من أورهان جوسكون وتولاي كارادنيز
أنقرة (رويترز) - عندما يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أوغندا وكينيا هذا الأسبوع فلن يسعى فقط لزيادة حجم التبادل التجاري بل القضاء على نفوذ داعية إسلامي ظلت شبكته منذ فترة طويلة أداة لقوة تركيا الناعمة في أفريقيا.
وقررت أنقرة رسميا هذا الأسبوع اعتبار منظمة خدمة التابعة للداعية فتح الله كولن - التي تقول إن لها أتباعا بالملايين في مختلف أنحاء العالم - منظمة إرهابية لتزيد بذلك الضغوط على الحركة التي تطلع إردوغان في وقت من الأوقات إليها للحصول على مساعدتها في نشر النفوذ الثقافي التركي والتجارة في الخارج.
والآن يتهم إردوغان حليفه السابق ببناء "دولة موازية" من خلال أنصاره في الشرطة والقضاء والإعلام والأعمال واستخدامها في محاولة الإطاحة به. وينفي كولن هذه الاتهامات.
وجعل الرئيس التركي من القضاء على حركة خدمة أولوية قصوى له في الداخل والخارج.
وقال مسؤول تركي رفيع قبل سفر إردوغان إلى أوغندا يوم الثلاثاء "هذه الشبكة تنظم نفسها بسرعة في الدول التي تذهب إليها باستغلال اسم تركيا وهيبتها ونتيجة لذلك تتاح لها فرص."
وقال المسؤول "من خلال هذه الرحلات سيتم توضيح أن هذه منظمة إرهابية ضارة بتركيا وأن تركيا لا تؤيدها."ويصف إردوغان نفسه الحركة منذ مدة طويلة بأنها منظمة إرهابية لكن الوصف الرسمي الذي صدر في قرار لمجلس الوزراء يضعها على قدم المساواة مع المقاتلين الأكراد الذين يحاربون الجيش التركي ومقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية العاملين في البلاد.
ومنذ عشرات السنين دعمت حركة خدمة المساعي التركية لتعميق العلاقات التجارية خاصة في الانفتاح على افريقيا والشرق الأوسط وآسيا بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية الذي أسسه إردوغان السلطة عام 2002.
وظلت مدارس الحركة التي يقترب عددها من المئة في دول أفريقيا جنوب الصحراء وحدها مصدرا للنفوذ والإيرادات للحركة ومهد السبيل لاكتساب المصالح التجارية التركية موطئ قدم في أسواق جديدة. وتعلم أبناء وبنات النخب السياسية في مدارس الحركة.
غير أن الخلافات بين إردوغان وكولن بدأت تظهر حول قضايا من بينها عملية السلام مع المقاتلين الأكراد وبلغت ذروتها في ديسمبر كانون الأول عام 2013 عندما فتحت الشرطة والادعاء تحقيقا في قضايا فساد في الدائرة المصغرة من المحيطين بإردوغان.
ومنذ ذلك الحين سيطرت السلطات على شركات إعلامية موالية لكولن وعلى بنك وعملت على تطهير الشرطة والقضاء ممن يفترض أنهم أنصاره.
كما نقلت السلطات معركتها إلى الخارج فمارست ضغوطا على حكومات لإغلاق مدارس حركة خدمة وطلبت تسلم كولن من الولايات المتحدة التي يعيش فيها في منفى اختياري.
وقال مصدر في مكتب إردوغان "نحن نعتبر شبكة كولن تهديدا للأمن الوطني ومسألة نفوذها يتم التطرق إليها بانتظام في مباحثاتنا مع القادة الأفارقة وغيرهم. ومن المفترض أن الرئيس سينقل تلك الرسالة إلى نظرائه في الأيام المقبلة."
* معركة على النفوذ
ولهذا الصراع على النفوذ تداعيات لها أهميتها في التجارة وفي العلاقات السياسية.
فقد تزايدت الصادرات التركية لأفريقيا لأكثر من سبعة أمثالها منذ تولى حزب العدالة والتنمية السلطة فارتفعت إلى 12.5 مليار دولار العام الماضي من 1.7 مليار في 2002. ومن أبرز القطاعات الرئيسية في هذه الصادرات المنسوجات والمواد الغذائية والبناء وخدمات البنية التحتية.
ومن العوامل التي زادت من أهمية التجارة مع أفريقيا عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والضعف الاقتصادي في أوروبا. غير أن أنقرة تواجه منافسين جددا مثل الصين والهند والبرازيل في سعيها لاقتطاع مجال نفوذ لها في القارة السمراء التي هيمنت عليها القوى الاستعمارية السابقة.
وقال فؤاد فرحاوي من مؤسسة يوساك للأبحاث في أنقرة "القارة الأفريقية فرصة كبيرة لتركيا لأن مشاكل كثيرة في الشرق الأوسط ... تؤثر على المشروعات الاقتصادية لتركيا."
وقال إكرام توفان أيتاف نائب رئيس جمعية الصحفيين والكتاب - التي تربطها صلات بكولن وسبق أن تحدثت باسم حركة خدمة في الماضي - إن المساعي السابقة لإغلاق مؤسسات الحركة كان لها رد فعل عكسي في أفريقيا ولم تلق نجاحا يذكر.
وأضاف "مسؤولو الحكومات الأفريقية يرسلون أولادهم إلى تلك المدارس ... وهم من الذكاء بحيث يسمحون بالتالي لهذه المدارس بالاستمرار."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير دينا عادل)