من طارق عمارة و اولف ليسينج
تونس (رويترز) - تجددت يوم الأربعاء الاحتجاجات العنيفة في عدد من المدن التونسية لليوم الثالث على التوالي على خلفية قرارات حكومية برفع الأسعار وفرض ضرائب بينما تعهد رئيس الوزراء الذي زار بلدة مضطربة بأن تبقى الدولة صامدة.
وبدأت الاحتجاجات يوم الأحد الماضي في بلدة تالة قرب الحدود الجزائرية لكن رقعتها اتسعت بسرعة وانتشرت إلى أرجاء البلاد يوم الاثنين.
وهاجم رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد الجبهة الشعبية وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في تونس وقال انه غير مسؤول ويحرض على الفوضى.
وبعد هدوء نسبي طوال يوم الأربعاء تجددت الاحتجاجات العنيفة في المساء في عدة مناطق وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في قبلي والقصرين وتالة وسليانة وطبربة.
وقال شاهد من رويترز إن الشرطة أطلقت قنابل الغاز وتلاحق محتجين في حي الانطلاقة وحي التضامن بالعاصمة تونس. كما تشهد منطقة الياسمينات بالعاصمة مناوشات بين المحتجين والشرطة.
وفي وقت سابق قالت وزارة الداخلية إنها اعتقلت 237 محتجا بينهم متشددون إسلاميون بعد مهاجمة مقرات حكومية ومراكز شرطة وسرقة متاجر أثناء احتجاجات عنيفة ليل الثلاثاء في حين تعرضت مدرسة دينية يهودية لهجوم بالقنابل الحارقة.
وينظر الغرب إلى تونس باعتبارها النجاح الديمقراطي الوحيد بين دول ما يسمى بانتفاضات الربيع العربي التي حدثت في 2011 لكن تسع حكومات تولت زمام البلاد منذ ذلك الحين ولم تتمكن أي منها من علاج المشكلات الاقتصادية المتزايدة.
وخلال زيارته الى البطان التقى الشاهد بعدد من المحتجين وتفقد بعض المباني الحكومية التي تعرضت للحرق والنهب أثناء الاحتجاجات.
وقال أحد الشبان المحتجين مخاطبا الشاهد "نحن نموت هنا لا أمل لنا..ليس هناك إلا الوعود الزائفة ونحن سئمنا..هنا تجد فقط المقاهي تعج بالشبان العاطلين".
وقال الشاهد للصحفيين إن ما جرى هو تخريب غير مقبول والدولة ستحاسب المسؤولين عنه مضيفا "الدولة ستبقى صامدة".
واتهم الشاهد حزب الجبهة الشعبية بأنه حزب غير مسؤول لأنه يحرض على الاحتجاجات الفوضوية قائلا "أنا أسمي الأمور بمسمياتها .. الجبهة الشعبية غير مسؤولة".
وخلال ليل الثلاثاء هاجم مجهولون مدرسة دينية يهودية في جربة بالقنابل الحارقة مستغلين انشغال قوات الشرطة بالتصدي للاحتجاجات التي توسعت رقعتها في أرجاء البلاد.
وتسبب الهجوم على المدرسة اليهودية في أضرار مادية بسيطة دون وقوع أي إصابات.
وقال بيريز الطرابلسي رئيس الجالية اليهودية في جربة لرويترز "مجهولون استغلوا انشغال الشرطة بالاحتجاجات وألقوا زجاجات حارقة داخل بهو مدرسة يهودية في الحارة الكبيرة بجربة. لكن لم تقع أي إصابات والأضرار كانت خفيفة".
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خليفة الشيباني إنه لا علم له حتى الآن بأمر محاولة الاعتداء على المدرسة اليهودية.
وجزيرة جربة التونسية معقل لأغلب اليهود الذين يعيشون في تونس والذين لا يتجاوز عددهم 1800 شخص في أنحاء البلاد.
وكان معبد الغريبة اليهودي في جربة قد تعرض لتفجير بشاحنة مفخخة عام 2002 في هجوم قتل خلاله 21 سائحا وتبناه تنظيم القاعدة.
وعقب مواجهات عنيفة انتشرت في عدة مدن من بينها العاصمة تونس قال الشيباني إن قوات الأمن اعتقلت 237 شخصا بتهمة التخريب والسرقة والاعتداء على ممتلكات خاصة وعامة. وأضاف أن المعتقلين بينهم "اثنان من التكفيريين" تورطا في مهاجمة مركز للشرطة بنفزة شمالي البلاد.
وأصيب حوالي 50 شرطيا بينما أحرق المحتجون عشرات من عربات الشرطة ومقرات حكومية ومراكز شرطة.
وقال حزب النهضة الإسلامي وهو طرف رئيسي في الحكومة الحالية إنه يتعين إجراء حوار اجتماعي واقتصادي بين جميع الأطراف في البلاد شبيه بالحوار السياسي الذي أنهى صراعات سياسية بين الإسلاميين والعلمانيين قبل سنوات بهدف تحقيق انتقال اقتصادي يرافق الانتقال السياسي السلس.
وانضمت النهضة إلى اتحاد الشغل في المطالبة برفع المساعدات المالية للعائلات الفقيرة ورفع الحد الأدنى للأجور (والذي يبلغ فقط 143 دولارا شهريا).
ولم يصدر أي تعليق حكومي بخصوص هذه المطالب.
ولكن تونس التي تعاني من خزينة خاوية لا تبدو قادرة على تلبية هذه المطالب التي قد تخفض حدة التوتر الاجتماعي.
وفي البرلمان قال وزير الإصلاحات توفيق الراجحي إن الدولة لا يمكن أن تستجيب لكل مطالب واستحقاقات الثورة في التعليم والصحة والبنية التحتية في ظل الوضع المالي الحالي.
وتقول الحكومة إنها تريد خفض فاتورة رواتب القطاع العام إلى 12.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 من حوالي 15 في المئة الآن من خلال برنامج للتسريح الطوعي وافق عليه البرلمان يوم الأربعاء.
(شارك في التغطية محمد العرقوبي من تونس - تحرير أحمد حسن)