💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

7 أسئلة تجيب عن مستقبل اليونان مع منطقة اليورو

تم النشر 09/07/2015, 14:58
© Reuters.  7 أسئلة تجيب عن مستقبل اليونان مع منطقة اليورو
XAU/USD
-
GC
-

بعد خمس سنوات من عمليات الإنقاذ ، دفعت معارك الميزانية والاقتصاد المنحدر اليونان لتصبح أول دولة يمكن أن تغادر منطقة اليورو.

وذكرت صحيفة الواشنطن بوست، أن خروج اليونان من المنطقة أمر ربما يكون قد سمعته من قبل، لكن هذه المرة الأمر مختلف، فكافة الأشياء التي كنا نخشي حدوثها وقعت بالفعل.

ويئست حكومة اليونان الأسبوع الماضي في دفع ديون بالغة الأهمية لصندوق النقد الدولي، واضطرت البنوك إلي الإغلاق.

وفي يوم الأحد الماضي أعلنها الإغريق، رفض مطالب التقشف الأوروبية التي كانت موضوعة شرطاً لجلب المزيد من المساعدات المالية لليونان، وأصبحت البنوك في البلاد الآن عرضةً لخطر الانهيار الوشيك، ويمكن أن تجبر البلاد علي مغادرة الاتحاد النقدي التاريخي.

فكيف وصلنا إلي هذه النقطة، وماذا تعني تلك الأمور لليونان وأوروبا وبقية الاقتصاد العالمي؟

ويتمّثل الجواب القصير في أولاً: بالنسبة للعملة فهذا هو يوم قيامتها ليتحول الركود إلي كساد، وثانياً: يجب ألا يكون ذلك نهاية العالم، فالإغريق رفضوا التقشف بأغلبية ساحقة، وما يقرب من 61% من الناخبين رفضوا اقتراح الإنقاذ في استفتاء عقد يوم الأحد ليواجهوا بذلك موجةً ساخنةً مع الدائنين الأوروبيين.

وتساءلت الصحيفة عن عدة أسئلة لتقف علي حقيقة الأمر القائم في اليونان، واستفسرت في البداية عن: 1- ما هو الوضع في اليونان في الوقت الراهن؟ رفضت اليونان في استفتاء حزمة التقشف التي أصر القادة الأوروبيون علي تنفيذها في البلاد في مقابل استمرار المساعدات المالية.

ومع 90% من الأصوات التي تم إحصاؤها، رفض 61% من الناخبين البرنامج الأوروبي.

وتساءل الاستفتاء عن: هل الاقتراحات التي قدمتها المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي في 25 يونيو 2015، والتي تتألف من جزأين تشّكل معاً اقتراحاً شاملاً، مقبولاً؟ وجاء عنوان الوثيقة الأولي «الإصلاحات لإنجاز البرنامج الحالي وما بعده”، والثاني تحليل القدرة علي تحمل الديون الأولية.

ودار جوهر النقاش حول ما إذا كانت اليونان يجب أن تفعل التقشف بشروط أوروبا أو من تلقاء نفسها. وبعبارة أخري، هل يجب أن تخفض الإنفاق الاجتماعي كثيراً، كما يريد الأوروبيون، أو يمكن أن يتم تقليل العجز من خلال زيادة الضرائب، كما يريد الإغريق؟

وراهن سيريزا، الحزب اليساري الذي صعد إلي سدة الحكم علي الرسالة المضادة للتقشف هذا العام بنجاح، وأن اليونانيين سيرفضون مطالب أوروبا.

واعتقد الكثيرون أن الرهان لن ينجح، ويرجع ذلك جزئياً إلي أن اليونانيين لا يرغبون في تطبيق البرنامج الأوروبي، ولكنهم عارضوا طويلاً الانسحاب من منطقة اليورو.

ولكن في يوم الأحد، أطلق اليونانيون عبارات شبه نهائية، وأجابوا بأنهم يريدون أن يرسموا مسار اليونان بأنفسهم.

والآن قد يكون لسيريزا، اليد الأقوي علي طاولة المفاوضات، ولكن الحزب لديه أيضا عبء قيادة في البلاد وسط ما يرجح بأن تكون أزمة مالية وبشرية مؤلمة.
2- ما هي الخطوة التالية؟ لو كان تصويت اليونان بنعم، لكان هناك علي الأرجح حاجة إلي إجراء انتخابات جديدة، حيث إن أوروبا لن تثق بحزب سيريزا، الحاكم لتنفيذ خطة التقشف وبعد ذلك، ربما استمرت المفاوضات علي نفس المنوال كما حدث من قبل.

