Investing.com - في أواخر الثامن عشر وتحديدا قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى شهدت دولة الأرجنتين ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بلغت نسبته 6 %، الأمر الذي ساعدها في الحصول على لقب أسرع الدول نموا في العالم خلال تلك الفترة.
وتوافد إلى الأرجنتين العديد من المهاجرين الأوروبيين، حيث كانت تعد أرضا خصبة لجذب الوافدين الذين يبحثون عن فرص عمل من جميع أنحاء القارة الأوروبية، فكان قطاع الزراعة هناك يلعب دورا دورا محوريا في زيادة التوسع الاقتصادي للدولة، ذلك بجانب النشاط الحيواني الذي كانت يدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
وتمكنت الأرجنتين خلال هذه الفترة من احتلال المرتبة العاشرة في قائمة أقوى دول العالم، حيث استطاعت أن تسبق العديد من الدول مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا، مما جعل الأرجنتينيين يصنفون كأثر مواطني قارة أمريكا اللاتينية ثراءا.
ولم يدم هذا الحال، فبعد هذا الرخاء مرت الأرجنتين بالعديد من الظروف الصعبة، شهدت خلالها حالة ركود اقتصادي مفزع، ذلك بجانب بعض الأحداث السياسية المرعبة والتي لعبت دورا كبيرا في تعثر الدولة عن سداد ديونها السيادية مرة تلو الأخرى حتى وقعت في شباك صناديق التحوط الأمريكية.
ففي خلال الفترة ما بين 1976 و 1978 شهدت الأرجنتين أبشع أساليب القهر والإرهاب، وذلك بسبب الانقلاب العسكري الذي قاده "خورخي فيديلا" ضد "إيزابيل بيرون" الذي كانت تشغل منصب رئيسة الجمهورية في ذلك الوقت.
وبدأ "خورخي" حكمه الاستبدادي وتنفيذ برنامج اقتصادي يعتمد على بعض التصورات الليبرالية الحديثة، وذلك على الرغم من إعتراض أغلب الشعب الأرجنتيني، فمنذ ذلك الوقت كان لصندوق النقد الدولي يدا في ادارة المهام الاقتصادية والمالية للدولة.
فمنذ الفترة ما بين 1956 و 1999 قام صندوق النقد الدولي بإبرام نحو 19 إتفاقية مع الجانب الأرجنتيني، قام خلالها بمنح العديد من القروض، الأمر الذي مكنه من الحصول على حق التدخل لتطوير وإعادة هيكلة السياسة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وخلال الفترة التي قضاها "فيديلا" متربعا على السلطة، هبط معدل الانتاج الصناعي للأرجنتين بنسبة بلغت 40%، كما تراجعت حصة الأجور من الناتج المحلى الإجمالي للبلاد إلى 22%، وذلك بعد أن كانت عند 43%، بالإضافة إلى ذلك فقد زاد حجم الديون الخارجية للبلاد ليصل إلى أكثر من 43 مليار دولار، بعد أن كان عند 8 مليار دولار.
وتوالت الأحداث السيئة في البلاد خلال فترة حكم "ألفونسين" الذي خلف "فيديلا" وحتي قدوم "كارلوس منعم" لتولي مقاليد الحكم الأرجنتيني، حيث تكاتف مع صندوق النقد الدولي وأخضح البلاد لبرنامج الصدمة، وعمل على خصصة القطاع المصرفي الأرجنتيني بالكامل، بالإضافة إلى إلغاء كافة اللوائح التنظيمية التي كانت تشرف على حماية القطاعين التجاري والزراعي هناك، ذلك بجانب بيع بعض المشاريع الحكومية مثل شركة "YPF" للبترول وشركة الخطوط الجوية الأرجنتينية بأبخس الأسعار لصالح بعض المستثمرين الأجانب.
وارتفعت الديون الأرجنتينية خلال عام 2000 الماضي، واستمر ذلك حتى أعلن "أدولفو روديجت سا" في ديسمبر من عام 2001 افلاس الدولة، وأن الأرجنتين قد أنفقت جميع احتياطيات النقد الأجنبي لديها، وذلك بعد تعثرها في سداد ديون بلغت قيمتها 132 مليار دولار.