من أحمد العمامي وستيفاني نيبيهاي
طرابلس/جنيف (رويترز) - تصاعدت الخسائر البشرية لمعركة السيطرة على طرابلس يوم الثلاثاء وقتلت جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية ثلاثة أشخاص في وسط ليبيا في خطوة تظهر أن المتشددين يمكن أن يستغلوا تجدد الفوضى.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن منشآت صحية محلية أعلنت عن مقتل 47 وإصابة 181 خلال الأيام الماضية مع سعي قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) لانتزاع السيطرة على العاصمة من الحكومة المعترف بها دوليا.
وهذا عدد أكبر من أي رقم أورده أي من الجانبين. ويبدو أن معظمهم من المقاتلين حسبما ذكر المتحدث باسم منظمة الصحة طارق جاساريفيتش في إفادة صحفية بجنيف وإن كان قد قال إن هناك تسعة قتلى مدنيين أيضا من بينهم طبيبان.
وانتزع الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، القائد السابق في جيش معمر القذافي، السيطرة على جنوب ليبيا الغني بالنفط هذا العام قبل أن يتوجه الشهر الحالي إلى العاصمة الساحلية حيث يتمركز عند طرفها الجنوبي.
وتقاتل قوات شرق ليبيا إلى الجنوب من المدينة حيث قال شهود بعد ظهر الاثنين إن قوات شرق ليبيا فقدت السيطرة على مطار طرابلس القديم وانسحبت إلى الطريق المؤدية إليه.
وتسعى حكومة فائز السراج التي تسيطر على طرابلس منذ عام 2016 بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لصد قوات شرق ليبيا بمساعدة جماعات مسلحة قدمت من مصراتة على شاحنات خفيفة مجهزة ببنادق آلية.
وقال ساكن ومصدر في قوات شرق ليبيا دون الإدلاء بتفاصيل إن قوات السراج شنت هجوما جويا على موقع لقوات شرق ليبيا في ضاحية سوق الخميس يوم الثلاثاء.
* نداءات عالمية
دعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى خطة سلام اقترحتها المنظمة الدولية لكن حفتر لم يبد استجابة حتى الآن.
وعلى مسافة بعيدة إلى الجنوب من طرابلس، قال سكان إن جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية هاجمت بلدة الفقهاء فقتلت ثلاثة أشخاص وخطفت واحدا قبل أن تلوذ بالفرار.
ويسيطر على الفقهاء مقاتلون موالون لحفتر الذي يبدي عداء للتطرف الإسلامي وإن كان خصومه يعتبرونه ديكتاتورا جديدا على شاكلة القذافي.
وتنشط الدولة الإسلامية في ليبيا مستغلة الفوضى التي تعم البلاد منذ الإطاحة بالقذافي قبل ثمانية أعوام بدعم غربي.
وسيطر التنظيم على مدينة سرت الساحلية في 2015 لكنه فقدها في أواخر 2016 أمام قوات محلية دعمتها ضربات جوية أمريكية مما دفعها للعمل سرا. ويشير الهجوم على الفقهاء إلى أن الدولة الإسلامية قد تسعى إلى استغلال الفراغات التي تركها تقدم قوات حفتر.
ويهدد احتمال انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية بعرقلة إمدادات النفط ويزيد من وتيرة الهجرة إلى أوروبا ويبدد الآمال في انتخابات تنهي التنافس بين إدارتين موازيتين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب.
وقالت ماجدلينا مغربي نائبة الرئيس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية "هناك مخاوف من أن يرتفع بسرعة عدد الوفيات بين المدنيين في وقت تزيد فيه حدة القتال ويمتد إلى أجزاء من المدينة كثافتها السكانية أعلى".
وشنت طائرة حربية هجوما جويا على المطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس يوم الاثنين. وإلى جانب الضحايا يتصاعد عدد النازحين الذي بلغ نحو 3400 في آخر إحصاء للأمم المتحدة.
* بؤس المهاجرين
أصبحت ليبيا المعبر الرئيسي للمهاجرين واللاجئين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، وكثير منهم يتعرض للتعذيب والاغتصاب والابتزاز خلال رحلتهم.
أما من يتمكن منهم من التوجه بحرا إلى إيطاليا، فإنه يواجه الغرق أو النقل إلى مركز احتجاز في ظروف غير إنسانية وفق ما تقوله وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة. وتقول الوكالة إن عدد من يلقون حتفهم في الصحراء يزيد مرتين عن عدد الغارقين في البحر المتوسط.
وتقول الوكالات التابعة للأمم المتحدة إن نحو 5700 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز اعتقال على الساحل الليبي. وهناك مخاوف من استعمال بعضهم دروعا بشرية أو تجنيدهم قسرا.
وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بابار بالوخ "يخبروننا بأنهم يسمعون الاشتباكات. يعيش كثير منهم في رعب حقيقي".
ويقول الجيش الوطني الليبي إن قوامه 85 ألف جندي ويعتقد محللون أنه يضم في صفوفه عددا كبيرا من المقاتلين السلفيين ورجال قبائل بالإضافة إلى تشاديين وسودانيين جاءوا عبر الحدود الجنوبية. ويبلغ عدد قوات الصفوة في قوات شرق ليبيا وتسمى الصاعقة 3500 جندي.
(شارك في التغطية أيمن الورفلي من بنغازي وتوم مايلز من جنيف - إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير أحمد صبحي خليفة)