💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

أسباب سقوط الدول النامية في الديون- هو نفس واقع مصر المرير

تم النشر 10/10/2016, 12:42
محدث 10/10/2016, 12:45
© Reuters.  أسباب سقوط الدول النامية في الديون- هو نفس واقع مصر المرير

لقد سارت الدول النامية في طريق الاستدانة حين ظنت أنها قادرة من خلال الحصول على هذه الديون على استغلالها في برامج التنمية المختلفة، ولكن بعد سنوات طويلة من السير على هذا الأسلوب وجدت نفسها في مفترق الطرق فلا هي حققت التنمية ولا هي قادرة على الوفاء بديونها الخارجية أو الداخلية، بل أن هذه الديون وقفت حجر عثرة في طريق التنمية الاقتصادية لهذه الدول، وأمام العجز عن سداد هذه الديون واستجابة لضغوط المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد لجأت الدول النامية لمزيد من الاستدانة أو إعادة جدولة ديونها وتقديم العديد من التنازلات والتضحيات التي قد تمس بسيادتها أحيانا، واستمر الصعود في حجم ديون الدول النامية حيث تضاعفت الديون الخارجية للدول النامية العربية فقط خلال العقدين الماضيين سبع مرات إذ زاد حجمها من 49 مليار دولار في عام 1980م إلى 325 مليار دولار في عام 2000م ولم يصاحب هذا الارتفاع زيادة مماثلة في الناتج المحلي.

هناك العديد من الأسباب التي دفعت الدول النامية في بداية الأمر إلى الاستدانة بعضها داخلية كالعجز في الموازنات العامة والتضخم الذي أثر في قيمة العملات الوطنية والركود الاقتصادي المحلي والعالمي، وبعضها خارجية كالركود العالمي الحالي وانخفاض أسعار المواد الخام الأولية وارتفاع قيمة الفائدة وغير ذلك وفيما يلي بيان لأهم الأسباب الداخلية والخارجية لتفاقم أزمة الديون الخارجية للدول النامية:

أولاً: الأسباب الداخلية:

1- الميل إلى الاستثمار من أجل التنمية:

ويتطلب كثافة رأس مالية وتكنولوجيا متقدمة وهو ما تفتقر إليه تلك الدول, مما اضطرها إلى الاقتراض الخارجي لشراء الآلات والمعدات والتعاقد مع الخبراء الأجانب وشراء براءات الاختراع وحقوق الصنع.

2- سوء توظيف القروض

لقد كانت المبالغة الملحوظة في اللجوء إلى الاقتراض الخارجي هي سمة السبعينيات وذلك على أمل السداد من مشروعات طموحة تم الاقتراض من أجلها لكن سوء التخطيط وتغير السياسات الاقتصادية وتخبطها من فلسفة اشتراكية إلى ليبرالية ومن ليبرالية إلى اشتراكية أدى إلى فشل الكثير من المشروعات، وقد اقترنت عملية الاقتراض في العديد من الأحيان بزيادة كبيرة في الاستهلاك الترفي وفساد الحكومات التي تقترض كثيرا للرفع من مستوى معيشة شعوبها بشكل مصطنع كرشوة لشراء ولاء الشعب وسكوته.

فإذا ما قمنا بمقارنة بين توظيف الأموال الأجنبية في الدول الرأسمالية وبين توظيفها في الدول النامية سنلاحظ أن الأولى ركزت على استيراد المواد الخام الأولية ذات الأسعار المنخفضة اللازمة للتنمية الصناعية وأخذت بتصدير السلع ذات الأسعار المرتفعة لتنتقل في مرحلة لاحقة إلى تصدير رأس المال الأجنبي إلى الدول النامية، فقد أدركت أن الدول النامية تعتبر أرضية خصبة لاستثماراتها. أما الدول النامية فقد ركزت على استيراد السلع الاستهلاكية والرأسمالية ذات الأسعار المرتفعة وأخذت بتصدير الكثير من مواردها الطبيعية على شكل مواد خام وبأسعار زهيدة. هذا التخصص في إنتاج المواد الأولية أدى إلى تعريضها إلى آثار الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها أسواق هذه المواد والتناقضات التي شهدتها الأنظمة الاقتصادية.

