من جوش سميث
سول (رويترز) - أصبحت عبارة "نزع السلاح النووي" تهيمن على عناوين الصحف في الوقت الذي يقود فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهدا للضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن برنامج التسلح النووي الخاص بها.
جاء المسؤولون الكوريون الجنوبيون في البداية ثم لحق بهم المسؤولون الصينيون في الأسابيع الأخيرة وقالوا إن كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية أبلغهم أنه "ملتزم بنزع السلاح النووي" في شبه الجزيرة الكورية.
غير أن التزام كيم المعلن بنزع السلاح النووي ليس بالأمر الجديد بل ومن المرجح ألا يتفق مع توقعات واشنطن.
تقول كوريا الشمالية منذ فترة طويلة إنها مستعدة للتخلي في نهاية الأمر عن ترسانتها النووية إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها من كوريا الجنوبية وأنهت تحالفها العسكري مع سول الذي يتضمن "مظلة نووية" بالإضافة إلى شروط أخرى.
وفي الوقت نفسه تصر الولايات المتحدة على نزع السلاح النووي الكوري الشمالي والمنشآت اللازمة لصنع تلك الأسلحة بالكامل في أقرب وقت ممكن ووفق ترتيبات يمكن التحقق منها دون إمكانية الرجوع فيها.
وتهدد التفسيرات المتباينة بإفساد المحادثات المحتملة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة حتى قبل أن تبدأ.
وقال آدم ماونت الزميل الباحث باتحاد العلماء الأمريكيين "ونحن نقترب من لقاءات القمة تتباعد مفاهيم نزع السلاح فيما يبدو بدلا من أن تتلاقى".
* شروط ومحاذير
في قلب الهوة التي تفصل بين ما قاله كيم وما قد يتوقعه القادة الأمريكيون وحلفاؤهم تكمن المحاذير والشروط المرتبطة بالأمر.
نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن كيم قوله "قضية نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية يمكن تسويتها، إذا استجابت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة لمساعينا بنية حسنة، ووفرتا الأجواء المناسبة للسلام والاستقرار مع اتخاذ إجراءات تدريجية ومتزامنة من أجل تحقيق السلام".
ومن قبل تعهد قادة كوريون شماليون سابقون بوضع نهاية لبرامجهم النووية من خلال التفاوض كما نقل مسؤولون من كوريا الجنوبية عن كيم قوله إنه مستعد للتخلي عن أسلحته النووية إذا حصل على ضمانات أمنية كافية.
وقال فيبين نارانج الأستاذ المساعد ببرنامج الدراسات الأمنية في جامعة إم.آي.تي إن من المستبعد أن تتمكن واشنطن من توفير هذه التطمينات في إطار له مصداقيته في أعقاب تدخلها في العراق وفي ليبيا.
وأضاف "إذا كان هذا هو ما يريده الشمال من نزع السلاح ... فما من فرصة في حدوثه".
ويقول محللون إن من المرجح أن تعرض كوريا الشمالية ما قد يحد من برنامجها النووي أو يقيده دون أن تنبذه بالكامل على الفور.
* "خطوات على الطريق"
يرى تشاو تونغ الخبير في الشأن الكوري الشمالي بمركز كارنيجي تسينغوا في بكين إن الصين وكوريا الشمالية تشتركان في تعريف مشابه
لنزع السلاح النووي.
وقال "الصين لا تطالب (بيونجيانج) فعلا أو تشترط عليها نزع أسلحتها لكنها تريد التأكد من أن خلو شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي هو الهدف النهائي".
والخط الرسمي الذي تسير عليه كوريا الشمالية هو أنها تشترك مع الولايات المتحدة في هدف نزع السلاح النووي بالكامل غير أن مسؤولا برلمانيا نقل عن الرئيس مون جاي إن قوله للنواب إنه يدرك أن ذلك قد لا يحدث على الفور وإنه مستعد لاستكشاف "خطوات أخرى على الطريق".
ويعتقد المحللون أن الحل الوسط الأرجح قد يتمثل في موافقة كوريا الشمالية على تجميد اختبارات الأسلحة والصواريخ مقابل تخفيف العقوبات وكذلك خفض أو تجميد المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقد أطلق ترامب نفسه رسائل عن كوريا الشمالية فأصدر تهديدات بالعمل العسكري ووصف المحادثات بأنها مضيعة للوقت وفي الوقت نفسه قبل دعوة كيم لعقد اجتماع.
وفي أعقاب تلك الدعوة التي نقلها وفد كوري جنوبي التقى مع كيم في وقت سابق من الشهر الجاري نشر ترامب تغريدة قال فيا "تحدث كيم جونج أون عن نزع السلاح النووي مع ممثلي كوريا الجنوبية لا عن مجرد التجميد".
وفي الآونة الأخيرة قال جون بولتون مستشار ترامب الجديد للأمن القومي إن على الرئيس أن يستغل أي قمة مع كيم "للتأكيد على أنه ليس هناك لإضاعة الوقت وأننا نتوقع نزعا فعليا للسلاح النووي لا مجرد محادثات عن محادثات لنزع السلاح النووي".
وقال ماونت إنه إذا كان ترامب من أصحاب هذا الرأي ورفض كيم التزحزح عن موقفه فأي محادثات لا يمكن أن تحقق شيئا.
وأضاف "إذا رفض ترامب نهجا تدريجيا فسيعتبر صاحب موقف مغالى فيه بعيد عن التوقعات. وإذا حدث ذلك فربما نشهد قيام الأطراف الأخرى باستبعاد واشنطن ومواصلة المسيرة وحدها".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين)