من ماهر شميطلي
بغداد (رويترز) - قال مسؤولون أكراد يوم الخميس إن آلافا فروا من كركوك خوفا من الاضطهاد منذ سيطرة قوات الحكومة العراقية على المدينة المتنازع عليها بعد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي رفضته بغداد.
وأضاف المسؤولون إن ما يقدر بنحو 100 ألف خرجوا من المدينة لكن هذا العدد لم يتسن التحقق منه بشكل مستقل وبدت الحياة طبيعية في أحياء عديدة من كركوك.
وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها يوم الخميس من تقارير عن تهجير قسري لمدنيين أغلبهم أكراد من مناطق سيطرت عليها القوات العراقية وتدمير ونهب منازلهم وشركاتهم في شمال العراق وحثت بغداد على وقف مثل تلك الانتهاكات.
وقال محمد ملا حسن وهو مسؤول محلي في العراق إن كرديا قتل وأصيب ستة آخرون يوم الخميس أثناء احتجاجهم على سيطرة القوات العراقية على مدينة خانقين.
وانسحبت القوات الكردية يوم الثلاثاء من المدينة الواقعة على الحدود مع إيران لتجنب مواجهة مع القوات العراقية.
وكانت القوات العراقية قد اجتاحت كركوك متعددة الأعراق، التي يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة وتعد مركزا رئيسيا لإنتاج النفط، دون مقاومة تذكر يوم الاثنين بعد انسحاب معظم قوات البشمركة الكردية منها تحاشيا للاشتباك معها.
كما استعادت القوات العراقية السيطرة على حقول نفط كركوك لينخفض إلى النصف حجم الإنتاج الذي كان يخضع مباشرة لإقليم كردستان العراق شبه المستقل موجهة ضربة خطيرة لمسعى استقلال الأكراد.
وأدت سيطرة بغداد على كركوك، الواقعة خارج الحدود الرسمية للإقليم مباشرة ويطالب بها العرب والأكراد والتركمان، إلى إثارة مخاوف الأكراد من تعرضهم لاعتداءات من فصائل الحشد الشعبي الشيعية.
وقال نوزاد هادي محافظ أربيل عاصمة الإقليم للصحفيين إن حوالي 18 ألف أسرة من كركوك ومدينة طوزخورماتو الواقعة إلى الجنوب الشرقي لجأت إلى أربيل والسليمانية. وقال أحد معاونيه لرويترز إن العدد الإجمالي للنازحين بلغ نحو 100 ألف فرد.
وقال هيمن هورامي أحد كبار مساعدي رئيس الإقليم مسعود برزاني في تغريدة على تويتر إن النازحين "فروا من عمليات نهب وظلم طائفي" من فصائل الحشد الشعبي.
وقال مسؤولون في مجال الإغاثة في الأمم المتحدة إنهم تلقوا مزاعم بأن 150 منزلا أحرقت وجرى تفجير 11 في طوزخورماتو وبأن مقار أحزاب تركمانية في كركوك تعرضت لهجمات.
وقالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق في بيان "تحث الأمم المتحدة حكومة العراق على اتخاذ كل الإجراءات لوقف أي انتهاكات وضمان حماية كل المدنيين ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف والترهيب والتهجير القسري للمدنيين".
وتقع خانقين، التي يقطنها بالأساس أكراد شيعة، خارج الحدود الرسمية لإقليم كردستان العراق شبه المستقل في شمال البلاد. وتطالب حكومة الإقليم وحكومة بغداد المركزية بالسيادة عليها.
وقال حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي يوم الأربعاء إن الشرطة المحلية تعمل على الحفاظ على الأمن في كركوك بمساعدة جهاز مكافحة الإرهاب الذي دربت الولايات المتحدة قواته وزودتها بالعتاد لقتال تنظيم الدولة الإسلامية بالأساس. وقال العبادي إنه يجب عدم السماح بوجود أي جماعة مسلحة أخرى.
وتقول وزارة التخطيط العراقية إن الأكراد من المسلمين السنة يمثلون أكبر طائفة في كركوك يليهم التركمان الشيعة والعرب السنة ثم المسيحيون.
وفي بادرة أخرى على التوترات المتزايدة أمر المجلس الأعلى للقضاء في العراق بالقبض على كوسرات رسول نائب رئيس إقليم كردستان بتهمة القول إن القوات العراقية في كركوك "قوات احتلال".
وكانت إيران وتركيا قد انضمتا إلى حكومة بغداد في إدانة الاستفتاء الكردي الذي أجري في 25 سبتمبر أيلول خشية أن يؤدي إلى زيادة الاضطرابات الإقليمية ويشجع سكانهما من الأكراد على المطالبة بوطن مستقل. كما عارضت الولايات المتحدة الحليف الكبير القديم للأكراد الاستفتاء.
* ترحيب بالحوار
بعد أن أتاح الاستفتاء للعبادي فرصة سياسية لاستعادة الأراضي محل النزاع وتحويل ميزان القوى لصالحه رحب مجلس وزراء كردستان يوم الخميس بدعوته للحوار لحل الأزمة.
وقال العبادي يوم الثلاثاء إنه يعتبر أن استفتاء الشهر الماضي، الذي أيد فيه الأكراد بأغلبية ساحقة الاستقلال على الرغم من معارضة بغداد، "انتهى وأصبح من الماضي". وكان العبادي قد طلب من إقليم كردستان العراق إلغاء نتيجة الاستفتاء كشرط مسبق لبدء المفاوضات.
وقالت حكومة كردستان العراق في بيان بعد اجتماع في أربيل عاصمة الإقليم "لا يمكن كسر إرادة شعب كردستان باستخدام السلاح والعمليات العسكرية ولا يمكن حل المشاكل العراقية بهذه الطريقة".
وأضاف البيان أن الإقليم "دعا المجتمع الدولي إلى مساعدة الطرفين للحوار ...من اجل وضع الحلول للمشاكل العالقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على أساس الدستور العراقي".
وكانت قوات البشمركة الكردية انتشرت في كركوك عام 2014 عندما انهارت قوات الحكومة العراقية في مواجهة هجوم خاطف شنه تنظيم الدولة الإسلامية ومنعوا بذلك سقوط حقول النفط في أيدي المتشددين.
وقال بيان عسكري عراقي يوم الأربعاء إن القوات الحكومية سيطرت أيضا على المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في محافظة نينوى بما فيها سد الموصل وذلك بعد انسحاب البشمركة.
وكان تدفق النفط الخام عبر خط الأنابيب الواصل من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي قد تعطل منذ سيطرة بغداد على كركوك.
وقال مسؤول بوزارة النفط العراقية في بغداد يوم الخميس إن العراق لن يتمكن من إعادة إنتاج كركوك النفطي لمستواه قبل يوم الأحد بسبب اختفاء معدات من حقلين.
واتهم المسؤول السلطات الكردية التي كانت تسيطر على كركوك بنقل المعدات في حقلي باي حسن وأفانا إلى الشمال الغربي من المدينة.
ويطالب الأكراد بالاستقلال منذ نهاية الحرب العالمية الأولى على الأقل عندما قسمت القوى الاستعمارية الشرق الأوسط بعد انهيار الامبراطورية العثمانية مما أدى إلى تفرق الأكراد بين تركيا وإيران والعراق وسوريا.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)