الآن، في حين يعتقد سيريزا، أنه في موقف أفضل مع أوروبا، فإنه همّته سوف يتم اختبارها، وأولي بوادر رد فعل السوق جاءت تباعاً بعد يوم الأحد عندما فتحت الأسواق الآسيوية، حيث توقعوا حالة من الاضطرابات بعد الاستفتاء.

وقد يرفض المستثمرون إقراض المال لليونان بأي ثمن، في الوقت الذي تفتقر فيه البنوك والحكومة إلي الأموال الضرورية لمواصلة العمل، وسوف يتم تشغيل البنوك اليونانية في وقت مبكر من الأسبوع المقبل بسبب نقص السيولة وربما يكون يوم الاثنين. وهناك حاجة فورية لتلبية الطلب علي الأموال أو حلها بطريقة أو بأخري، في الوقت الذي لا تستطيع فيه اليونان طبع اليورو.

إن نتائج ما يفعله الأوروبيون وقرارات الإغريق سوف تعمل علي تشكيل مستقبل اليونان ومنطقة اليورو، وسوف تكون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، علي رأس مجموعة اليورو لإجراء المحادثات التي سوف تحدد مصير اليونان.

وبالرغم من فوز حزب سيريزا اليساري، فإنه قد يواجه ضغوطاً لقبول صفقة أفضل بعد قمة اليورو، نظراً إلي أن اليونانيين لا يريدون مغادرة المنطقة، ولكن إذا جاء قرار البنك المركزي الأوروبي في نهاية المطاف بعدم إعطاء البنوك في اليونان الأموال التي تحتاج إليها، فهناك طريقتان فقط أمامها للحصول علي الأموال وإلا فإنها سوف تتحطم.

الخيار الأول، ما يعرف باسم خطة إنقاذ البنوك، وهو ما فعلته قبرص، عندما توقف البنك المركزي الأوروبي عن دعم بنوكها قبل عامين.

لكن الخيار الثاني متاح فقط في حالة واحدة إذا كان لدي اليونان عملة، ويمكن طباعتها وهذا ليس متاحاً في الوقت الراهن، فاليورو عملتها الحالية، ولذلك سوف تتخلي أثينا، عن ذلك وتعيد الدراخما، عملة اليونان قبل اعتماد اليورو كعملة رسمية عام 2001 إذا أرادت إعادة رسملة بنوكها.

وبالطبع جميع هذه الخيارات مؤلمة، ولكن التعثر عن السداد وتخفيض قيمة العملة يمكن أن يكون أقل ألماً بالنسبة للاقتصاد.

ونشرت أكسفورد إيكونوميكس، مجموعة الأبحاث، تشير إلي احتمالات تصل إلي نسبة 85% لانسحاب اليونان من منطقة اليورو. وأعلنت البنوك الكبري بما في ذلك جي بي مورجان تشيس، وبنك باركليز، بعد الاستفتاء، أن خروج اليونان من منطقة اليورو أصبح الآن ضمن توقعاتهم.

وأوضح جوزيف غاغنون، زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، آليات ما يسمي خروج اليونان، وتتمثل الخطوة الأولي في سن تشريعات لتحويل جميع الموجودات والمطلوبات وجميع العقود والاتفاقات التجارية والأجور الصادرة بموجب القانون اليوناني من يورو لدراخما، علي قدم المساواة واحدة بواحدة.

وقد تحتاج البنوك إلي الإغلاق ما لا يقل عن بضعة أيام، وربما أكثر لإعادة برمجة أنظمتها، ومن شأن التشريع أيضاً تحديد إدخال الدراخما، والقطع النقدية في أقرب وقت ممكن، وربما في غضون ستة أشهر.

وسوف يتم السماح بتعويم الدراخما مقابل اليورو في أقرب وقت بعد فتح البنوك أبوابها. وقد تنخفض بالتأكيد، وربما بقدر كبير في البداية بتقلب كبير قبل أن تستقر، ومن المستحيل التنبؤ بحجم انخفاض الدراخما.

وفي تجربة آيسلندا، وقت الأزمة المالية والديون عام 2008، شهدت العملة انخفاضاً أولياً وصل إلي ما يقرب من 40%، قبل أن تستقر فيما بعد عند حوالي 25% في السعر المعدّل.

