لندن (رويترز) - حصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي يوم الخميس على تأييد كبار أعضاء حكومتها لاتخاذ إجراء، لم يحدد، بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا لردع الحكومة السورية عن استخدام الأسلحة الكيماوية مجددا بعد هجوم مشتبه به بغاز سام ضد مدنيين.
وفيما يلي ما يمكن أن يحدث، والخيارات المتاحة أمام بريطانيا، وما المخاطر التي تواجهها ماي:
ما سبب تدخل بريطانيا؟
في السابع من أبريل نيسان وقع هجوم يشتبه بأنه بالأسلحة الكيماوية في مدينة دوما السورية. وقالت منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء، استنادا إلى تقارير من عاملين محليين في مجال الرعاية الصحية، إن نحو 43 شخصا لقوا حتفهم ظهرت عليهم أعراض تتسق مع مظاهر التعرض لمواد كيماوية سامة.
وقالت ماي إن من المرجح بشدة أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولة عن الهجوم. وقالت إن من غير الممكن السماح بأن يمر استخدام الأسلحة الكيماوية دون رد، ومن الضروري محاسبة المسؤولين عنه.
وهددت الولايات المتحدة، أقوي حليف عسكري لبريطانيا، بشن ضربات صاروخية ضد الأسد ردا على الهجوم. وقالت فرنسا، وهي أيضا حليف عسكري لبريطانيا، إن لديها دليلا على أن قوات الأسد تقف وراء الهجوم.
هل تعهدت رئيسة الوزراء بعمل عسكري؟
ليس بعد. وقال بيان من مكتب ماي حول اجتماع الخميس إن الوزراء وافقوا على أن من الضروري ألا يمر استخدام الأسلحة الكيماوية دون رد، وأقروا خطتها للعمل مع فرنسا والولايات المتحدة من أجل رد.
ما الموافقة التي تحتاج إليها ماي للقيام بعمل عسكري؟
من حيث المبدأ هي لا تحتاج لذلك. ففي بريطانيا سلطة إعلان الحرب يحكمها "الامتياز الملكي" الذي يعني أن حكومة ماي يمكن أن تقوم نيابة عن الملكة بعمل عسكري دون احتياج لطلب موافقة البرلمان.
مع ذلك الواقع أكثر تعقيدا. فخلال العقدين الماضيين طرحت بريطانيا معظم قرارات العمل العسكري الهجومي للتصويت في البرلمان. وكان من شأن ذلك أن يتحول هذا الأمر إلى تقليد. ويقول كثير من المشرعين إنه سيكون من الخطأ بالنسبة لماي أن تتدخل في سوريا دون أن يكون للبرلمان رأي.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
يعتمد الكثير مما سيحدث بعد ذلك على رغبة الولايات المتحدة فيما يتعلق بسرعة التحرك ومن المعتقد أن تقود واشنطن أي تدخل. وقد بعث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإشارات متضاربة في هذا الشأن.
خبراء الأسلحة الكيماوية الدوليون في طريقهم إلى سوريا للتحقيق في هجوم الغاز المزعوم. وسيعود البرلمان من عطلة عيد القيامة يوم الاثنين.
هل تجري ماي تصويتا في البرلمان؟
يوم الأربعاء قالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن ماي مستعدة لإعطاء إشارة البدء لمشاركة بريطانيا في عمل تقوده الولايات المتحدة دون السعي لموافقة مسبقة من البرلمان.
وعلى نحو متكرر رفض المتحدث باسم داوننج ستريت التعليق على التقرير.
وقال عدة مشرعين من حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي إنها يجب ألا تسعى لموافقة البرلمان لأن الموقف يتطلب ردا عاجلا. وتصر أحزاب المعارضة على وجوب استشارة البرلمان.
كيف سيمضي أي تصويت في البرلمان؟
هذا غير معروف بشكل كبير. فلدى ماي أغلبية ضئيلة بسبب اتفاق مع حزب صغير من أيرلندا الشمالية على دعم حزب المحافظين الذي تتزعمه في البرلمان.
وهناك انعدام ثقة كبير لدى الناخبين وداخل البرلمان فيما يتعلق بالتدخل العسكري في الخارج وهذا يعود إلى قرار خوض الحرب في العراق عام 2003. لقد وافق البرلمان على ذلك التدخل لكن حكومة حزب العمال تعرضت لاحقا لانتقاد حاد بسبب اعتمادها على معلومات مخابرات محرفة.
في 2013 خسر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء الذي خلفته ماي تصويتا على اتخاذ إجراء ضد حكومة الأسد بعد هجوم كيماوي. وتسبب ذلك في حرج سياسي بالغ أسهم في دفع واشنطن للتراجع عن التدخل.
وكان 30 من مشرعي حزب المحافظين قد تمردوا على الحزب في ذلك التصويت وتشير تعليقات الأيام الماضية إلى أنه ما زالت هناك بعض الانقسامات في الحزب حول ما إذا كان التدخل العسكري هو الخيار الصحيح.
ودعا زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين، وهو مناوئ مخضرم للحرب، إلى إجراء تحقيق مستقل تقوده الأمم المتحدة في الهجوم الكيماوي، وقال إنه يفضل مواصلة السعي من أجل حل سياسي وليس من أجل حل عسكري.
ومع ذلك هناك خلاف في الرأي بين كوربين وبعض المشرعين في حزب العمال، وليس من الواضح ما إذا كان بمقدوره الحصول على مساندة جميع نواب الحزب في معارضة العمل العسكري.
ما هي المخاطر؟
تواجه ماي مخاطر أيا كان الطريق الذي ستسلكه ذلك أنها زعيمة لحزب لا يتمتع وحده بالأغلبية في البرلمان وتكابد من أجل إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما يعتريها الضعف منذ فشلها في الصيف الماضي بعد مقامرة إجراء انتخابات مبكرة.
إذا لم تستشر البرلمان فإنها تخاطر بانقلاب الناخبين عليها. وهناك انتخابات محلية في الثالث من مايو أيار تواجه فيها بالفعل احتمال تعرض حزبها لخسائر جسيمة.
وإذا استشارت البرلمان وخسرت التصويت ستتقوض سلطتها وقدرتها على الحكم التي تضعف بالفعل بسبب الانقسامات الناجمة عن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ما العمل العسكري الذي يمكن أن تقدم عليه بريطانيا؟
لبريطانيا طائرات في قبرص يمكنها ضرب أهداف في سوريا. ولها أيضا طائرات بدون طيار تعمل في المنطقة. ولدى البحرية الملكية غواصات قادرة على إطلاق صواريخ على أهداف برية.
أليست بريطانيا تضرب أهدافا بالفعل في سوريا؟
نعم. لكنها ليست أهدافا تابعة لحكومة الأسد. ففي 2015 وافق البرلمان على توسيع العمليات الهجومية البريطانية في العراق لتشمل مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ونفذت الطائرات البريطانية أكثر من 1600 ضربة في العراق وسوريا.
(إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)