من جيف ميسون وجيمس أوليفانت
واشنطن (رويترز) - بعد مرور قرابة 14 شهرا على بداية عهد دونالد ترامب العاصف في البيت الأبيض لم يبق حوله سوى الموالين الأوفياء له وخرجت كل الأصوات المعارضة وازداد اتجاه الرئيس نفسه للتصرف بالسليقة أكثر من أي وقت مضى في اتخاذ القرارات في كل شيء من التجارة إلى كوريا الشمالية.
قال مقربون من ترامب إن قراره عزل وزير الخارجية ريكس تيلرسون يوم الثلاثاء هو أحدث بادرة على شعور الرئيس الجمهوري المتزايد بالضجر من اختياراته الأولى لمستشاريه الذين انتقاهم فردا فردا وأصبح يرى أنهم يتباطأون في تنفيذ ما يفضله من سياسات.
وقال هؤلاء إن ترامب ما زال يشجع أفراد الدائرة المقربة منه على طرح الآراء المخالفة له لكنه يريد السرعة في التنفيذ ما إن يستقر على رأي.
وقال أندرو سورابيان خبير الاستراتيجية السابق في البيت الأبيض "حتى يومنا هذا أعتقد أن تنوعا فكريا صحيا يسود في البيت الأبيض لكن ما تغير هو أنه لم يعد مستعدا للسماح للناس بإبطاء جدول أعماله أو إعاقته".
وأضاف "فهو يريد من الناس التنفيذ وإنجاز الأمور".
وقال مسؤول سابق في حملة ترامب الانتخابية مطلع على بواطن الأمور في البيت الأبيض مشترطا عدم نشر اسمه إن ترامب يتوقع أن يدور "نقاش داخلي حام ثم يتفق الجميع" على القرار النهائي.
وكما قال ترامب نفسه الأسبوع الماضي "أنا أحب الاختلاف".
وظل ترامب يدرأ التماسات تصده عما ينتويه إلى أن أعلن رسميا الأسبوع الماضي فرض رسوم عالمية على واردات الصلب والألومنيوم الأمر الذي ارتاع منه الحلفاء. واستقال مستشاره الاقتصادي جاري كون الذي اختلف معه في التجارة وفي قضايا أخرى.
وفي وقت لاحق من الأسبوع وخلال اجتماع مع مستشار الأمن القومي الكوري الجنوبي وافق ترامب على لقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون رغم أن شهورا انقضت وهو يهدد بلاده بالتدمير الكامل إذا اقتضى الأمر.
لم تمض أيام حتى كان تيلرسون، الذي كان ينادي بنهج أكثر اعتدالا ودبلوماسية للسياسة الخارجية الأمريكية، قد أزيح عن منصبه ليحل محله مايك بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وهو من الموالين الأوفياء لترامب. وأعلن ترامب هذا التغيير في تغريدة على تويتر.
قال نيوت جينجريتش الرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب والمستشار غير الرسمي لترامب "هو يبحث عن أفراد على اتفاق عام مع ما يريد أن يفعله ومستعدين لتقبل كونه رئيس الفريق".
وألمح ترامب يوم الثلاثاء إلى أنه يقترب من امتلاك الفريق الذي يرغب في تشكيله بعد عام من الشعور بالإحباط من أمثال تيلرسون والعلاقة المتقلبة مع كون.
* الوزراء المرغوبون
قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض عقب إعلان اختيار بومبيو لمنصب وزير الخارجية "أنا فعلا وصلت نقطة أصبحنا فيها قريبين للغاية من مجلس الوزراء والأمور الأخرى التي أريدها. مع مايك، كانت بيننا كيمياء ممتازة من البداية".
وقال مقربون من الرئيس إن قرارات ترامب تتفق مع ماضيه في عالم الأعمال وستمثل رسالة لمساعديه الذين لم يتقبلوا أسلوبه واقتناعاته.
وقال باري بينيت المخطط الاستراتيجي السابق لحملة ترامب الانتخابية "الناس الذين ظنوا أن بوسعهم تغييره يكتشفون ما اكتشفناه في الحملة منذ وقت طويل أن ذلك غير ممكن. يمكنك تحسينه لكن تغيير رأيه 180 درجة أمر مستبعد".
وأضاف "إذا كنت تعتقد أن مهمتك هي إقناعه بغير رأيه فتلك هي المهمة المستحيلة".
ويتهم المعارضون ترامب بإدارة البيت الأبيض بالأسلوب الذي أدار به برنامج تلفزيون الواقع الشهير "ذي أبرينتس" (المتدرب).
وقال السناتور الديمقراطي باتريك ليهي في بيان "عزل وزير الخارجية عن طريق تويتر قد يصلح لدراما كبرى أو للتقديرات التلفزيونية الفورية لكن هذا وأمثلة غيره لا تحصى تخلق عدم استقرار غير هين يضر بالشعب وبمنصب الرئاسة في كل شيء تقريبا".
وفي الطريق تغييرات أخرى. فلم يعلن ترامب حتى الآن اسم من سيخلف كون.
وقال جينجريتش إنه يتوقع أن يستعين الرئيس بشخص أكثر ملاءمة من المدير التنفيذي السابق لبنك جولدمان ساكس.
ويوم الثلاثاء أشار ترامب إلى أن لاري كودلو المعلق المحافظ في صدارة المرشحين للمنصب.
كما تثير هذه التغييرات وتعليقات ترامب عن تغيير العاملين إمكانية رحيل أفراد آخرين من كبار العاملين مثل جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض أو إتش.آر. مكماستر مستشار الأمن القومي وكل منهما كانت له خلافاته مع الرئيس.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير علا شوقي)