ومن المعلوم أن مصر تقوم بتصدير المواد الخام بأسعار زهيدة جدا، ثم تعود مرة أخرى إلى شراء نفس هذه المنتجات بعد تصنيعها، حيث بلغ حجم واردات مصر من السلع الاستهلاكية إلى 80 مليار دولار سنويا، في الوقت الذي يستقر الاحتياطي النقدي حاليا بالقرب من مستويات 20 مليار دولار، وهو دفع أسعار الدولار في السوق السوداء لتسجل مستويات 13 جنيه للدولار الواحد.

3- تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج:

في الوقت الذي كانت فيه سياسة الإقراض على قدم وساق لسد الفجوة التمويلية للمشروعات التنموية كان الفساد الإداري والمالي والسياسي يعم أجهزة الدولة ومؤسساتها في معظم الدول النامية. وقد نجم عن هذا الفساد نهب جانب كبير من القروض الخارجية وتهريبها إلى الخارج وتم إيداعها في البنوك الأجنبية لحساب أصحاب النفوذ والسلطة ورجال الأعمال القريبين منهم، وأدت هذه الظاهرة إلى تراكم الديون وفشل التنمية، وهو ما حدث على مدار أكثر من ثلاثين عاما، والذي اتضح جليا بعد اندلاع ثورة 25 يناير، وظهور أموال بالمليارات تم تحويلها من قبل ذوي النفوذ والمصالح من مصر إلى بنوك سوسرية وانجليزية.

4- الاهتمام بالصناعة على حساب الزراعة:

أدى هذا التوجه إلى تزايد الحاجة إلى الواردات الغذائية وإهمال الزراعة كدعامة هامة لاقتصاديات تلك الدول والاهتمام بالصناعة التي تتطلب بطبيعتها كثافة رأسمالية تفوق طاقات أغلب الدول النامية مما أدى للجوء إلى الاقتراض الخارجي لتمويل هذه الصناعات.

5- العجز المتزايد في ميزان المدفوعات:

أدى العجز المستمر لموازين المدفوعات في معظم الأقطار العربية الناجم عن تزايد الواردات السلعية على حساب الصادرات إلى اختلال تجاري واضح تسبب باللجوء إلى الاقتراض الخارجي وتفاقم المديونية.

ثانياً: الأسباب الخارجية:

ارتفاع أسعار الفائدة:

كان للارتفاع الشديد الذي طرأ على أسعار الفائدة في أسواق المال الدولية دورا حاسما في استفحال أزمة المديونية إذ تجاوزت في العديد من البلدان الفوائد الزائدة المدفوعة قيمة التمويل الإضافي الصافي وتكبدت البلدان المدينة مبالغ متزايدة عبر السنين وأصبح بند خدمة الدين يمثل نصيبا هاما من صافي الديون ويستحوذ على مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي.

انخفاض الأسعار العالمية للمواد الخام:

أدى انخفاض أسعار المواد الأولية المصدرة إلى الأسواق العالمية (كالبترول والمواد الخام الأخرى) إلى تدهور شروط التبادل التجارية للبلدان المصدرة لهذه المواد، مما أدى إلى تفاقم عجز ميزان المدفوعات الذي يزيد من الميل إلى الاستدانة الخارجية.

3- آثار الركود التضخمي السائد في معظم الدول الرأسمالية:

نظرا لاندماج معظم الدول النامية -ومنها الدول العربية- في النظام الاقتصادي العالمي وتبعيتها له تجاريا وغذائيا ونقديا وتكنولوجيا فضلا عن التبعية العسكرية والسياسية, فإن ما يحدث في هذا النظام من تقلبات وأزمات يؤثر تلقائيا في الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان.

ومنذ بداية الثمانينيات أفرزت السياسات الانكماشية التي طبقتها معظم الدول الرأسمالية الصناعية حالة من الركود الاقتصادي مصحوبة بالتضخم أصبحت تعرف بالركود التضخمي الذي أثر كثيرا في الأوضاع المالية وانخفض حجم العملات الأجنبية فيها, في الوقت الذي تزايدت فيه مدفوعات خدمة الدين وتفاقمت صعوبات الاقتراض الخارجي وخاصة بعد انفجار أزمة الديون الخارجية عام 1982.

