من محمود رضا مراد وأحمد أبو العينين
القاهرة/الإسكندرية (رويترز) - أدلى الناخبون المصريون يوم الاثنين بأصواتهم في انتخابات رئاسة يضمن فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي الفوز إذ يخوضها دون منافسة تقريبا بعد انسحاب جميع المرشحين الذين يمكن أن يشكلوا تحديا حقيقيا بسبب ما وصفوه بالترهيب.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي (السابعة بتوقيت جرينتش). وتعود المراكز لفتح أبوابها في التاسعة صباح الثلاثاء حتى التاسعة مساء ويستمر التصويت يوما ثالثا.
ودعا السيسي، الذي يبدو أنه يعتبر الانتخابات استفتاء على حكمه أكثر من كونها سباقا ديمقراطيا جادا، المصريين إلى التصويت أملا في أن يمنحه الإقبال الكبير تفويضا لإصلاح الاقتصاد والقضاء على إسلاميين متشددين يقاتلون للإطاحة به وإحياء نفوذ مصر الإقليمي.
ودعت شخصيات معارضة الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات التي ينافس السيسي فيها موسى مصطفى موسى وهو مؤيد للسيسي يعتبر على نطاق واسع مرشحا صوريا.
وألقي القبض على أقوى مرشح محتمل حاول منافسة السيسي وهو رئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان الذي يتمتع بنفوذ وعقب احتجازه توقفت حملته. كما أوقف مرشح محتمل قوي هو رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق حملته تحت ضغط فيما يبدو.
وقالت الهيئة الوطنية للانتخابات إن التصويت سيكون حرا ونزيها وقال السيسي إنه كان يتمنى أن يكون هناك عدد كبير من المرشحين.
وبحلول المساء بدا أن الإقبال ضعيف بين 59 مليون شخص يحق لهم التصويت. وتؤكد وسائل الإعلام الحكومية على رسالة مفادها أن التصويت واجب وطني في مواجهة "الأعداء".
ويسعى السيسي، الذي قاد الجيش عندما كان وزيرا للدفاع لعزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 2013، لهزيمة المسلحين الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء واستكمال سلسلة من المشروعات الكبرى التي صاحبتها ضجة دعائية منذ توليه السلطة.
وقال كثير ممن أدلوا بأصواتهم إنهم يصوتون للاستقرار.
وقال فايز أمين (72 عاما) الذي أدلى بصوته في مركز اقتراع بحي الزمالك الراقي "لولا السيسي كانت مصر حتبقى زي العراق واليمن وسوريا. ربنا يحميه. لولاه كانوا (الإسلاميون) راح يخربوها. كانت راح تبقى خرابة".
ومضى قائلا لمراسل رويترز "من غير السيسي مكنتش حتقدر تكون هنا".
وقال سيد كامل الذي يدير مكتبة "لو مكانش السيسي موجود البلد كانت حتقع. دا بينضف البلد من الإرهابيين".
وفي محافظة شمال سيناء حيث يشن الجيش حملة على متشددين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية قال مشرفون على التصويت إن الإقبال ضعيف جدا لأن كثيرا من السكان يخشون هجمات المتشددين.
وكان متشددو الدولة الإسلامية قد حذروا المصريين في شريط مصور قبل الانتخابات بأسابيع من المشاركة فيها.
* تكميم المعارضة
تأتي الانتخابات بعد أقسى حملة على المعارضة منذ عشرات السنين استهدفت نشطاء علمانيين وليبراليين بجانب الإسلاميين. وشهدت الحملة سجن مئات من قادة وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وتكميم منتقدين وحجب مواقع إلكترونية.
وحث معارضون علمانيون أيضا المصريين على مقاطعة الانتخابات. وقال أحمد سعد أحد قادة حزب غد الثورة في مدينة الإسكندرية الساحلية إنه يقاطع الانتخابات لأن من الواضح أنه لا توجد انتخابات فعلية وإنما ببساطة استفتاء على نظام الحكم.
وأضاف أن المرشحين المعارضين الذين لهم شعبية يقبعون في السجن.
وأبدى ناخب آخر في الإسكندرية أسفه لعدم وجود خيارات. وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 42 عاما والذي طلب ألا ينشر اسمه خوفا من انتقام السلطات "لا توجد منافسة حقيقية أو تنوع يسمح بالاختيار".
في المناطق الفقيرة التي تعاني من التضخم أكثر من غيرها، بدا السكان أقل اهتماما بالتصويت.
وقال مراسل من رويترز إن اللجان في منطقة الشرابية بالقاهرة التي يغلب العمال على سكانها خلت تقريبا من الناخبين ولم يزد عدد الواقفين في طابور في أي منها على عشرة ناخبين.
وفي محيط مسجد رابعة العدوية في القاهرة، حيث وقعت حملة دموية على أنصار جماعة الإخوان المسلمين في 2013، أقبل عدد محدود من الناخبين على اللجان أغلبهم من المسنين المعجبين بالسيسي.
وحث عمرو دراج أحد قادة الجماعة في المنفي المصريين على مقاطعة الانتخابات وقال في تغريدة على تويتر إنهم يجب ألا يعطوا شرعية للسيسي لأنه "اغتصب" السلطة.
وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة خارج مراكز الاقتراع بعد يوم من انفجار استهدف مدير أمن محافظة الإسكندرية بشمال البلاد.
* مشروعات كبرى وتقشف
أي إقبال أقل من المتوقع قد يشير إلى أن السيسي يفتقر إلى التفويض اللازم لاتخاذ المزيد من الخطوات الصعبة المطلوبة لإنعاش اقتصاد تضرر بشدة بعد أن تسببت انتفاضة 2011 في ابتعاد السائحين والمستثمرين الأجانب، المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة.
وشاهد مراسلون من رويترز في القاهرة ومحافظات أخرى مؤيدين للسيسي يلوحون بعلم مصر ويرقصون على أنغام الأغاني الوطنية ويرفعون أيديهم بعلامة النصر.
وقالت زينة شريف (20 عاما) وهي واحدة من شبان قلائل أقبلوا على التصويت في مصر الجديدة بشمال شرق القاهرة "السيسي شغال في مشروعات، لازم نديه فرصة يخلصها".
ومن بين المشروعات توسعة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة. ويقول السيسي إن هذه المشروعات حين تنتهي ستحسن الاقتصاد وحياة المواطنين.
ويقول منتقدون إن إجراءات التقشف نالت من شعبية السيسي ومنها تعويم الجنيه الذي اقترن بقرض من صندوق النقد الدولي.
ودعت شخصيات سياسية قبل بضعة أسابيع إلى مقاطعة الانتخابات بعد انسحاب كل الحملات المعارضة الرئيسية قائلين إن القمع أخلى الساحة من المنافسين الحقيقيين.
وفي غرب القاهرة قالت امرأة رفضت ذكر اسمها أيضا "ليست هناك ممارسة ديمقراطية. ليست لنا أي حرية في الاختيار أو حرية للتعبير".
وقال السيسي إنه لن يسعى إلى فترة رئاسية ثالثة لكن منتقدين يتوقعون إزالة قيد الترشح لفترتين رئاسيتين فقط.
وحصل السيسي على 97 في المئة تقريبا من الأصوات في انتخابات 2014، لكن لم يشارك في العملية الانتخابية سوى أقل من نصف من لهم حق التصويت، وذلك رغم تمديد الانتخابات ليوم ثالث.
(شارك في التغطية أحمد طلبة وأروى جاب الله وسامية نخول وليلى بسام وجون ديفيسون ومحمد عبد اللاه - تحرير مصطفى صالح)