هافانا (رويترز) - ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابا مؤثرا ناشد فيه السلطات الكوبية توفير الحريات السياسية وخاصة حرية التعبير والديانة وذلك في كلمة تاريخية للشعب الكوبي بثت على الهواء مباشرة بمختلف أرجاء الجزيرة التي يقودها شيوعيون.
وفي كلمته بالمسرح الكبير في هافانا وبحضور الرئيس الكوبي راؤول كاسترو استغل أوباما أهم لحظات زيارته لمد "يد الصداقة" للكوبيين.
وقال الرئيس الأمريكي إنه جاء إلى هافانا "لدفن آخر بقايا" الحرب الباردة في الأمريكتين.
كما شدد على ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية قائلا "ينبغي منح الناخبين حرية اختيار حكوماتهم عبر انتخابات ديمقراطية."
وقال "لا يتفق الجميع معي في ذلك، لا يتفق الجميع مع الشعب الأمريكي في هذا لكني أعتقد أن حقوق الإنسان هذه عالمية اعتقد انها حقوق الشعب الأمريكي والشعب الكوبي والناس في أنحاء العالم."
وجاءت كلمة أوباما في اليوم الأخير من زيارته وهي الأولى التي يقوم بها رئيس أمريكي لكوبا منذ 88 عاما.
وتأتي الزيارة تتويجا لانفراجة دبلوماسية أعلنها أوباما وكاسترو في ديسمبر كانون الأول عام 2014 لينهيا عقودا من التباعد بين واشنطن وهافانا.
وصفق الحضور لأوباما بحرارة حين كرر دعوته لإنهاء الحظر الاقتصادي الأمريكي طويل الأمد على كوبا. والكونجرس الأمريكي هو الجهة الوحيدة التي تملك صلاحيات إلغاء الحظر.
ويرغب أوباما -الذي تخلى عن سياسة تطبقها الولايات المتحدة منذ أمد بعيد بعزل الجزيرة- في ترسيخ قواعد تحوله نحو هافانا لتستقر بعد مغادرته الحكم في يناير كانون الثاني وبقائها كجزء من إرثه في السياسة الخارجية.
لكن لا تزال ثمة عقبات كبيرة تعترض السبيل نحو التطبيع الكامل للعلاقات وأهمها استمرار الحظر الأمريكي والخلافات بشأن حقوق الإنسان.
ويرفض الكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون طلب أوباما رفع الحظر رغم استخدام الرئيس صلاحياته التنفيذية لتخفيف بعض القيود المفروضة على حركة التجارة والسفر.
ووصف منتقدو أوباما في الداخل الزيارة بأنها مكافأة سابقة لأوانها لحكومة كاسترو. وقال بول رايان رئيس مجلس النواب الأمريكي إن الجولة تضفي شرعية على ما أطلق عليها "ديكاتورية" كاسترو.
* الأمر متروك لكم
وسعى أوباما في خطابه إلى إقناع الكوبيين العاديين بأن سياسته الجديدة وما تتضمنه من تخفيف للقيود على حركة التجارة والسفر تهدف في الأساس إلى مساعدتهم في تحسين معيشتهم.
وفي كلمته الذي وجهها وهو يقف على منصة محاطة بالأعلام الأمريكية والكوبية طرح أوباما رؤية متفائلة لمستقبل العلاقات بين البلدين وأبلغ الكوبيين قائلا "الأمر متروك لكم" لاتخاذ خطوات لتغيير البلاد.
وظهر تشاحن بين الزعيمين يوم الاثنين خلال مؤتمر صحفي عندما تطرق كل منهما للخلافات القديمة حتى رغم سعيهما لدفع التحسن في العلاقات الدبلوماسية قدما.
وكان كاسترو ضابط الجيش السابق الذي تولى السلطة في 2008 خلفا لشقيقه المريض فيدل كاسترو حاضرا في المسرح للترحيب بأوباما لدى وصوله وجلس للاستماع للخطاب.
وتسعى إدارة أوباما لتجاوز الخلاف الأيديولوجي بحشد تأييد الرأي العام الكوبي لمساعدته في الضغط على الحكومة الكوبية لإجراء إصلاحات.
وبعد الخطاب التقى أوباما بشكل منفرد نحو 12 معارضا كوبيا في السفارة الأمريكية. وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن بعضهم اعتقل كما أثنى على شجاعتهم.
ويقول أوباما ومساعدون له إن مستقبل التقارب يعتمد بشدة على مدى استعداد كوبا للبدء في تخفيف قبضتها عن اقتصادها الشيوعي.
وخطاب أوباما الذي ترقبه الكثير هو أول خطاب لرئيس أمريكي زائر لا يزال في السلطة يذاع على الكوبيين.
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)