ومن شأن اليورو والعملات المعدنية المتداولة حالياً في اليونان أن تزيد قيمة الدراخما خلال أشهر قبل أن يتم عرض أوراق العملة الجديدة والقطع النقدية، وسوف تستخدم عملة اليورو والعملات في عمليات شراء صغيرة مع قبول التجار العلاوة التي يحددها السوق.

ويمكن تحويل الدين الحكومي الذي عقد من قبل المؤسسات المالية اليونانية إلي دراخما علي قدم المساواة، وسوف تلتزم هذه المؤسسات بقبول الدين الحكومي الجديد لدفع أصل الدين والفائدة المقبلة، وسوف تعلن الحكومة عن باقي ديونها بما في ذلك ديون بنك اليونان للبنك المركزي الأوروبي.

3- ما الذي قاد إلي هذه الأزمة؟

الإجابة عن هذا السؤال قصة طويلة لها جذورها الممتدة إلي تأسيس عملة اليورو، وإلي خمس سنوات من المحاولات الفاشلة في إنهاء الأزمة المتنامية، وإلي التجارب المتباينة في اليونان وألمانيا، وأخيراً إلي العملاق الاقتصادي الأوروبي وصانع القرار، وتوضح الرسومات البيانية التالية هذه الاختلافات الصارخة:

ويظهر الرسم الأول بعنوان «إيرادات الضرائب غير المحصلة» إلي أن ألمانيا لم يكن لديها مشكلات تقريباً فيما يتعلق بدفع الممولين لضرائبهم في الوقت المناسب للحكومة، أما اليونان فواجهتها مشكلات لا نظير لها.

وتمتعت ألمانيا بأقل ديون ضريبية مقارنة بالدول الأخري في أوروبا، بينما عانت اليونان أعلي نسبة ديون في القارة، وهذا الاختلاف لا يساعد ألمانيا فقط علي التمتع بوضع مالي أكثر صحة من اليونان، وإنما يشير إلي الفرق بين حكومة ملتزمة، وأخري معروفة تاريخياً بقلة التزامها.

ويظهر الرسم الثاني بعنوان «البطالة» سبب رغبة اليونان في السيطرة علي مستقبلها، فهي تعاني أسوأ معدل بطالة في القارة، وحتي أسوأ من الولايات المتحدة في فترة الكساد الكبير، وتزداد البطالة سوءاً بين الشباب، ويريد قادة اليونان مساراً مختلفاً لأن شاباً من كل اثنين في اليونان عاطل عن العمل، وهي مشكلة ستلقي بظلالها علي الاقتصاد اليوناني لأجيال.

والأكثر أهمية من ذلك، أنه بعد إجراء الاستفتاء بعد انهيار المحادثات مع أوروبا في بروكسل، هل ستستمر المفوضية الأوروبية، والبنك المركز الأوروبي، وصندوق النقد الدولي والمعروفة بـ«الترويكا» في تقديم الأموال للحكومة اليونانية للاستمرار في العمل ولسداد ديون الترويكا مجدداً؟

وأصر صندوق النقد الدولي بشكل خاص علي أن تخفض اليونان المعاشات بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي، واستجابت اليونان بأنها مستعدة لتخفيضها، ولكن بنصف هذه النسبة، وتعوض الفرق بزيادة الضرائب علي الشركات، وعندما لم يتوصلوا لاتفاق دعا رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، لإجراء الاستفتاء علي قبول شروط الدائنين أم لا.

وهذه الدعوة لم تؤد إلي تصعيد الأزمة علي المستوي السياسي فحسب، وإنما علي المستوي الاقتصادي أيضاً، فخلال الأشهر القليلة الماضية كان هناك سحب بطيء لودائع المدخرين من البنوك، ولكن تسارعت الوتيرة عندما تبين أنه لن يكون هناك اتفاق، وخشي الناس إجبار اليونان علي الخروج من كتلة العملة الموحدة وتحويل مدخراتهم إلي عملة يونانية جديدة، والتي لن تساوي في قيمتها اليورو.

وعندما فشلت محاولات التوصل لاتفاق، اضطرت اليونان لغلق بنوكها وفرض ضوابط رأسمالية من بينها وضع حد أقصي للسحب اليومي من ماكينات الصرف الآلي عند 60 يورو، ومنع الناس من تحويل أموالهم للخارج نتيجة هذا الفزع، ثم بعد ذلك، أعلنت اليونان أنها سوف تتعثر عن سداد 1.5 مليار يورو مستحقة لصندوق النقد الدولي، وهذا لا يثير الدهشة مطلقاً، فأثينا لا تمتلك 1.5 مليار يورو، بل لا تمتلك شيئاً في الأساس، فهي مفلسة.

