من ستيفن فاريل وآيات بسما
عتليت (إسرائيل)/بيروت (رويترز) - رفع آلاف من عرب إسرائيل يوم الخميس الأعلام الفلسطينية وارتدوا قمصانا كتبت عليها عبارات تؤكد أن القدس عاصمة "أبدية" لفلسطين في مسيرة وتجمع لإحياء الذكرى السبعين للنكبة.
وفي حقل جنوبي حيفا قرب قرية عربية شهدت تهجير سكانها منذ عام 1948 غنى أطفال أغنيات وطنية قرأوا كلماتها من على هواتفهم الذكية فيما جلس الكبار تحت مظلات يستمعون إلى كلمات الشخصيات البارزة والموسيقيين.
وكان تزامن التجمع مع احتفالات إسرائيلية في ذات اليوم لإحياء الذكرى السبعين "للاستقلال" أمرا خارجا عن المألوف.
وجاء تجمع هذا العام قرب عتليت وهي قرية ساحلية صغيرة جنوبي حيفا حيث يقول منظمو المسيرة إن 170 شخصا كانوا سكانها أخرجوا منها قسرا في عام 1948 واضطروا للفرار لبلدات أخرى أو لدول مجاورة مثل لبنان حيث يعيش أبناؤهم وأحفادهم إلى يوم لاجئين.
وقال سامي سلمان (83 عاما) وهو نجار من الناصرة حضر التجمع "لا أفوت أبدا أي حدث يتعلق بالنكبة... غادر الكثيرون إلى لبنان وقتها ولحسن الحظ أننا لم يكن لدينا ما يكفي من المال لنذهب. أنا سعيد بذلك الآن جدا".
ولم يتمكن خالد علي حسن من الحضور لكنه شاهد الحدث في نشرات الأخبار إذ يعيش لاجئا في مخيم شاتيلا في بيروت على بعد 80 ميلا إلى الشمال على ساحل البحر المتوسط.
وجاء والده للمخيم من قرية إجزم قرب عتليت ولم يتمكن أبدا من العودة بعد أن فر خلال حرب عام 1948. ويقطن في لبنان نحو 450 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لدى الأمم المتحدة يعيش الكثير منهم في 12 مخيما للاجئين في لبنان.
وقال حسن (53 عاما) عن والده "عندما كان يحكي عن فلسطين كان يتوقف عندما تغالبه دموعه".
وأضاف أن من السخرية أن تتزامن احتفالات إسرائيلية مع حداد فلسطيني وتابع "نحن على طرفي نقيض.. يوم نكبتنا ومأساتنا هو يوم فرحهم".
* تجاور غريب
شهد اليوم عدة صور متناقضة جنبا إلى جنب في الشوارع المزدحمة في يوم عطلة في حيفا.
حافلات من القدس والناصرة ومدن وبلدات أخرى مكتظة بالعرب في طريقها للمشاركة في مسيرة النكبة تمر بجوار صفوف من السيارات ترفع العلم الإسرائيلي تتحرك في الاتجاه المعاكس نحو الساحل لإقامة نزهات تقليدية وحفلات على الشاطئ للاحتفال بيوم "الاستقلال".
ويقول فلسطينيون وبعض الباحثين الإسرائيليين إن إفراغ القرى من سكانها وإجبار الفلسطينيين على الفرار كان جزءا من برنامج ممنهج للتطهير العرقي أمر به قادة صهاينة لتمهيد الطريق أمام قيام دولة يهودية.
وترفض إسرائيل ذلك وتقول إن مشكلة اللاجئين نجمت عن الحرب التي شنها فلسطينيون معارضون لخطة الأمم المتحدة للتقسيم عام 1947 ودخول دول عربية البلاد فور انتهاء الانتداب البريطاني في عام 1948.
وقبل اندلاع القتال أواخر عام 1947 كان نحو مليون عربي و600 ألف يهودي يعيشون فيما أصبح الآن إسرائيل. ونشأت إسرائيل على 78 بالمئة من فلسطين تحت الانتداب فيما كانت خطة الأمم المتحدة التي رفضها العرب تعطيها 56 بالمئة فقط.
وكان أغلب العرب المشاركين في المسيرة من نسل الفلسطينيين الذين لم يغادروا.
وإحدى القضايا الرئيسية التي طرحها المنظمون المطلب القائم منذ أمد بعيد بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وهو مطلب عاد إلى الواجهة في الأسابيع الماضية في احتجاجات مستمرة على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.
ورفضت حكومات إسرائيلية متعاقبة أي حق للعودة خشية أن تفقد البلاد أغلبيتها اليهودية.
لكن اللاجئين في مخيم بلبنان لم يفقدوا الأمل.
قال عبد المجيد الشورى (42 عاما) "لن أعيش حتى أشهد ذلك اليوم لكن أبنائي ربما... 70 عاما لا تمثل شيئا في تاريخ العالم".
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)