من مايان لوبل ودان وليامز
القدس (رويترز) - قالت إسرائيل يوم الثلاثاء إنها لا تسعى لحرب مع إيران وذلك بعد يوم من عرضها أدلة مزعومة على أنشطة إيرانية مرتبطة بالأسلحة النووية في الماضي، لكنها لمحت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤيد أحدث محاولاتها لوأد اتفاق يهدف لكبح طموح إيران النووي.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ ترامب في الخامس من مارس آذار بالأدلة المزعومة التي حصلت عليها إسرائيل فيما وصفه نتنياهو في عرض قدمه يوم الاثنين بأنه "إنجاز مخابراتي عظيم".
وأضاف أن ترامب وافق خلال الاجتماع على أن تنشر إسرائيل المعلومات قبل 12 مايو أيار وهو الموعد المنتظر أن يتخذ فيه ترامب القرار بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم إبرامه في عام 2015.
وتسلط الأنباء عن المشاورات بين ترامب ونتنياهو الضوء على محاولات التنسيق الملحوظة بينهما لوأد الاتفاق الدولي الذي انتقده الاثنان بشدة.
وفي بيان بثه التلفزيون في وقت ذروة المشاهدة مساء يوم الاثنين عرض نتنياهو ما قال إنها وثائق إيرانية تثبت أن إيران كانت تطور أسلحة نووية قبل اتفاق 2015 الذي وقعته مع ست قوى عالمية من بينها الولايات المتحدة.
وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحفيين إن الإعلان الإسرائيلي قدم أدلة على أن اتفاق إيران النووي أبرم "بناء على ادعاءات كاذبة".
وأضافت "كان الرئيس واضحا للغاية في أنه يعتقد أن الاتفاق من بين أسوأ الاتفاقات التي شاهدناها على الإطلاق وسوف نبلغكم عندما يتخذ قرارا نهائيا".
وقال نتنياهو يوم الثلاثاء لمحظة (سي.إن.إن) التلفزيونية إنه "لا أحد" يسعى لصراع مع إيران وهو احتمال يتوقعه البعض كنتيجة محتملة لانهيار الاتفاق.
وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل مستعدة لحرب مع إيران قال نتنياهو في مقابلة مع (سي.إن.إن) "لا يسعى أحد وراء مثل هذا التطور. إيران هي التي تغير القواعد في المنطقة".
لكن العرض الذي قدمه نتنياهو قال إن الأدلة التي حصلت عليها إسرائيل تشير إلى أن إيران كذبت في مفاوضات ما قبل الاتفاق الذي يعتبره ترامب معيبا بينما تراه القوى الأوروبية ضروريا لتهدئة مخاوف من أن تطور طهران قنابل نووية يوما ما.
وتنفي طهران أن تكون قد سعت في أي وقت للحصول على أسلحة نووية ورفضت مزاعم نتنياهو ووصفتها بأنها خدعة وقالت إن ما عرضه مجرد دعاية.
ونقلت وكالة تسنيم للأنباء يوم الثلاثاء عن وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي قوله "نحذر النظام الصهيوني وحلفاءه بأن عليهم وقف مكائدهم وتصرفاتهم الخطيرة وإلا فسيواجهون ردا إيرانيا مفاجئا وقويا".
ووصف حاتمي اتهامات نتنياهو بأنها "بلا أساس".
وقال وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في سلسلة تغريدات على تويتر يوم الثلاثاء إن المعلومات التي كشفتها إسرائيل دليل على سبب ضرورة الحفاظ على الاتفاق.
وأضاف كيري الذي تفاوض على الاتفاق "لم تكن هناك مفاوضات- وكل ذلك تغير (بالاتفاق). انسف هذا الاتفاق وستعود غدا إلى حيثما كنت!"
وقال خبراء دوليون وإسرائيليون إن نتنياهو لم يقدم دليلا على أن إيران تنتهك الاتفاق.
