من فيليب بوليلا وستيف شيرير
روما (رويترز) - استدعت إيطاليا السفير الفرنسي لديها ورفضت بغضب الانتقادات الفرنسية لسياساتها المتعلقة بالهجرة يوم الأربعاء مصعدة بذلك مواجهة دبلوماسية بين القوتين الأوروبيتين.
وألغى وزير الاقتصاد الإيطالي جيوفاني تريا اجتماعا مع نظيره الفرنسي في باريس بعد يوم من تصريح الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بأن إيطاليا تصرفت "باستخفاف وعدم مسؤولية" بإغلاق موانئها أمام مهاجرين.
وقال وزير الإيطالي ماتيو سالفيني أمام مجلس الشيوخ "لسنا بحاجة لنتعلم الكرم والتطوع والترحيب والتضامن من أحد".
ودعا سالفيني، وهو أيضا نائب رئيس الوزراء ورئيس حزب الرابطة المعادي للمهاجرين، فرنسا إلى الاعتذار. وقال إنه ليس مستعدا لتلقي انتقادات من دولة ترفض باستمرار استقبال مهاجرين على حدودهما المشتركة.
وقالت فرنسا إنها لم تتلق طلبا رسميا من إيطاليا للاعتذار معبرة عن اعتقادها بأن الاجتماع المقرر يوم الجمعة بين ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في فرنسا سيعقد في موعده.
وخلال زيارة لغرب فرنسا، رفض ماكرون في بادئ الأمر الرد على أسئلة بشأن الأزمة لكنه قال للصحفيين في وقت لاحق "يجب علينا ألا نستسلم للمشاعر التي يتلاعب بها بعض الناس".
ويتركز الخلاف على سفينة الإنقاذ أكواريوس التابعة لمنظمة خيرية والتي رفضت كل من إيطاليا ومالطا رسوها في موانئهما. وكانت السفينة تقل 629 مهاجرا وهي الآن في طريقها إلى إسبانيا برفقة سفينتين إيطاليتين.
وفرنسا ليست الوحيدة التي وجهت انتقادات لإيطاليا.
فقد قال فيليبو جراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو إيطالي الجنسية، إنه "لأمر مخز" أن ترفض دولتان أوروبيتان استقبال لاجئين يواجهون الخطر.
وكشفت الواقعة عن أحد أهم مواطن الخلاف في السياسات الأوربية وهو كيفية تقاسم أعباء المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي قادمين من مناطق حروب ودول فقيرة أغلبها في أفريقيا والشرق الأوسط.
ولم يف العديد من الدول بتعهداتها التي قطعتها عام 2015 باستقبال بعض طالبي اللجوء من إيطاليا واليونان والمشاركة في تكاليف رعايتهم.
وحقق حزب الرابطة أفضل نتائجه على الإطلاق في الانتخابات العامة التي أجريت في مارس آذار بعد أن تعهد بترحيل مئات الآلاف من المهاجرين ووقف تدفق أي مهاجرين جدد وشكل حكومة ائتلافية مع حركة 5-نجوم المناهضة للمؤسسات.
ودخل أكثر من 1.8 مليون شخص إلى أوروبا منذ 2014 وتستضيف إيطاليا حاليا أكثر من 170 ألف طالب لجوء بالإضافة إلى ما يقدر بنحو نصف مليون مهاجر غير مسجل.
واتهمت الحكومات الإيطالية المتعاقبة دولا أخرى في الاتحاد الأوروبي بتجاهل مناشداتها لاستقبال بعض اللاجئين الجدد وتقاسم كلفة رعايتهم.
* "غير مبرر"
حاولت فرنسا تنبي نهج أكثر تصالحية يوم الأربعاء. وقالت أنييس فون دير مول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن بلادها "على دراية كاملة بالعبء الذي تشكله ضغوط الهجرة على كاهل إيطاليا" مضيفة أن فرنسا ملتزمة بالتعاون مع روما بشأن هذه القضية.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الفرنسية إن وزيري الاقتصاد في البلدين تحدثا هاتفيا واتفقا على تحديد موعد جديد لاجتماعهما الملغى.
لكن وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو واصل اللهجة الحادة عندما أبلغ السفير الفرنسي بأن تصريحات ماكرون "غير مبررة" وتعرض العلاقات بين البلدين للخطر.
وقال سالفيني أمام مجلس الشيوخ إنه منفتح على إقامة "محور" محتمل مع ألمانيا والنمسا بخصوص الهجرة قبل قمة مهمة للاتحاد الأوروبي في نهاية يونيو حزيران والتي ستتناول في جانب منها دراسة تعديل قانون طلبات اللجوء الأوروبي لتحسين المشاركة في تحمل أعباء المهاجرين القادمين.
وقال سالفيني "مع زملائي الألمان والنمساويين... سنقترح مبادرة جديدة (للهجرة)"، مضيفا أن المبادرة ستشمل الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وكيفية إدارة دول الاتحاد للمهاجرين داخليا.
وفي برلين، كرر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر والمستشار النمساوي زيباستيان كورتس ما قاله سالفيني. وقال كورتس بعد الاجتماع مع زيهوفر "نرى أننا بحاجة إلى محور الراغبين في الحرب على الهجرة غير الشرعية".
وواصل اللاجئون الوصول بينما يتبادل الساسة الاتهامات.
ففي صباح يوم الأربعاء، رست سفينة تابعة لخفر السواحل الإيطالي وعلى متنها 937 مهاجرا في كاتانيا بجزيرة صقلية، بينما تشق السفينة أكواريوس طريقها في البحر إلى بلنسية في إسبانيا ومن المقرر أن تصل يوم السبت.
واستدعت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية سفينة الإغاثة الإنسانية (سي ووتش 3)، التي ترفع علم هولندا، لحمل 41 ناجيا و12 جثة جرى انتشالهم بعد تحطم سفينتهم يوم الثلاثاء.
لكن السفينة (سي ووتش) لا تزال تنتظر نقل الناجين والجثث إليها وتطلب ضمانا مكتوبا بأنه سيجري السماح لها بالرسو في ميناء إيطالي.
(إعداد محمود رضا مراد للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)