💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

مصطفى موسى يكتب: خصخصة أم طرح؟

تم النشر 28/05/2018, 08:49
© Reuters.  مصطفى موسى يكتب: خصخصة أم طرح؟

هل تقوم الدولة باستنساخ نموذج الخصخصة من خلال طرح شركاتها فى البورصة؟ على قدم وسـاق تسابق الزمن المجموعة الاقتصادية، بل والحكومة وأجهزتها لوضع آليات وأُطر عملية برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة فى البورصة المصرية، الأمر بدوره وبالوتيرة التى يسير بها آثار لكثيرين علامات استفهام واستدعاء لذهنيات تجارب لم تكن هى الأنجح على الإطلاق، وهى تجربة الخصخصة تلك التجربة التى امتدت على مدار عقد التسعينيات إبان توقيت لم يكن لكثيرين وعلى رأسهم متخصصين على بينة وتوقع لمآلات الأمور لهذا البرنامج وتبعاته، لاسيما وأن ما ساقته الدولة آنذاك من مبررات ومسوغات لاحتضان وتمرير وتنفيذ هذا البرنامج تتشابه وتتماس مع كثير من ذات المبررات والمسوغات التى تسوقها الدولة حالياً، وهى فى معرض حديثها عن برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة لها فى البورصة المصرية، فكان انحسار مستوى الشفافية آنذاك لعمليات البيع وانتقائيات الشركات المستهدفة بالبيع وأمور أخرى مرتبطة بمسائل التسعير والترسية وضمانات ومسئوليات البائع وحقوق العاملين بتلك الشركات وامتيازاتهم، كل تلك العوامل التى انصهرت مع بعضها ومتحدة مع تصاعد وتيرة أحداث وحروب عربية وإقليمية وموازنة الدولة التى كانت تئن تحت وطأة تلك الضغوط كل ذلك وأكثر نتج عنه ما نتج واصطدمت به قطاعات عريضة من العمال بتلك الشركات وأسرهم وكانوا على رأس من سدد فاتورة التسرع وعدم الحيطة الكافية فى عملية البيع.
الآن، والقياس هنا مع الفارق تم استدعاء ذات المفردات التى سيقت آنذاك مثل عجز الموازنة، التضخم، التوترات العالمية والإقليمية، إرهاب فى أحط صورة وأردءها.