وبدا الأمر في لحظة من اللحظات الأسبوع الماضي، أن المحادثات قد تستأنف، عندما طلبت اليونان في اللحظة الأخيرة حزمة إنقاذ جديدة بشروط جديدة، وعرضت أوروبا بعض التنازلات البسيطة، ولكن حينها أوضحت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والجهات الدائنة أنهم سوف ينتظرون نتيجة الاستفتاء، ثم أشعلت خطابات حزب سيريزا اليساري الأمور، وجعلت نتيجة الاستفتاء محسومة تقريبا بـ«لا».

4- إلي أي مدي هذا الوضع يعتبر كارثياً بالنسبة لليونان؟

يعد الوضع الحالي لليونان رهيباً للغاية، ويوضح الرسم البياني التالي لشركة «آر بي إس إيكونوميكس» للبيانات، أن اليونان تعاني أسوأ انحدار اقتصادي في التاريخ الحديث، نظراً إلي أنها ليست في حالة حرب.

5- هل سيكون الخروج من منطقة اليورو كارثة تامة؟

من الصعب معرفة ما يمكن أن يحدث أكبر من الكساد، ولكن هناك وجهة نظر تري أن ترك اليونان لكتلة العملة الموحدة قد يكون مفيداً لها، وإذا خابت وجهة النظر تلك، فهناك وجهة نظر ربما تكون أقوي منها، وهي أن الانضمام لليورو كان أمراً سيئاً من البداية.

كانت عملة اليورو تتويجاً لمشروع أوروبا المستمر منذ 60 عاماً والذي استهدف المزيد والمزيد من التكامل، وكانت حدثاً اقتصادياً مشهوداً، ولم يكن من الصعب التنبؤ بقدومه.. ومع ذلك، توقع الكثير من الاقتصاديين من بينهم ميلتون فريدمان، الحاصل علي جائزة نوبل في الاقتصاد، أن العملة الموحدة لن تنجح في حال اشتراك دول ذات حاجات اقتصادية مختلفة في سياسة نقدية موحدة وليس سياسة مالية واحدة.

وأضاف فريدمان، أنه في وقت من الأوقات سوف تصبح الأموال متوفرة بشدة لدي بعض الأعضاء وناقصة لدي البعض الآخر، ولن تكون هناك إجراءات لموازنة هذا الأمر، وبمعني آخر، يعد اليورو ورقةً للتعبير عن السلام والازدهار، ولكنه جعل الأمر الأخير مستحيل تحقيقه لبعض البلدان.

ووقع أكبر الأضرار من السياسة النقدية الموحدة علي اليونان، ففقاعتها الضخمة في أوائل الألفينيات كانت نتيجة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بالنسبة لها، وأزمتها الحقيقية منذ ذلك الحين تتمثل في تبنيها عملة أقوي مما تحتمل، ويمكن رؤية ذلك في الرسم البياني التالي الذي يقارن عائدات السندات الألمانية واليونانية.

ومع تمتع ألمانيا باقتصاد أقوي، وديون أقل بكثير، كان يفترض أن تدفع أقل بكثير عند الاقتراض، ولكن المستثمرين عاملوا اليونان وألمانيا بالمثل لسنوات طويلة؛ لأن الاثنتين جزء من اليورو.

وعندما بدأت أزمة الديون، هجر المستثمرون اليونان واندفعوا للملاذات الآمنة مثل سندات الخزانة الأمريكية.

والآن، وبدلاً من تخفيض اليونان قيمة عملتها لتجد طريق العودة إلي التنافسية، اضطرت الدولة لتعريض اقتصادها للانكماش، وهذا يعني أنها اضطرت إلي تقليص الأجور، وهو ما يجعل البطالة أسوأ، بدلاً من تخفيض قيمة عملتها، وهذه مشكلة تشبه المشكلة التي تسبب فيها معيار الذهب خلال ثلاثينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة خلال الكساد الكبير.

والفرق بين الولايات المتحدة وأوروبا، هو أن الأوروبيين أكثر تمسكاً باليورو مما كان الأمريكيون عليه مع معيار الذهب، وهذا لأن اليورو يشكل معيار الذهب، ولكن مع سلطة أخلاقية.

ولا يريد أحد التخلص من المشكلة الحقيقة، ولذلك تستمر المشكلات الأخري المصاحبة.