لكن العرض الذي قدمه نتنياهو، وكان بالإنجليزية في المجمل تقريبا، بمثابة مقدمة إسرائيلية لانسحاب ترامب من الاتفاق على ما يبدو.
وقال تساحي هنجبي، وزير التنمية الإقليمية الإسرائيلي وأحد المقربين من نتنياهو، إن العرض الإسرائيلي كان يهدف لإعطاء ترامب مبررا للخروج من الاتفاق.
وأضاف في مقابلة مع راديو الجيش الإسرائيلي "في 12 يوما، ستنكشف دراما كبيرة. سينسحب الرئيس الأمريكي على الأرجح من الاتفاق".
وتابع "ما فعله رئيس الوزراء الليلة الماضية هو أنه أمد ترامب بالذخيرة في مواجهة السذاجة والعزوف الأوروبي فيما يتعلق بإيران".
ووافقت إيران بموجب الاتفاق مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، على كبح برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية عليها.
وأمهل ترامب بريطانيا وفرنسا وألمانيا حتى 12 مايو أيار لإصلاح ما يراها عيوبا في الاتفاق وهي عدم تطرقه لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وشروط زيارة المفتشين للمواقع الإيرانية وفقرات تنص على وقف العمل ببعض البنود وإلا فإنه سيفرض العقوبات الأمريكية من جديد.
وقال المسؤول الإسرائيلي الكبير إن إسرائيل كانت على علم بالأرشيف الإيراني منذ عام وحصلت على المعلومات في فبراير شباط وأبلغت ترامب بها خلال اجتماع في واشنطن يوم الخامس من مارس آذار.
* مراجعة
أضاف المسؤول أن إسرائيل أطلعت الصين على المعلومات ومن المقرر بنهاية الأسبوع الحالي أن تستضيف خبراء من بريطانيا وألمانيا وفرنسا لفحصها.
وتعود معظم الأدلة المزعومة التي عرضها نتنياهو إلى الفترة التي سبقت توقيع الاتفاق النووي عام 2015 رغم أنه قال إن إيران أخفت أيضا ملفات مهمة عن التكنولوجيا النووية منذ ذلك الحين، وأنها واصلت زيادة "معرفتها بالأسلحة النووية".
ورغم أن العرض كان على الهواء مباشرة بالتلفزيون الإسرائيلي إلا أن نتنياهو أوضح أن جمهوره يوجد بالخارج، ووجه معظم حديثه باللغة الإنجليزية قبل أن يتحول للعبرية.
وذكر تقييم للمخابرات الوطنية الأمريكية في 2007 أن المخابرات على درجة "عالية من الثقة" في أن طهران أوقفت برنامجها للأسلحة النووية في خريف 2003. وتوصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نتيجة مشابهة في وقت لاحق.
وسئل دبلوماسي يقيم في فيينا، تعامل في السابق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدار سنوات، عما استخلصه من حديث نتنياهو فرد قائلا "لا شيء جديدا. أداء مسرحي".
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني إن نتنياهو لم يشكك في التزام إيران بالاتفاق. وأوضحت أن الاتفاق "أبرم لأنه لم تكن توجد ثقة بين الأطراف، وإلا لما كنا طلبنا إبرام اتفاق نووي".
وقال هنجبي إن نتنياهو لم يقل إن إيران انتهكت الاتفاق. وقال "الإيرانيون بريئون فيما يتعلق بالاتفاق النووي لأنه هدية منحها لهم عالم منهك وساذج".
وقال مسؤول إسرائيلي على دراية بأسلوب نتنياهو الجذاب في حديثه على التلفزيون إن العنوان المؤلف من كلمتين هما "إيران كذبت" الذي ظهر بجوار رئيس الوزراء خلال العرض على التلفزيون كان مفصلا خصيصا ليلائم أسلوب ترامب في الحديث الذي يتسم بالإيجاز والقوة.
(إعداد مصطفى صالح للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)