من سارة مارش
هافانا (رويترز) - تحطمت آمال السياح الأمريكيين الذين يشتاقون لتجرع شراب في حانة سلوبي جو الأسطورية في هافانا أو الغطس في حوض السباحة فوق سطح أحدث فنادقها الفاخرة وذلك عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسته الجديدة في كوبا الأسبوع الماضي.
ففي انتكاسة لسياسة الوفاق الأمريكي الكوبي التي تفاوض عليها سلفه باراك أوباما أمر ترامب يوم الجمعة بتشديد القيود على سفر الأمريكيين إلى كوبا الواقعة في البحر الكاريبي كما فرض قيودا على التعامل مع قواتها المسلحة التي تملك الكثير من المؤسسات الكبرى في العاصمة.
زار راسل فرانسيس (35 عاما) المدرس من هيوستون حانة سلوبي جو التي حازت شهرة واسعة في عصر الحظر الأمريكي على المشروبات الروحية خلال عشرينيات القرن العشرين عندما كان الأمريكيون يتوافدون على هافانا بحرية لتناول المشروبات ولعب القمار.
وقال فرانسيس بعد الزيارة "بوسعك أن تقول ‘بالإمكان شراء شراب في أي مكان‘. لكنك تريد الذهاب إلى مكان مشهور وفي غاية الأناقة".
كان عمالقة السينما من أمثال جون وين وسبنسر تريسي وكلارك جيبل يترددون على الحانة الشهيرة التي كان البار يمتد فيها 18 مترا وخلدها فيلم "أور مان إن هافانا" (رجلنا في هافانا) عام 1959.
ورغم وجود عدد متزايد من الأماكن السياحية المملوكة للقطاع الخاص في هافانا القديمة التي تعتبر جوهرة من جواهر الفنون المعمارية من العصر الاستعماري في الكاريبي فإن كل الفنادق والمطاعم التابعة للدولة مملوكة للجيش.
وقال مات فلين (30 عاما) المحاسب من نيو أورليانز "جزء من جمال الوجود في المدينة هو الجانب التاريخي". وكان فلين يتجول في شارع كاي أوبيسبو حيث تنساب موسيقى السالسا من آلات عازفين في المطاعم والحانات.
وأضاف أنه يشعر بخيبة الأمل بسبب قرار ترامب رغم أنه يتفهم المبدأ.
أما لورين سيفان (39 عاما) من لوس أنجليس فقالت إنها سعيدة بسفرها إلى كوبا قبل تغير السياسة وإنها استطاعت الإقامة في فندق مانزانا كيمبنسكي المملوك لمؤسسة جافيوتا التي تتولى المشروعات السياحية التابعة للجيش.
افتتح هذا الفندق المذهل في مركز بيل إيبوك، الذي أعيد تجديده، الشهر الماضي متباهيا بأنه أول فندق فاخر في كوبا به منتجع صحي فسيح وشرفة فوق السطح وقاعة لتدخين السيجار.
وقالت سيفان التي تزور كوبا في عطلة أسبوعية طويلة مع مجموعة من أصدقائها "نحن في غاية السرور لأننا جئنا الآن".
في أعقاب الوفاق بين البلدين عام 2014 ارتفع عدد السياح الأمريكيين لثلاثة أمثاله إذ شجعهم قرار أوباما تخفيف حظر السفر. وسافر كثيرون منهم إلى كوبا تحت فئة "التواصل بين الشعبين" التي ألغاها ترامب.
وقال أمريكيون مثل فلين وسيفان إنهم ما كانوا ليقوموا بهذه الرحلة في ظل تطبيق القواعد الجديدة التي تجعل من كوبا ذات الحكم الشيوعي "جزيرة محظورة" تبعد 145 كيلومترا فقط عن فلوريدا.
ومازال الغموض يكتنف ما سيتم السماح به وما إذا كان بوسع السياح الأفراد السفر إلى كوبا بموجب فئة "دعم الشعب الكوبي". وقال خبراء إن المهم هو تفاصيل اللائحة التنفيذية التي ستوضع في الأشهر المقبلة.
وبالمثل لم تتضح بعد كيفية تنفيذ الحظر على التعاملات مع الشركات المرتبطة بالجيش.
ولمجموعة المشروعات التجارية للقوات المسلحة نشاط في جميع قطاعات الاقتصاد. وهذا معناه أن مجرد شراء زجاجة ماء أو صودا قد يكون فيه دعم للجيش.
وقال فلين "ليس عليها علامات ولذلك فعليك أن تتحرى الأمر بنفسك. ومن الصعب التحكم في ذلك لأنك إذا أتيت دول دليل سياحي فكل شيء يباع نقدا ولا توجد إيصالات."
وسيسهم في حل تلك المشكلة فرض الزيارات الجماعية وإصدار قوائم المؤسسات التي لا يمكن زيارتها. لكن هذا سيتيح للحكومة الكوبية المزيد من التحكم فيما يراه السياح ومن المرجح أن يقلل تواصل الأمريكيين مع أفراد الشعب الكوبي.
وقال كريستيان والتر (27 عاما) من باتون روج في لويزيانا "قد تضطر للذهاب ضمن فوج سياحي وهو أمر له مزاياه لكنه سيكون أكثر تكلفة بكثير وفيه مغالاة في التنظيم".
وقال بعض السياح إنهم يتفهمون لماذا لا يريد ترامب إنفاق دولارات أمريكية على الجيش الكوبي لكن آخرين قالوا إن ذلك يضر بالكوبيين الذين يستفيدون من الطفرة الأخيرة في حركة السياحة ومن الإكراميات التي يجزل فيها الأمريكيون العطاء في إعالة أسرهم.
ووصفت برونوين هينيسي (44 عاما) التي تدير نزلا لصيد الأسماك في مونتانا الأمر بالسخف. وقالت إنها تختتم رحلة لصيد الأسماك في الجزيرة بقضاء ليلة واحدة في هافانا.
وأضافت أنها لن تدع القيود الجديدة تؤثر في رغبتها في استكشاف الجزيرة.
ولمن يتمتع بروح المغامرة كانت هناك على الدوام وسائل أخرى للتسلل إلى الجزيرة. فقد سبق أن دخلت هينيسي كوبا عن طريق كانكون في المكسيك وطلبت من المسؤولين الكوبيين عدم ختم جواز سفرها.
وقالت "إذا جئنا مرة أخرى فسنتسلل على الأرجح".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)