بيروت/جنيف (رويترز) - قالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن معاناة المدنيين السوريين تفاقمت منذ أن دعت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار قبل أسبوع في مبادرة إنسانية سرعان ما أعاقتها حملة قصف أشد كثافة.
وتضمن القتال غارات جوية على الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق، وهجوما على قوات المعارضة بمحافظة إدلب في شمال غرب البلاد والهجوم التركي على منطقة عفرين الخاضعة للأكراد.
وقال علي الزعتري الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا ومنسق الشؤون الإنسانية يوم الاثنين "للأسف، فإن دعوتنا إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية لنتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، بما في ذلك إجلاء الجرحى والمرضى ذوي الحالات الحرجة، تبقى بلا مجيب."
كما واجه الصراع خطر التصعيد على جبهة أخرى يوم السبت حين شنت إسرائيل أعنف ضرباتها الجوية حتى الآن ضد أهداف إيرانية في سوريا بعدما أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة إسرائيلية من طراز إف-16 رغم انحسار التوتر الناجم عن الحادث منذ ذلك الحين.
وقال الزعتري في بيان أن هناك تقارير عن "سقوط مئات الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح، ونزوح كبير للسكان وتدمير للبنية التحتية المدنية بما فيها المرافق الطبية"
ووصف المسؤول الدولي التطورات الأخيرة بأنها "إحدى أسوأ فترات القتال على مدى سنين النزاع" الذي يوشك على دخول عامه الثامن وشهد مقتل مئات الآلاف من الناس ونزوح ملايين آخرين عن ديارهم.
ومنذ دخلت روسيا الحرب إلى جانب الرئيس بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين وغيرهم من الفصائل الشيعية في عام 2015، استردت الحكومة مناطق واسعة بما فيها المعاقل الرئيسية للمعارضة في المدن الرئيسية.
لكن ورغم بوادر عن تلاشي هدف المعارضة في الإطاحة بالأسد بالقوة ونجاح عمليات كبيرة العام الماضي في استرداد معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن الحرب التي تشارك فيها عدة أطراف لا تزال تحمل في طياتها احتمالات التشعب إلى صراعات جديدة.
ويضع هجوم تركيا على عفرين أنقرة في مواجهة مع وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على مساحات من الأرض في شمال شرق سوريا بدعم من واشنطن حليفة أنقرة في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي جنوب غرب البلاد، يشير إسقاط طائرة حربية إسرائيلية بنيران سورية مضادة للطائرات إلى احتمال نشوب تصعيد أوسع بين إسرائيل وقوات تدعمها إيران في سوريا ومنها جماعة حزب الله اللبنانية.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية يوم الاثنين "إن التصعيد العسكري في كل أنحاء سوريا ومنها الأحداث التي جرت على الحدود الإسرائيلية خلال نهاية الأسبوع تثير القلق بشدة. من الممكن حقا أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة".
* مقتل مئات من المدنيين
يزور وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون الأردن وتركيا خلال الأسبوع الجاري ضمن جولة بالشرق الأوسط لبحث عدد من القضايا منها الشأن السوري. ولا تحقق الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة بهدف إنهاء الصراع تقدم يذكر.
وقال الكرملين يوم الاثنين إن الدعم الأمريكي لتوطيد الاستقرار في سوريا غير كاف لكنه لم يقدم تفاصيل. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "يوجد نقص في هذه المساعدة".
وقال الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يوم السبت إن الغارات الجوية السورية والروسية على إدلب والغوطة الشرقية اللتين تسيطر عليهما قوات المعارضة أسفرت عن مقتل 230 مدنيا خلال الأسبوع الماضي في أحداث قد تصل إلى حد جرائم الحرب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الاثنين إن غارات جوية على الغوطة الشرقية قتلت 15 شخصا آخرين بينهم ثلاثة أطفال وأسفرت عن إصابة 85 آخرين منذ يوم السبت.
وقال الزعتري "أما آن لهذه المعاناة أن تنتهي؟ أناشد مرة أخرى جميع الأطراف، والمؤثرين عليهم، إلى الإصغاء إلى مناشدتنا ومناشدة المتضررين".
ودعت الأمم المتحدة يوم السادس من فبراير شباط لوقف فوري لإطلاق النار في أنحاء سوريا لمدة شهر على الأقل لاعتبارات إنسانية.
وقالت إليزابيث هوف ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إن أكثر من 700 مريض في جيب الغوطة الشرقية المحاصر بدمشق ينتظرون الإجلاء الطبي.
وأضافت هوف أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة أرسلت 11 طلبا لوزارة الخارجية السورية منذ مايو أيار الماضي بهذا الشأن ولكن تم إجلاء 29 من الحالات المرضية الأكثر خطورة فقط في أواخر ديسمبر كانون الأول. وأفرجت جماعة جيش الإسلام حينها عن 29 محتجزا في الغوطة الشرقية في إطار اتفاق مع الحكومة.
وقالت هوف لرويترز في جنيف يوم الاثنين، متحدثة من دمشق "هذه مسألة سياسية لا يمكن حلها بالجهود الإنسانية... للأسف قائمة المرضى تتزايد".
وأضافت "الوضع الأمني بالغ السوء ولا يوجد ما يكفي من الفرق الطبية على الأرض ولا تملك إمدادات. لم نتمكن من توصيل أي شيء منذ 28 من نوفمبر".
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)