من سليمان الخالدي
عمان (رويترز) - أدت الحكومة الأردنية الجديدة اليمين الدستورية أمام الملك عبد الله الثاني يوم الخميس بعدما تلقى رئيسها عمر الرزاز الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي تكليفا بمراجعة مشروع قانون ضريبي مثير للجدل بعد احتجاجات واسعة النطاق على إجراءات التقشف التي ينصح بها صندوق النقد الدولي.
وقال مسؤول حكومي إن مجلس الوزراء الجديد قرر في اجتماع عقد عقب مراسم أداء اليمين سحب مشروع قانون ضرائب على الأفراد والشركات كانت الحكومة السابقة قد أرسلته للبرلمان وأثار الاحتجاجات.
وكان الملك كلف الرزاز، وهو خريج جامعة هارفارد، الأسبوع الماضي بتشكيل حكومة جديدة خلفا لهاني الملقي لتهدئة الغضب الشعبي الذي أدى إلى تفجر بعض من أكبر الاحتجاجات التي شهدها الأردن منذ سنوات.
وشارك آلاف الأردنيين في احتجاجات في عمان وعدة مدن أخرى هذا الشهر على سلسلة من زيادات الضرائب منذ بداية العام. ودعا المحتجون إلى إقالة الحكومة وإلغاء مشروع قانون للضرائب قالت نقابات عمالية وجماعات مجتمع مدني إنه سيزيد الفقر والبطالة.
واحتفظ وزير الخارجية أيمن الصفدي ووزير الداخلية سمير المبيضين بمنصبيهما في حكومة الرزاز المؤلفة من 28 وزيرا والتي يهيمن عليها خليط من الساسة المحافظين والتكنوقراط ممن شغلوا مناصب في حكومات سابقة ومن بينهم سبع نساء.
وقال الرزاز "التحديات التي نواجهها هي تراكم عقد من الزمن" لكنه تعهد بمعالجة معدل النمو البطيء وتحسين الظروف المعيشية المتردية.
وعين رجائي المعشر، وهو سياسي محافظ ومصرفي بارز وأحد أغنى رجال الأعمال في الأردن، نائبا لرئيس الوزراء.
وقالت مصادر رسمية إن من المتوقع أن تحافظ الحكومة الجديدة على التأييد التقليدي لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة وأن تواصل الإصلاحات التي تجري بتوجيه من صندوق النقد الدولي.
واختار الرزاز مسؤولا مخضرما بوزارة المالية وهو عز الدين كناكرية لقيادة الوزارة ولاستكمال المفاوضات المتعلقة ببرنامج الإصلاح القاسي ومدتها ثلاث سنوات مع صندوق النقد الدولي.
* زيادة الضرائب
يقول منتقدون وبعض السياسيين إن التطبيق السريع لبرنامج الإصلاح مسؤول عن زيادات الضرائب المتعاقبة هذا العام والتي أغضبت العديد من الأردنيين وأشعلت موجة الاحتجاجات.
واعترف الرزاز بعد تعيينه رئيسا للوزراء إن الحكومة السابقة، التي كان يشغل فيها منصب وزير التعليم، تسرعت في الزيادات الضريبية وتعهد بإجراء حوار مجتمعي بشأن أي ضرائب مستقبلية.
وقاد الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق موظفون من الطبقة المتوسطة وخريجون عاطلون عن العمل وشبان يشعرون بالغربة والحرمان في بلد يقول المانحون والدبلوماسيون إن الفساد مستشر فيه.
ويقول المنتقدون والاقتصاديون إن العبء الأكبر من الضرائب يتحمله العاملون في القطاع الخاص الذي يدعم الاقتصاد، وإن التهرب الضريبي من جانب نخبة الأعمال والسياسية أصبح واسع النطاق.
وذهب معظم الإيرادات الإضافية التي حصلت عليها الحكومة نتيجة سلسلة الزيادات الضريبية هذا العام إلى الحفاظ على البيروقراطية المتضخمة في بلد لديه واحد من أعلى معدلات الإنفاق الحكومي في العالم بالنسبة إلى اقتصاده.
وبعد ترتيب مع صندوق النقد الدولي أدى إلى بعض الاستقرار المالي، وافق الأردن في 2016 على برنامج أكثر طموحا مدته ثلاث سنوات للإصلاحات الهيكلية التي تأخرت طويلا. والهدف هو خفض الدين العام إلى 77 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021 من 95 في المئة حاليا.
وشهد الأردن ارتفاعا متزايدا في الدين العام إلى ما يقرب من 40 مليار دولار، مدفوعا في جانب منه بالسياسات المالية التوسعية للحكومات المتعاقبة التي كانت تحرص على توفير فرص عمل وزيادة رواتب القطاع العام لتحاشي تكرار اضطرابات "الربيع العربي" في 2011.
ومن شأن خفض الوظائف في القطاع العام، إما عن طريق تقليص الإنفاق على الدفاع أو ترشيد الخدمة المدنية، أن يحد كثيرا من الإنفاق، لكن كليهما خط أحمر في السياسة الأردنية.
ولم يترك هذا لصندوق النقد الدولي خيارا يذكر سوى السعي إلى زيادة الضرائب لكبح الدين العام.
وفي أعقاب الاحتجاجات، تعهدت السعودية والكويت والإمارات بتقديم حزمة مساعدات للأردن يبلغ حجمها 2.5 مليار دولار لمساعدة اقتصاده على تجاوز الأزمة.
وقال مسؤولون إن قطر أيضا تعهدت يوم الأربعاء بتقديم 500 مليون دولار في صورة أموال نقدية واستثمارات.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)