قطعاً لا شك أننا مشتبكون مع تلك المفردات فى حياتنا اليومية بين أسر فقدت عزيزها وعائلها لأسر أضحت لاهثة للحاق بحد الكفاف وسط انفلات فى الأسعار غير مسبوق، الأمر بدوره أوجب على الدولة أن تفتش فى دفاترها عن حُليها القديم وتزيل الركام من فوقه لترى ماذا يمكنها أن تصنع به وعليها فوق كل ذلك أيضاً عبء أن تكون أكثر حصافة وحكمة ممن سبقوها فلم يعد فى مقدورها أن تذكر مجرد ذكر أنها بصدد عملية خصخصة مرة أخرى.. إذن كيف السبيل؟
هنا ظهرت مُفردة «الطرح» أى قيام الدولة بطرح (أى بيع للجمهور) أسهم الشركات التى تسيطر عليها فى البورصة المصرية، وهنا أيضاً على الفور ظهر النقد وانتاب الذعر البعض وتمثل أهم وجه للنقد أن الخصخصة أو الطرح فى البورصة كلاهما تنويعات على اللحن نفسه.. لحن البيع وفقدان السيطرة على مشروعات قومية، أهى إذن ذات الحيلة القديمة، ولكن فى طبعة قشيبة وغلاف من حرير.
من هنا ومع اقتراب صافرة البداية لهذا البرنامج أعتقد أن على الدولة واجب وعبء يتعين عليها التصدى له، عبء لا يقل إن لم يزد عن باقى الأعباء التقنية واللوجستية لعملية الطرح؛ أنه عبء فض الالتباس القانونى والغاياتى بين الخصخصة والطرح، فض الالتباس للمواطن وللأجيال القادمة ولها هى نفسها أيضا.
فالخصخصة كمفهوم وإجراء هو بمعناه الواسع قيام الدولة ببيع استثمار ما لمشترى آخر من أحد أفراد القطاع الخاص، هو بيع وتخارج مباشر إذن وسيولة مالية فى المقابل، وينتقل المشروع بمقوماته والعاملين به من دولاب الدولة وموازنتها وحزمة تشريعاتها إلى مستثمر جديد يحل محل الدولة يضع نصب عينيه مفردات أكثر حسماً وجموداً مثل حسابات الربح والخسارة وخفض للنفقات وتعظيم للعائد.. إلخ.
حديثاً وبمنتصف شهر مايو الجارى صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 926 لسنة 2018 الخاص بإعادة تنظيم برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة، قرار جيد من الناحية الإطارية والتشريعية حول مفردات كانت غائبة عن الدولاب الحكومى ومد بشكل إيجابى جسور مع مستشارين فنيين سواء على المستويين القانونى والمالى من القطاع الخاص للمساهمة فى إنجاح الطرح، لكن هذا القرار والذى هو منشور بالفعل للجميع فى الجريدة الرسمية سيظل حبيس إدراج المتخصصين، وهم فقط المتصلون به وبأحكامه، ويبقى اللبس للمواطن والباحث وغيرهما من المعنين لايزال قائماً، إذ لايزال على الدولة أن تجد وسيلة تواصل ما لفض هذا الاشتباك واللبس، لاسيما وأن إجرائية «الطرح» ليست عملاً موسوماً بذنب، ولا هى بالضرورة تعنى التخلى عن سيطرة الإدارة بالشركة المزمع طرحها، كما وأن هذا الطرح هو آلية أصبح يتهافت عليها القطاع الخاص لممارستها، وإيجاد جميع السبل لمحاولة التأهل للقيد فى سوق التداول لما يمثله هذا القيد من مزايا سواء فى الاستثمار والتوسعات أو حتى الاستثمار فى التخارج.
أمر آخر لايزال غائباً، وهو سؤال يتوجب على الدولة أن تسأله لنفسها وتجيب عليه دون مواربة، عليها أن تسأل ما الذى تريده بالفعل من هذا الطرح؟ وهنا لا أعنى ما جاء كإجابة بالمادة الثانية من القرار المشار إليه، والتى مع الأسف جاءت فى صيغة عبارات إنشائية نمطية مثل جذب الاستثمارات وتنشيط السوق وتحسين الكفاءة.. إلخ، بل أعنى هل تريد الدولة بالفعل الدخول والبقاء فى سوق البورصة واللعب كمستثمر مرن يعى مفردات صناعة السهم وتحركات المؤشرات والقطاع ومدى احتمالية الذهاب للقيد المزدوج بأسواق أخرى، أم تريد فقط تخارج آمن قانونى أم ستحاول المزج فتحدث تشريعات تُبقى بها لنفسها السيطرة بالرغم من بيع حصتها فى السوق مثل آلية الـGolden Share تلك فى رأيى هى الأسئلة التى تستوجب بالفعل وجود رؤية لفاعل جديد فى البورصة، لاسيما وأن حزمة الشركات المستهدفة بالطرح كشريحة أولى هى شركات ذات تدفقات نقدية وربحية عالية، وبالتالى فلا معنى لقيدها دون أن تختمر الرؤية لدى القائمين على هذا البرنامج لرؤيتهم وتصوراتهم الحقيقة لبرنامج الطرح.
تبقى أخيراً معضلة حصيلة الطرح والسيولة التى ستأتى من خلاله فهل ستسخدمها الدولة لسد عجز الموازنة أم ستذهب إلى آفاق عملية موضوعية لإعادة هيكلة السوق المالى والتوجه لاستثمارات جديدة تناسب معطياته.

مصطفى موسى
محام متخصص فى أسواق المال والشركات

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.