- Investing.com يرى عدد كبير من رجال الأعمال أنهم جديرون بما يحصلون عليه من أرباح استثنائية، لأنهم أكثر مغامرة ومجازفة من غيرهم، الذين لا يغامرون ولا يوجد أي شئ يميز أفعالهم، ويسلكون نفس الطرق التي سلكها السابقون دون أي اختلاف أو تطوير، أما من يخلق ثروة هائلة لنفسه فهو يستحق أن يحصل على معدل أكبر من الأرباح.
وحول هذا الموضوع، ألفت "ماريانا مازوكاتو" الكاتبة الاقتصادية والأستاذة بجامعة لندن كتاب بعنوان" قيمة كل شئ"، قالت فيه إن رجال الأعمال والمديرين التنفيذين يدعون قيمة أكبر بكثير لما يقومون به، حتى يبرروا حصولهم على أرباح هائلة تفوق ما يبذلونه من جهد بكثير.
في عام 2009، ادعى " لويد بلانكفين" المدير التنفيذي السابق لـ"جولدمان ساكس" أن الموظفين العاملين في شركته هم الأكثر إنتاجية وكفاءة بالعالم، لتبرير حصول الشركة على أرباح استثنائية وحصول العاملين فيها على رواتب مرتفعة جدًا، إلا أنه يعد أشهر قليلة من تصريحاته اندلعت الأزمة المالية الحادة التي كان البنك الاستثماري الأمريكي مشارك فيها.
وفي أعقاب هذه الأزمة، انتشرت الكثير من الدعاوي حول معاقبة البنوك والمصرفيين في كل مكان، وكان هناك مطالبات بسجنهم، إلا أن هذا لم يحدث، بل أن شركة "جولدمان ساكس" ازدهر وانتعش بصورة واضحة خلال عام الأزمة نفسه، وحقق أرباح بلغت قيمتها 13.1 مليار دولار، وفي الفترة بين عام 2009 وحتى 2016 بلغت أرباحه نحو 63 مليار دولار من أصل 250 مليار دولار كدخل.
وتم فرض غرامات على "جي بي مورجان" بقيمة 297 مليون دولار و"جولدمان ساكس" بقيمة 550 مليون دولار، إلا أنه في رأي "مازوكاتو" فأن هذه الغرامات مضحكة لأنها قريبة من الأرباح التي جنتها البنوك جراء مخالفاتها.
وأضافت "مازوكاتو" أن في ستينيات القرن الماضي كان الاقتصاديون يروا أن القطاع المالي ليس من القطاعات المنتجة، ولكن كان يعتبرونه "قطاع وظيفي" مهمته نقل الثروة من مكان لآخر أو من شخص لآخر، إلا أنه لا يعمل على زيادة القيمة المضافة وبالتالي لا يمكن وضعه مع المنتجات العادية، بالإضافة إلى أن الخدمات المالية بدأت تظهر وكأنها سلعة وسيطة وخدمة تيسيرية، حتى صارت الآن واحدة من أهم الخدمات بالعالم.
وأشارت إلى أن الأزمة الحقيقة تكمن في التغير الذي يحدثه نمو القطاع المالي بشكل غير مسبوق خلال هذه الأيام في عقلية المستثمرين، حيث أصبح المستثمر يعمل في البورصات أو السندات من أجل الحصول على أرباح أسرع وأكثر دون أن يساهم في الإنتاج، بدلًا من إقامة استثمارات طويلة المدى تحقق نفع كبير لبقية الناس.
وأوضحت أن القطاع المالي يدعي دائمًا أنه يقوم بخلق القيمة، ولكن في الواقع هو "يستخرج القيمة" فقط التي يقوم أشخاص آخرون بالعمل على تنميتها وتطويرها، لذا ففي الاقتصاد الحديث البعض يصنع والبعض يأخذ فقط.
وحذرت "مازوكاتو" من استمرار الوضع الراهن، لأن حصول قطاعات الاقتصاد غير المنتجة لأرباح هائلة على حساب القطاعات المنتجة، سيؤدي في النهاية إلى انهيار الرأسمالية، واستمرار انتقال الأموال من القطاعات المنتجة إلى القطاعات الهادفة للربح، حيث إن القطاعات المنتجة ستعاني من المجاعة والقطاعات الغير منتجة مجرد فقاعة ستنفجر في أي وقت، أي أنها كلاهما سينهار.