من دان وليامز وعلي صوافطة
أريحا(الضفة الغربية) (رويترز) - تتقدم قافلة مركبات مدرعة إسرائيلية داخل بلدة أريحا بالضفة الغربية وتتوقف خارج مبنى يرفرف عليه العلم الفلسطيني.
للوهلة الأولى يبدو الأمر وكأنه اجتياح آخر. لكن يخرج من الحافلة، التي كان يحرسها جنود إسرائيليون، فوج من اليهود في زيارة لمعبد يهودي من العصر البيزنطي في عهدة قوات الأمن الفلسطينية.
وتنطلق رحلات مماثلة إلى مواقع أثرية يهودية أخرى في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل حيث ما زالت القوات الفلسطينية والإسرائيلية تنفذ ما تبقى من أشكال التعاون التي ما زالت قائمة بعد أن أنهى زعماء الطرفين محادثات السلام وسط تبادل الاتهامات والشكوك.
والضفة الغربية هي مهد الديانة اليهودية إذ تضم أراضيها أكثر من 12 مزارا وضريحا تتناثر على التلال وفي الصحاري ويطلق عليها الإسرائيليون الاسم التوراتي (يهودا والسامرة).
وبموجب اتفاقيات أوسلو للسلام في عام 1993 وافق الفلسطينيون على تأمين زيارة اليهود لمثل هذه المواقع.
وتحولت بعض المواقع إلى بؤر توتر سياسي . فهناك جدار أمني إسرائيلي ضخم يطوق قبر راحيل المطل على مدينة بيت لحم الفلسطينية والذي كثيرا ما تستهدفه الاحتجاجات. وإلى الشمال منه كثيرا ما تؤدي زيارات اليهود لقبر يعقوب الغضب في مدينة نابلس الفلسطينية المجاورة.
لكن في مناطق أخرى، نادرا ما ترد في عناوين الأخبار، تستمر الزيارات بشكل أكثر سلمية في لفتة لنوع التعددية الدينية التي تصورها مخططو عملية السلام حتى وسط التضاريس المتعرجة في الضفة الغربية حيث تجاور البلدات الفلسطينية المستوطنات الإسرائيلية بشكل لا يبعث على الارتياح.
وقال شاموئيل يوسف الذي كان ضمن مجموعة من طلاب معهد ديني يهودي في القدس رافقهم مراسل رويترز في رحلة في الفترة الأخيرة إلى أريحا "أمر جيد للغاية أن تكون هناك إمكانية لزيارة هذه الأماكن بمثل هذا التنسيق".
ورد ضاحكا على سؤال عن شعوره وهو يرى العلم الفلسطيني يرفرف على مواقع أثرية يهودية وقال إنه أمر "غير معتاد بعض الشيء لكن هذا جزء من التجربة".
ولا تمر الزيارات دون أحداث. وبدا الاضطراب على الزوار لفترة وجيزة عندما لاحق شابان فلسطينيان الحافلة ورشقوها بالحجارة. لكن مثل هذه الأعمال العدائية نادرا ما تتحول إلى اشتباكات فعلية.
* العقيدة
وتنظر الحكومة الفلسطينية،التي تمارس حكما ذاتيا محدودا على أراض تريدها جزءا من دولتها المستقلة في المستقبل، إلى زيارات اليهود في إطار حق مماثل في ترتيب زيارات لمواقع مسيحية وإسلامية.
وقال إياد حمدان المدير العام لوزارة السياحة الفلسطينية لرويترز إن هذه دور عبادة وهذه المواقع الأثرية يجب ألا تستغل من ناحية دينية أو تستخدم لأغراض عقائدية.
وكانت المحطة الأولى في رحلة مجموعة أريحا قطعة محفوظة من الأرضية المصنوعة من الفسيفساء من معبد يهودي يرجع تاريخه إلى القرن السادس الميلادي يعرف لدى اليهود باسم شالوم ال إسرائيل ويطلق عليه الفلسطينيون اسم معبد شهوان نسبة إلى أسرة محلية شيدت مبنى من طابقين يضم الأثر.
وأحرق الفلسطينيون الموقع أثناء تصاعد القتال مع إسرائيل في عام 2000. والآن تحرسه على مدار الساعة قوات الشرطة الفلسطينية في عربات تحيط به، لكن العربات أغلقت وأخليت قبل وصول الزوار كإجراء احترازي تفاديا لأي احتكاك مباشر.
وقالت إيرنا كابوس المرشدة السياحية التي تشرف على زيارات أريحا الأسبوعية موضحة "الزوار، عندما كانوا يأتون، كانوا يشعرون بالاستياء لرؤية عرب يحملون بنادق على مسافة قريبة منهم".
وأضافت لرويترز "لذلك فإنه أمر طيب اليوم أن يكون هناك فصل وألا نراهم عندما نأتي. هذا لا يعني أنهم لا يعملون معا".
وبعد الصلاة انتقلت المجموعة إلى الجانب الآخر من أريحا لرؤية أرضية مسورة من الفسيفساء من معبد نعران الذي يرجع تاريخه إلى القرن الخامس.
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)