الخلاصة:

إن إسهام الدول الرأسمالية والدول الغنية في إمداد الدول النامية الفقيرة بالأموال يكون في صور مختلفة ، فهي إما أن تكون في صورة استثمارات أو في صورة معونات أو في صورة قروض ، وفي الغالب لا تقدم هذه الأموال بدون مقابل أو بدون ضمانات ، فهنا يفرض الطرف الأقوى المقدم لهذه الأموال شروطه على الطرف الأضعف المتلقي لهذه الأموال، وقد تطورت آلية هذه الشروط منذ عام 1982م حينما وصلت مديونية الدول النامية في ذلك العام إلى 575 مليار دولار، حيث توضع الشروط من خلال طبيعة العلاقة بين الدولة الدائنة والدولة المدينة، ومن خلال طبيعة المصالح الاقتصادية والسياسية بينهما ، حيث تدور الشروط في الغالب حول سعر الفائدة وفترات السماح وآجال السداد والضمانات وقد تمتد لتشمل ربط القروض باستيراد مواد معينة من الدولة الدائنة، ومن أمثلة هذه الشروط ذلك الشرط الذي وضعه البنك الدولي عندما طلبت الأردن قرضاً لبناء سد على نهر الأردن فقد اشترط هذا البنك موافقة إسرائيل على بناء السد وتعهدها بعدم تدميره وهو بالطبع الأمر الذي منع إتمام هذا القرض، وحدث نفس الأمر عندما اشترط موافقة الولايات المتحدة الأمريكية عندما طلبت مصر تمويل بناء السد العالي في الستينات من البنك الدولي وهذا الشرط لم يتوفر بالطبع.

يتزامن هذا مع مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يصل إلى 12 مليار دولار، وكما نعلم جميعا فإن هذه المؤسسة لا تعمل بأي حال من الأحوال لصالح الدول النامية، وإنما تستخدمه الدول الرأسمالية كأداة لاستعمار تلك الدول ونهب خيراتها، بدلا من التدخلات العسكرية والتي قد تكلفها أموالا كثيرة، فمصر حاليا على وشك الدخول في شرك هذا الفخ الذي سقط فيه الكثير من الدول قبلها، والتي كانت أحلامهم أن يستفيدوا من تلك القروض في إحداث تنمية في دولهم، إلا أن التاريخ يشير إلا أن معظم هذه الدول قد ازدادت فقرا على فقر، وما كان من نتيجة ذلك إلا قيام شعوب هذه الدول بثورات لإزاحة الظلم والفساد، وفي هذه الأثناء يتمخض من بين هذه الشعوب وليدا بلا عقل قد رمى نفسه في أحضان تلك الدول الاستعمارية من أجل الوصول إلى السلطة، وبذلك تنضم تلك الدولة إلى سلسلة من الدول ضمن مستعمرات الدول التي تتغذى على آلام وفقر وجوع الشعوب.

أود أن أشير إلى أن مثل هذا المبلغ الزهيد، لن تجني منه مصر سوى مزيد من الاستعباد والتبعية لتلك الدول، وخير دليل أن مصر قد حصلت خلال السنوات القليلة الماضية على أضعاف ذلك المبلغ كدعم من الدول العربية الشقيقة، ولكنها لم تستغله بشكل يعمل على زيادة معدلات التنمية، بل على العكس الأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم.

إن خطورة تفاقم الدين العام المصري لا تقتصر على البعد الاقتصادي فحسب بل تمتد للبعدين السياسي والاجتماعي كذلك، وتبدو مخاطر البعد الاقتصادي من أن الوضع الاقتصادي يكون قابلا للانفجار في أى وقت، خاصة وأنه من المتوقع أن يصل الدين العام المحلي والخارجي في يونيه 2018 إلى نحو 5.5 تريليون جنيه بنسبة 139% من الناتج المحلي الإجمالي، منها ديون خارجية بنحو 130.7 مليار دولار بنسبة 36% من الناتج المحلي الإجمالي، وديون محلية بمبلغ 4.1 تريليون جنيه بنسبة 103% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أن تجاوز قيمة الدين العام إجمالي الناتج المحلي يجعل موارد الدولة العامة مُسخَّرة لخدمة هذا الدين العام لعدة عقود حيث تكون الموازنة العامة غير قادرة على الوفاء بأقساط الديون السنوية المستحقة الدفع فتلجأ الدولة الى انتهاج سياسة تدوير القروض وذلك باقتراض ديون جديدة بأسعار فوائد مرتفعة لسداد الديون الحالة الأداء أو الديون القديمة، وهكذا تغرق الدولة في دوامة الديون.

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.