من ليزا بارينجتون
بيروت (رويترز) - تجد الشركة التي أسست لإعادة بناء العاصمة اللبنانية بيروت بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 صعوبة في التغلب على أحدث موجة اضطرابات سياسية في الشرق الأوسط.
فحتي اندلاع الانتفاضات العربية في 2011 واشتعال الحرب الأهلية في سوريا المجاورة كانت أنشطة سوليدير العقارية تزدهر مع القطاع العقاري في لبنان.
لكن التوترات السياسية أدت لتشديد إجراءات الأمن حول أبرز إنجازات سوليدير بوسط بيروت وعزوف المستثمرين. كما أن انخفاض أسعار النفط يفرض ضغوطا على سوق تعتمد منذ فترة طويلة على ثروة الخليج من عائدات النفط.
وقال أسامة قباني الرئيس التنفيذي للعمليات في سوليدير انترناشونال لرويترز "ينبغي أن يؤمنوا (المستثمرون) بأن لبنان يمضي على طريق الاستقرار بشكل ما كي يستثمروا.
"في الوقت الحالي لا يزال الناس في مرحلة الانتظار والترقب على الرغم من أن بعض المستثمرين المتفائلين يتفاوضون على صفقات للاستفادة من قيمة عقارات وسط المدينة في المدى البعيد".
ولم تبع سوليدير أي أراض هذا العام ومنيت بخسائر صافية غير مدققة قدرها 18.9 مليون دولار في النصف الأول من عام 2017، لكن الشركة تقول إن بعض المفاوضات مازالت جارية.
ويعني اعتمادها على بيع الأراضي أنها قد تشهد تذبذبا كبيرا بين الربح والخسارة. لكن ذروة الأرباح الآن باتت أقل كثيرا بينما ازداد قاع الخسائر عمقا عما كان عليه قبل عشر سنوات.
وفي مواجهة ذلك تعرض سوليدير صفقات جديدة لمشترين محتملين للأراضي وزادت التركيز على إيرادات التأجير وخفضت الإنفاق.
وقال قباني الذي شارك في وضع خطة سوليدير الرئيسية الأصلية لمدينة بيروت "تحاول سوليدير التيسير على الجادين في الشراء".
وذكر محللون أن ندرة الأراضي في لبنان وامتلاك سوليدير للمواقع الرئيسية يعني أن الشركة تحظى بقيمة جيدة علي المدى المتوسط إلى الطويل ولكن الحفاظ علي السيولة على المدى القصير يمثل تحديا.
* ذبول
أسس رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار (DU:EMAR) وسط بيروت (سوليدير) عام 1994، وكان الهدف هو استكمال أعمالها وتصفيتها بحلول 2019.
لكن الحريري اغتيل في عام 2005، مما أدى إلى نشوب سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية في لبنان وذبول مطرد لوسط مدينة بيروت.
وجرى تمديد مهمة سوليدير حتى عام 2029 ولكن لا يزال بحوزتها نحو1.7 مليون متر مربع من الأراضي للبيع ولم يحصل المساهمون على أي توزيعات هذا العام.
وبسبب الإجراءات الأمنية المشددة حول منطقة ساحة النجمة أحد أهم إنجازات سوليدير في بيروت والتي تقع قرب البرلمان اللبناني، لا يستطيع الناس دخول المنطقة بحرية وأغلقت معظم المتاجر والمطاعم أبوابها.
وباعت سوليدير معظم المباني هناك، لكن ذبول المنطقة أدى لعزوف المستثمرين. كما تقلص عدد المترددين على منطقة التسوق المجاورة والتي تدر دخلا على سوليدير من الإيجارات.
وقال قباني "كانت هناك فترة يأتي فيها الناس من الخليج وحلمهم أن يأتوا ويجلسوا... لا يفعلون شيئا سوي الجلوس ومراقبة المارة" في إشارة إلى فترة الازدهار في عامي 2004 و2005.
وأضاف "أنا على يقين من أنه إذا لم تكن هناك تلك الجيوب الأمنية في وسط المدينة، لظل وسط المدينة مركز جذب" للزائرين.
* صفقات المستثمرين
انخفضت أسعار الأراضي بوسط المدينة بواقع واحد إلى اثنين بالمئة سنويا وبنحو 15 في المئة خلال السنوات الخمس إلى السبع الأخيرة.
وفي مواجهة ذلك، تعتزم سوليدير البدء في تحويل مساحات إدارية غير مستغلة إلى شقق سكنية صغيرة وعرض صفقات أفضل على المستثمرين.
وقال قباني "اليوم، قد تقدم لك سوليدير شروطا أكثر مرونة للسداد (أو) للتطوير لأنها تدرك ببساطة أنك تخاطر بنقودك".
وأضاف أن الشركة تحاول أيضا خفض التكاليف وتقليص النفقات العامة بما بين 25 و30 بالمئة. وشمل ذلك الانسحاب من بورصة لندن بسبب حجم التداول الضعيف الذي لا يستحق الرسوم المدفوعة.
وتراجع سعر سهم سوليدير في بيروت إلى نحو ثمانية دولارات يوم الثلاثاء، بعدما بلغ ذروته عند حوالي 40 دولارا في منتصف 2008.
وانحسرت بعض مشاكل لبنان السياسية على ما يبدو في وقت سابق من العام، لكنها ما لبثت أن تأججت من جديد في نوفمبر تشرين الثاني حين استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بشكل مفاجيء في كلمة بثها التلفزيون من السعودية، وهي خطوة جرى ربطها بالصراع بين الرياض وطهران في المنطقة.
وتراجع سعد الحريري عن استقالته في وقت لاحق، وتعهدت دول غربية بدعم الاستقرار في لبنان.
وقال قباني "مازالت هناك بعض علامات الاستفهام الكبيرة بشأن البلد والمنطقة بصفة عامة"، مشيرا إلى الأمن والانقسامات السياسية وانخفاض أسعار النفط ومستقبل سوريا.
(إعداد هالة قنديل للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم درار)