دبي (رويترز) - اندلعت معارك بين المقاتلين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في مدينة الحديدة الساحلية يوم الأربعاء، مما يمثل انتهاكا لوقف إطلاق النار ويعقّد اتفاقا على انسحاب القوات يهدف لتمهيد الطريق أمام محادثات سلام أوسع.
وميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين شريان حياة لملايين اليمنيين المهددين بالمجاعة بسبب الحرب، لأنه نقطة الدخول الرئيسية لواردات الغذاء والمساعدات.
وانسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة وميناءين آخرين مطلين على البحر الأحمر بدأ يوم السبت ويعد أهم تقدم حتى الآن في جهود إنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام.
وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن الموانئ سُلمت إلى خفر السواحل وإن الانسحاب يجري كما هو متفق عليه.
لكن الطرفين قالا إن الاشتباكات تجددت يوم الأربعاء، بعد يوم من إعلان حركة الحوثي المتحالفة مع إيران المسؤولية عن هجوم بطائرات مسيرة ذكرت السعودية أنه أصاب محطتين لضخ النفط بها.
وقالت وسائل إعلام يديرها الحوثيون إن قوات موالية للحكومة ضربت أجزاء عديدة من مدينة الحديدة، بما فيها المطار، بأسلحة ثقيلة ومتوسطة.
ولم تذكر ما إذا كانت هذه القوات قوات يمنية أم من التحالف العسكري الدولي الذي تقوده السعودية ويدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي تتخذ من عدن مقرا لها.
وقالت القوات المدعومة من التحالف في تقرير إن المقاتلين الحوثيين حاولوا التسلل إلى الحديدة ومنطقة الدريهمي إلى الجنوب لكن القوات الموالية للحكومة أحبطت محاولتهم.
ولم يصدر تعليق بعد من السعودية أو الإمارات، وهي عضو قيادي في التحالف، على انسحاب الحوثيين.
وتحتشد قوات من التحالف على مشارف الحديدة، ويفترض أن تتراجع هذه القوات أيضا في نهاية المطاف بموجب المرحلة الأولى من خطة الانسحاب.
* محادثات سلام
دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء إلى حث الطرفين المتحاربين على العمل سريعا لتنفيذ الأجزاء المتبقية من خطة إعادة الانتشار المتفق عليها خلال محادثات سلام جرت في ستوكهولم في ديسمبر كانون الأول.
وقال أمام المجلس المكون من 15 عضوا "نود أن يضمن الطرفان الحفاظ على قوة الدفع التي بدأنا نراها الآن، وذلك من خلال تنفيذ الخطوات التالية من عمليات إعادة الانتشار المتبادلة".
ومضى قائلا إنه ما زال يسعى لاتفاق بين الطرفين يقضي بأن تتولى قوات محلية مسؤولية الأمن بالمنطقة.
ودعا جوناثان كوهين القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة كل الأطراف إلى التفاوض بنية حسنة للتوصل لاتفاق بشأن قوات الأمن المحلية والتحلي بضبط النفس وإفساح المجال أمام جهود المنظمة الدولية على الأرض، وبخاصة من خلال السماح بدخول مراقبين من الأمم المتحدة إلى البلاد.
وقال "عرقلة عملية الأمم المتحدة أمر لا يمكن التغاضي عنه. على مدى شهور ظلت انفراجات تتبدى في موعد انعقاد جلسات مجلس الأمن تماما، وبعدها يتعثر التقدم... لا بد لأعضاء المجلس أن يبحثوا كيفية تحميل الأطراف المسؤولية إن هي لم تنفذ اتفاق ستوكهولم".
وقال اللفتنانت جنرال مايكل لوليسجارد، رئيس لجنة الأمم المتحدة التي تشرف على الانسحاب، يوم الثلاثاء في الحديدة إن المنظمة باتت الآن قادرة على دخول الموانئ مما سيسمح لمفتشيها بفحص السفن التي ترسو هناك بحثا عن أي واردات سلاح إلى الحوثيين.
ولم يتضح كيف يمكن أن يؤثر تجدد القتال على العملية.
وقالت فرنسا يوم الأربعاء إن هجمات الطائرات المسيرة على محطتي الضخ السعوديتين تهدد الأمن الإقليمي وحثت كل الأطراف على تجنب أي تصعيد يعرض محادثات السلام للخطر. وفرنسا مورد رئيسي للسلاح للمملكة العربية السعودية.
واتفاق وقف إطلاق النار صامد إلى حد كبير بالحديدة، وإن كان هناك قصف ومناوشات متقطعة، لكن العنف مستمر في مناطق أخرى من البلاد.
وذكرت قناة العربية التي يملكها سعوديون يوم الأربعاء أن قوات الحكومة اليمنية قتلت 97 من مقاتلي جماعة الحوثي في محافظة الضالع بجنوب غرب اليمن. ولم يصدر تأكيد من الحوثيين ولم تتمكن رويترز من التحقق من الأمر.
وتدخل التحالف، الذي تقوده السعودية ويتلقى أسلحة وأشكال دعم أخرى من الغرب، في اليمن في مارس آذار عام 2015 بعد إطاحة الحوثيين بحكومة هادي من العاصمة صنعاء. وانتقل هادي إلى السعودية بينما اتخذت حكومته المعترف بها دوليا من مدينة عدن الساحلية الجنوبية مقرا لها.
ويُنظر للحرب على أنها جزء من صراع إقليمي أوسع بين السعودية وإيران. وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف، كثير منهم مدنيون، وتقول وكالات إغاثة إن الأزمة الإنسانية هناك هي الأسوأ في العالم.
(تغطية صحفية محمد الغباري من القاهرة - إعداد أمل أبو السعود للنشرة العربية - تحرير ليليان وجدي)