الأسواق الناشئة تشعل السباق على براءات الاختراع

تعزيز الإنفاق على البحث والتطوير عامل الحسم فى السنوات الأخيرة
تجاوز عدد طلبات براءات الاختراع التى قدمتها بلدان الأسواق الناشئة الطلبات التى قدمها العالم المتقدم لأول مرة.
وكشفت بيانات المنظمة العالمية للملكية الفكرية، أن 12 دولة رائدة فى الأسواق الناشئة تقدمت بنحو 1.49 مليون طلب للحصول على براءات اختراع فى 2015 متجاوزة بذلك عدد الطلبات التى قدمتها البلدان المتقدمة البالغة 1.48 مليون طلب.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن هذه الأرقام بعيدة كل البعد عن مستويات عام 2004 عندما قدمت 12 بلدا من الأسواق الناشئة 372 ألف طلب فقط أى بنسبة 29% من مجموع الطلبات فى العالم المتقدم البالغة 1.3 مليون.
وقال إميل وولتر، الرئيس المشارك لفريق الأسواق العالمية فى شركة «كومجيست» الفرنسية لإدارة الأصول إن البيانات الجديدة تشير إلى بزوغ عصر جديد من الابتكار، حيث بدأت اقتصادات الأسواق الناشئة فى التخلص من صورتها كمراكز للصناعات التحويلية منخفضة التكلفة لشركات الأسواق المتقدمة.
وقادت الصين الارتفاع فى الأسواق الناشئة حيث قدمت 1.1 مليون طلب فى عام 2015 بزيادة قدرها 745% مقارنة بحوالى 130 ألفا فى عام 2004 متجاوزة كوريا الجنوبية التى تقدمت بحوالى 214 ألف طلب.
جاء ذلك فى الوقت الذى شهد فيه عدد من الدول الناشئة الأخرى نموا قويا وإن كان من قاعدة منخفضة.
وتقدمت تركيا بحوالى 5.841 ألف طلب فى عام 2015 أى بزيادة قدرها 537% منذ عام 2004، بينما ارتفع مستوى تقديم الطلبات فى فيتنام بنسبة 252% إلى 5.033 ألف فى وقت زادت طلبات الهند بنسبة 161% إلى 45.658 ألف طلب.
وعلى النقيض من ذلك شهدت اليابان انخفاضا فى تقديم طلبات براءات الاختراع بمقدار الربع خلال نفس الفترة إلى 319 ألفا، بينما ارتفعت الطلبات فى أوروبا بنسبة 16% فقط ليبلغ إجمالى الطلبات هناك 520 ألفا.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة شهدت نموا سريعا بنسبة 65% إلى 589 ألف طلب بشكل عام فإن العالم المتقدم شهد ارتفاعا سنويا بنسبة 17% منذ عام 2004.
وقال وولتر، «كان هناك ارتفاع حاد جدا فى تسجيل الطلبات من قبل الأسواق الناشئة حيث كان هناك اسهام كبير نظرا لركود الأسواق المتقدمة خلال السنوات الأخيرة مقابل الاندفاع من الصين وعدد من الدول الأخرى.
وتعكس بيانات براءات الاختراع الاتجاه الذى شهد تزايدا فى تكنولوجيا المعلومات ليصبح أكبر قطاع على مؤشر الأسواق الناشئة الرئيسى وهو ما يمثل 24.5% من القيمة السوقية لسوق الأوراق المالية مقارنة بنسبة 16% فى نهاية عام 2004.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من بلدان الأسواق الناشئة عززت إنفاقها على البحث والتطوير فى السنوات الأخيرة حيث بلغت نسبة البحث والتطوير فى الصين 2.05% من ناتجها المحلى الإجمالى فى عام 2014 بعد أن كانت 0.57% فى عام 1996 وفقا لبيانات منظمة الأمم المتحدة.
وشهدت كوريا الجنوبية ارتفاعا فى الإنفاق على البحث والتطوير من 2.24% إلى 4.29% خلال نفس الفترة أى ضعف المعدل العالمى البالغ 2.15%.
وفرضت الشركات الصينية مثل «بايدو (NASDAQ:BIDU)» و«هواوي» و«تينسنت» و«ديدى تشوكسينج» و«على بابا» نفسها على قائمة أذكى 50 شركة فى العالم جنبا إلى جنب مع شركة «كوبانج» من كوريا الجنوبية و«افريقيا انترنت جروب» فى نيجيريا.
وعلى الرغم من التقدم الذى أحرزته العديد من الأسواق الصاعدة لكن هناك أسبابا تدعو إلى التشكيك فى جودة بعض التقدم التكنولوجى فى المنطقة.
أوضح جوناثان ويتزل، وهو مدير معهد «ماكنزي» العالمى فى شنجهاي، أن الصين لا تزال لديها «فجوة نوعية» مع العالم المتقدم من حيث براءات الاختراع وغيرها من مؤشرات الابتكار.
وفى الوقت نفسه توقع أن بعض البيانات التى تم الكشف عنها قد تبالغ فى التقدم التكنولوجى الصينى.
وعلى الرغم من أن الصين ليست متخلفة جدا إلا أن طلبات براءات الاختراع الصينية لا تزال تميل إلى أن تكون أقل جودة من تلك الموجودة فى دول العالم المتقدم.
وعلاوة على ذلك لا تزال بعض البلدان متخلفة عن الركب مثل الهند التى كانت طلبات براءات الاختراع لديها تمثل نسبة 4% فقط من طلبات الصين فى عام 2015 رغم وجود عدد مماثل من السكان.
وأشار وولتر، إلى أن تسجيلات الهند لا تبدو مثيرة للإعجاب نظرا لحجم البلاد ويوضح ذلك التحدى الذى يواجهه رئيس الوزراء نارندرا مودي، فى البحث عن فرص تشجيع المزيد من المنافسة والتى عادة ما تحتاج إلى الابتكار.
وكشفت الأبحاث مؤخرا عن وجود علاقة عكسية بين نمو براءات الاختراع وأداء السوق فى مجموعة من بلدان الأسواق الناشئة منذ عام 1998.
وشهدت الصين على وجه الخصوص نموا سريعا فى منح براءات الاختراع ولكن عوائد سوق الأسهم أقل من تلك التى حققتها البلدان ذات النمو البطيء فى البراءات مثل جنوب أفريقيا وبيرو وكوريا الجنوبية.
وعلاوة على ذلك فإن التقييمات التى تقاس بالقيمة السعرية إلى القيمة الدفترية أقل فى البلدان التى تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية، حيث تنفق نسبة أعلى من ناتجها المحلى الإجمالى على البحث والتطوير.
وخلصت مؤسسة «سيتى جروب» إلى أن السوق يبدو أنه لا يرغب فى الدفع نحو البحث والتطوير ولكن يفضل جنى الأرباح فى الوقت الراهن.