لماذا يهتم الجميع باليونان إلي هذا الحد رغم أن أقتصادها صغير؟

تمثل اليونان 2% من اقتصاد من مطقة اليورو، ولكن افضل طريقة للتفكير حيال أهمية شيء ما صغير جداً بدرجة كبيرة جداً هو التفكير كيف وصل إلي هذا الوضع في المقام الأول.

فحالياً، ينصح صندوق النقد الدولي أي دولة مفرطة في الاقتراض عادة بشطب ديونها، والعمل علي إحداث توازن في الموازنة المالية وتخفيض العملة، وقد يؤدي تبني فكرة عدم جدوي محاولة سداد أكثر مما تستطيع إلي هزيمة ذاتية، لكن في الوقت نفسه تحتاج الدولة إلي تبني سياسية مالية يمكنها ان تعول عليها بحيث لا تحتاج الي خطة انقاذ الواحدة تلو الأخري.

ورغم ذلك تحتاج الحكومات إلي أن تكون بارعة، ففي الوقت الذي يجب العمل فيه علي زيادة الضرائب وخفض الإنفاق مع ما بهما من ضرر للاقتصاد، فإنه يجب العمل علي زيادة معدلات النمو، وإلا فإن الناتج المحلي الإجمالي سوف ينكمش، ما يجعل الأمور صعبة لمن يرغب في سداد ديونه حتي لو كانت محدودة.

ولذلك خصص صندوق النقد الدولي جرعةً كبيرةً من المحفزات المالية لتوفير العملة الرخيصة لمجابهة الآلام الاقتصادية الناجمة عن التقشف المالي، وبالمناسبة هذا ما فعلته آيسلندا لتحقيق تعافٍ سريع، لكنها خفضت الموازنة العامة أكثر من أي دولة أخري باستثناء اليونان.

لكن اليونان لم يكن لديها عملة رخيصة أو تخفيف كافٍ لأعباء الديون، وكان ذلك الخطأ الأكبر في حزمة الإنقاذ الأوروبية لأثينا، فبالعودة إلي عام 2010 كان صناع القرار يشاهدون الخريطة في منطقة اليورو علي شكل صف من قطع «الديمنو» التي تنتظر سقوط الأولي ليتبعها باقي الدول. ووفقاً لهذا التصور، فإن تعثر اليونان في سداد الديون يضرب البنوك الفرنسية والألمانية التي اقرضتها.

وقد يدفع التعثر اليونان إلي الخروج من منطقة العملة الموحدة، وهو ما يجعل الأسواق المعنية تراهن علي الدولة التالية التي ستتبعها في ذلك الخروج. ويعني خروج اليونان ارتفاع تكلفة الاقتراض بحسب ما تعتقد البرتغال، وبالتالي سوف تتعثر هي الأخري في السداد، ومن ثم ترتفع تكلفة الاقتراض لإسبانيا، فتتعثر أيضاً حتي ينتهي الأمر بتعثر المنطقة بالكامل.

وبمعني آخر لا يمكن السماح بتعثر اليونان حتي لو كانت تحتاج لذلك لأنه سوف يؤدي إلي حدوث تنبؤات بتفكك منطقة العملة الموحدة اليورو.

ويشرح ما سبق أهمية إعطاء اليونان النقود التي تذهب في واقع الأمر إلي دائنيها، وتكون الأنباء السارة في هذه الحالة من نصيب البنوك الفرنسية والألمانية التي سوف تسترد مستحقاتها.

لكن النتيجة الأخيرة لهذه الدورة المالية تركت اليونان كما هي مثقلة بالديون، والفارق الأساسي هو أن دائنيها أصبحوا من الفئة الرسمية مثل صندوق النقد الدولي بدلاً من البنوك الخاصة.

وبعد عامين من تقديم الدائنين الرسميين لأموال رخيصة للقطاع الحكومي بسعر فائدة منخفض وفترات سماح، ما زال القطاع الخاص غير قادر علي الوفاء بالتزامات ديونه بسبب تدهور الاقتصاد الذي تلقي ضربات جراء خفض الموازنة والعملة القوية التي تجعل من القدرة التنافسية للصادرات محدودة.

وتعاني اليونان منذ 2008 قفزات كبيرة في الديون مقابل انكماش حجم الاقتصاد.

وبعد مرور 5 سنوات يبدو أن أوروبا قد تكون مضطرة للاستعداد لتعثر اليونان رغم الجدار الوقائي الذي أنشأه البنك المركزي الأوروبي، والذي سيمنع أي حالة ذعر قد تنجم عن ذلك في الأسواق، لكن هذا الجدار لم يخضع للاختبار إلي الآن.

