من كارولين كون وبرناردو فيزكاينو
لندن/ سيدني (رويترز) - يرى العاملون بصناعة التأمين في الغرب والشرق الأوسط في ايران سوقا مغرية حجمها ثمانية مليارات دولار في أعقاب الاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية وذلك رغم أن الغموض الذي يلف موعد رفع العقوبات السارية على طهران يلزمهم توخي الحذر.
وقال ثمانية من بين 11 متخصصا في صناعة التأمين وإعادة التأمين ردوا على أسئلة أرسلتها لهم رويترز بالبريد الالكتروني إن ايران إما سوق مغرية أو مغرية جدا لاسيما في قطاعات الأنشطة البحرية والطاقة. وطلبت رويترز الاجابات على أساس عدم الكشف عن أصحابها لحساسية الموضوع.
وبينما قال عدد منهم إنهم يتوقعون دخول السوق الايرانية بنهاية العام 2016 قال آخرون إن من الصعب تحديد إطار زمني لاستمرار المخاوف بشأن كيفية إلغاء العقوبات والموعد الذي سيحدث فيه ذلك.
ويقضي الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا في 14 يوليو تموز بخضوع البرنامج النووي الايراني لقيود مقابل الغاء العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي.
وسيفتح ذلك أبواب سوق حجمه ثمانية مليارات دولار يتمثل في أقساط تأمين للشركات العالمية التي تتطلع للمشاركة في التأمين من مخاطر كبيرة في مجال التصدير كما أنه يبشر شركات التأمين الاقليمية بتحديد معيار تحتاج إليه بشدة.
ومازال الاتفاق بحاجة لموافقة الكونجرس الأمريكي الذي يعارض فيه جمهوريون متشددون الرئيس باراك أوباما. كما أنه يواجه اعتراضات من جانب المحافظين المتشددين من ذوي النفوذ في ايران.
ومع ذلك بدأت الأنظار تتجه إلى ايران صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تتمتع بقطاع ضخم للنفط والغاز وارتفاع نسبة الشبان المتعلمين بين سكانها.
وقال لودوفيتش سوبران كبير الاقتصاديين في يولر هيرميس للتأمين على الائتمان "الدفعة الاقتصادية الرئيسية لايران ستأتي في 2016 رغم أن ثقة المستهلكين والمستثمرين المحليين ستشهد دفعة في الأجل القريب."
ومن المحتمل أن تبدأ عملية رفع العقوبات نحو نهاية العام الجاري.
وستصبح الجمهورية الاسلامية أكبر اقتصاد يعاود الانضمام للنظام المالي والتجاري العالمي منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991.
ويتطلع المستثمرون بالفعل لتأسيس صناديق استثمارية خاصة بايران التي يصفها البنك الدولي بأنها من الدول ذات دخل أعلى من المتوسط ويبلغ عدد سكانها 78 مليون نسمة.
وتأتي الأنشطة البحرية والطاقة على رأس القطاعات التي تهتم شركات التأمين بالعمل فيها سواء للمشاركين في استطلاع رويترز الذين ردوا على الأسئلة أو لغيرهم من العاملين في الصناعة.
وقال بن أبراهام رئيس قسم التأمين البحري بشركة ويليس للوساطة في قطاع التأمين "من الناحية التاريخية تعاملنا مع ايران وما يحدث هناك يثير الاهتمام."
وأضاف أن الشركة ستلتزم بنظام العقوبات لكنها ستراقب الوضع تحسبا لأي تغيرات.
وتابع "من الناحية البحرية يوجد بعض من كبار ملاك السفن في ايران. ويوجد كذلك الكثير من الشحن البحري والمرافيء."
* الرغبة في العودة لايران
على المستوى العالمي يتم التأمين على الأنشطة الكبرى مثل النفط والنقل البحري محليا على أن تشارك شركات إعادة التأمين في أوروبا أو سوق لويدز للتأمين في لندن في تحمل عبء أي مطالبات تأمينية مقابل جزء من أقساط التأمين.
وقال ماهيش ميستري مدير التحليلات بشركة ايه.إم بست للتصنيفات التأمينية إنه منذ فرض العقوبات تولت شركات محلية عمليات التأمين وإعادة التأمين إلى حد كبير في سوق التأمين الايرانية التي يبلغ حجمها ثمانية مليارات دولار.
وأضاف "لويدز دعمتهم (الشركات الايرانية) في الماضي وسيرغب البعض بشدة في العودة."
غير أن عدة شركات تأمين من بينها شركة بيزلي في سوق لندن قالت إنها لم تبدأ بعد إجراء أبحاث حول السوق الايرانية.
وقال أندرو هورتون الرئيس التنفيذي لبيزلي "ايران بلد لم نستطع إجراء تعاملات فيه بسبب العقوبات ولذلك نحتاج لمزيد من الوضوح."
وقال أحد العاملين في صناعة التأمين إن شركات التأمين الغربية ستواجه أيضا منافسة من شركات هندية وروسية ومن جنوب شرق آسيا أجرت بالفعل تعاملات في ايران.
غير أن اختراق قطاعي النشاط البحري والطاقة يعتبر أسهل في سوق جديدة لمن يتعجل دخول السوق من القطاعات الاستهلاكية مثل السيارات وذلك لانهما لا يتطلبان وجودا في السوق المحلية.
لكن الاجابات التي تلقتها رويترز أظهرت كذلك أن بعض شركات التأمين تهتم بمجالات مثل السيارات والصحة كما أن احتياجات ايران في قطاعي الطيران والبنية التحتية تعتبر أيضا من المجالات الواعدة.
وقال ساسان سلطاني مدير تطوير الاعمال الاقليمية بشركة ايران للتأمين ومقرها دبي "لقد شهدنا بالفعل بعض الشركات المتعددة الجنسيات التي يرتبط نشاطها بالتأمين من سماسرة وشركات تعهيد تبدي اهتمامها بالدخول (الي ايران) وبعضها دخل بالفعل."
وأضاف أن ايران تحتاج أيضا لتيسير القواعد التنظيمية التي تعوق عمل الشركات الأجنبية.
غير أن من عوامل القلق الرئيسية عدم الاستقرار السياسي والصراع المسلح في كثير من دول الشرق الاوسط بالاضافة إلى الغموض الذي يكتنف التوقعات الاقتصادية لايران.
كذلك ثمة مخاوف من رد فعل اقليمي معاكس للاتفاق النووي من جانب خصوم ايران مثل السعودية واسرائيل أو فشل ايران نفسها في الوفاء بشروط الاتفاق.