- Investing.com "الأموال الساخنة" أو ما يطلق عليه البعض "رأس المال الخامل" التي يخلق الازدهار الكاذب وعند خروجها تترك وراءها فوضى كبيرة، لا يمكننا رؤيتها بشكل واضح وبالتالي لا يمكننا القضاء عليها، إلا أنه في أحسن الأحوال يمكننا الابتعاد عنها بشكل مؤقت إذا كنا أذكياء، ويمكننا استتغلالها لتحقيق مصالحنا إذا كنا محظوظين.
تحقق الأموال الساخنة أعلى أرباح دون احترام الشروط ودون أي التزام، الأمر الذي يجعلها تمثل خطر كبير على الاقتصاد، فهي لا تساعد في بناء ازدهار اقتصادي حقيقي، فهي مثل الصديق المنافق الذي يبذل مجهود كبير حتى يحصل على ثقتك ويرافقك في الرخاء أما في الشدة لا تجده.
"رأس المال الخامل" عبارة عن استثمارات قصيرة الأجل لا تستمر أكثر من عام واحد، تستهدف اقتصادات البلدان النامية وخاصة التي لديها أسعار فائدة أعلى من المتوسط، وتنتقل من بلد لأخرى بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن في أقصر وقت.
شن "مهاتير محمد" رئيس الوزراء الماليزي السابق في يناير 1998 هجوم كبير على مستثمري "الأموال الساخنة" الذين تسببوا في زيادة الأزمة المالية الآسيوية، قائلًا:" لقد أمضت هذه البلدان 40 عام تعمل على بناء اقتصاد قوي، ثم يأتي مستشمرون مثل "جورج سوروس" وغيره ومعهم الكثير من الأموال للمضاربة وتدمير كل ما فعلناه".
تتمثل خطورة الأموال الساخنة في أنها شديدة التقلب، حيث إنها تتسبب في تقلب أسعار الصرف وانكماش أسواق الأوراق المالية المحلية أو ازدهارها، وبالتالي فهي تخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد، فمن الممكن أن تدخل هذه الأموال في المساء وتخرج قبل الصباح، وهذا هو السر وراء قدرتها على زعزعة وهز الأسواق المالية.
على الرغم من خطورتها الكبيرة، ما زالت بنوك الدول النامية تسعى إلى جذب "الأموال الساخنة" عن طريق طرح شهادات إيداع قصيرة الأجل بأسعار فائدة أعلى من المتوسط للمستثمرين الأجانب، إلا أنه بمجرد أن تقوم هذه البنوك بتقليل أسعار الفائدة أو إذا قامت بلد أخر برفع أسعار الفائدة يسحب المستثمرون أموالهم إلى البلد ذو أسعار الفائدة الأعلى.
الأموال الساخنة يتم ضخها من ديون الأسواق الناشئة والانسحاب السريع لهذه الأموال من القطاعات المصرفية في البلدان النامية يؤدي في أغلب الاوقات إلى حدوث أزمة اقتصادية كبيرة وتراجع النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ، كما أنه يؤثر بشكل سلبي على ميزان المدفوعات للدولة.
سيناريو "الأموال الساخنة" مع الأسواق الناشئة من السيناريوهات التي شاهدناها أكثر من مرة، فما يحدث في آيسلندا وإسبانيا واليونان شاهدناه من قبل في تايلاند وماليزيا وكوريا الجنوبية وهونج كونج، مع وجود اختلاف بسيط في بعض التفاصيل.
ففي البداية يتم ضح هذه الأموال بشكل كبير في هذه الأسواق، عندما تكون أسعار فائدة أعلى من المتوسط على ديونها قصيرة الأجل، إلا أنه بمجرد انخفاض الفائدة وتعود إلى المستويات الطبيعية، تبدأ هذه الأموال في الخروج على الفور، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار العملة المحلية وحدوث أزمات متتالية في سوق الأسهم المحلي، ويضطر البنك المركزي إلى التضحية بالاقتصاد الحقيقي من أجل إنقاذ سعر الصرف.