ويجب أن يحرص البنك الأوروبي علي أن يكون هذا الجدار قوياً بما فيه الكفاية، ومع ذلك لا يرغب أحد في أوروبا للوصول إلي هذه المرحلة؛ لأنها غير مضمونة العواقب، ويبدو أنهم مستعدون لإعطاء أثينا كل ما تريده في سبيل عدم حدوث ذلك.

7 – ما الذي يعينه ذلك بالنسبة للاقتصاد العالمي؟

قد لا يكون تأثير الأزمة اليونانية علي العالم كما نعتقد، لكن الجدار الواقي الأوروبي سوف يعمل، ومن الصعب القول ما الذي سوف يحدث في أسوأ الأحوال إذا غادرت اليونان منطقة اليورو، لكننا سنعرض لتصورنا المتوقع إذا حدث هذا الأسوأ.

بالنسبة لليونان، فإن عودتها لعملة الدراخما سيصحبها هبوط كبير في قيمتها، ناهيك عن ارتفاع التضخم لمعدلات تفوق الـ10% وسيتم خفض واردات الطعام والبترول، فيما ستتعرض الشركات التي تقترض باليورو بالتأكيد للافلاس، وستضطر الحكومة لإعادة ضبط موازنتها من جديد كل ليلة.

ويمكن التعبير عن الأزمة بشكل آخر بأن اليونان ستحصل علي صفقة كبيرة من الأوضاع السيئة خاصة في بلد يعاني أصلاً من 25% بطالة، لكن بعد عام وربما عامين سوف يمر هذا الألم، وسيكون لدينا عملة جديدة ورخيصة، وهو ما يعني زيادة الصادرات وجذب مزيد من السياحة، وتحسن مؤشر التنافسية بشكل عام.

وبالنسبة لأوروبا، فإنها ستفقد الكثير من الأموال، فاليونان لم تحصل فقط علي حزمة إنقاذ بلغت 240 مليار يورو، لكن بنوكها اقترضت من البنك المركزي الأوروبي أيضاً نحو 90 مليار يورو، وسوف تتعثر في السداد بالتأكيد في حال الخروج من منطقة اليورو.

والأهم مما سبق هو تداعيات هذ الخروج علي صف «الديمنو»، فتكلفة الاقتراض سوف ترتفع في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، لكن البنك المركزي الأوروبي الذي أطلق برنامج شراء السندات السيادية في هذه البلدان تعهد في الحقيقة بمزيد من عمليات الشراء في حال تأزمت الأوضاع بشرط الإبقاء علي أسعار الفائدة في بنوكها المركزية منخفضة، وهو ما يعني أنها إذا لجأت لرفع سعر الفائدة فسيكون بنسبة محدودة للغاية.

النقطة الثالثة مرتبطة بالعملة الأوروبية الموحدة التي من المتوقع أن تنخفض قيمتها أكثر مما هي عليه الآن، وبالتالي سوف تنتعش الصادرات لكن أسوأ شيء ممكن أن يحدث لأوروبا، هو أن يتحسن أداء الاقتصاد اليوناني عقب الخروج من منطقة اليورو؛ لأنه قد يغري الآخرين بفعل نفس الشيء.

وسوف يدعم تحسن الاقتصاد اليوناني في هذه الحالة الأحزاب الأوروبية في الدول المجاورة خصوصاً اليسارية المناهضة لخطط التقشف والداعية إلي الانفصال عن اليورو والاتحاد الأوروبي كله التي ستروج إلي أن الخروج لن يؤدي إلي خسائر تذكر سوي الانفصال عن سلسلة الربط المالي مع الدول التي تطالب دائماً بخفض الموازنات.

بالنسبة للولايات المتحدة وباقي دول العالم، فإن البنوك لن تتأثر كثيراً، لكن بعض صناديق التحوط قد تفلس، وسيكون ميزان التنافسية في صالح الأوروبيين نتيجة انخفاض سعر صرف اليورو، وارتفاع قيمة الدولار، وهو ما يعني انخفاض الصادرات الأمريكية نسبياً فليس علي الأمريكيين القلق من تعثر دولة الناتج المحلي الإجمالي لها يعادل ولاية كونتيكيت، لكن الحقيقة الواحدة التي رسختها هذه الأزمة هي كم هي هشة منطقة اليورو!!

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.