجانب فيما يتعلق بهذه الضريبة لتتم مساواتهم مع المستثمرين المحليين.اما رئيس هيئة الرقابة المالية فكان تصريحه أوضح وشجاعا فلقد صرح : « السوق تحتاج قرارات نهائية واضحة وصريحة فيما يتعلق بالضريبة، سواء بتعديل القانون بقرار جمهوري او تعديل اللائحة التنفيذية وهذا من سلطة وزير المالية ونحتاج جوابا نهائيا، لان الرد استغرق وقتا طويلا والسوق تحتاج جوابا نهائيا من الحكومة ! «
و بدوري اناشد رئيس الوزراء ان يجمع كل الجهات المختصة بالبورصة والاستثمار والوزراء المختصين في غرفة واحدة لحسم هذا الامر قبل فوات الاوان وانهيار البورصة التام دون رجعة… اما اذا كان هذا قد تم بالفعل ولم يحدث توافق فعندي فكرة هائلة وبسيطة وان بدت غير جادة وهي ان يقوم رئيس الوزراء باستبدال وزير المالية بوزير الاستثمار ووزير الاستثمار بوزير المالية ويا دار ما دخلك شر !
بقلم نجيب ساويرس
ينشر عن جريدة الاخبار