من سيف حميد وأحمد رشيد
بغداد (رويترز) - وافق البرلمان العراقي بالإجماع م الثلاثاء على أكبر تعديلات على النظام الحكومي منذ الاحتلال الأمريكي من شأنها الإطاحة بعدد كبير من المسؤولين ومنح رئيس الوزراء حيدر العبادي صلاحيات جديدة.
وبموجب الإصلاحات سيفقد عدد كبير من خصوم العبادي مناصبهم الرسمية وبينهم سلفه نوري المالكي الذي سيترك منصب نائب رئيس الجمهورية الذي شغله منذ انتهت العام الماضي سنواته الثماني في رئاسة الوزراء.
وسعى العبادي الذي مر عليه عام في المنصب لتغيير نظام يمنح المناصب لقيادات حزبية على أسس طائفية وعشائرية ويصفه رئيس الوزراء بأنه يشجع على الفساد ويؤدي للفشل والابتزاز السياسي بصورة يتعذر معها إدارة شؤون البلاد.
وبعد إقرار حزمة الإصلاحات ستلغى ثلاثة مناصب لنواب رئيس الجمهورية وثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء لتلغى مراكز قوى شغلها عدد كبير من أكثر الشخصيات في البلاد نفوذا.
وستدمج وزارات عديدة لتقليل عدد المناصب الوزارية لتصبح وزارتا التخطيط والمالية وزارة واحدة وكذا المياه والزراعة والبيئة التي ستدمج كلها مع وزارة الصحة.
وسيصبح بيد العبادي إقالة محافظين ومسؤولين محليين كانت لهم في السابق قوة في الأقاليم تفوق قوة السلطات المركزية.
كما ستتقلص القواعد الجديدة للحراسات الخاصة وغيرها من الامتيازات الخاصة بتفاصيل تأمين السياسيين. كما قد تجرى إصلاحات جذرية على النظام القضائي لتشجيع التحقيق في مخالفات الفساد.
والإصلاحات المحفوفة بالمخاطر هي الخطوة الأكبر من جانب العبادي لبسط نفوذه رغم سقوط مساحات كبيرة من الأراضي العراقية في يد متشددين سنة من تنظيم الدولة الإسلامية والأزمة المالية التي تواجهها الحكومة المركزية جراء انهيار أسعار النفط.
وخلال سنوات تطبيق النظام السياسي الذي أعقب الاحتلال الأمريكي بين 2003 و2011 كانت المناصب الكبرى توزع بين الطوائف الرئيسية الثلاث الشيعة والسنة والأكراد.
لكن إصلاحيين عراقيين احتجوا لفترة طويلة بأن هذا النظام يضع سلطات أكثر مما ينبغي في أيدي زعماء حزبيين على أساس طائفي يشغلون مكاتب في بغداد ويجوبون الشوارع في مواكب مسلحة ويوزعون المناصب على أساس الولاءات.
وقال كيرك سويل ناشر دورية (إنسايد إيراك بوليتيكس) السياسية "من وجهة نظر سياسية فإن هذه هي أول مرة يحصل فيها (العبادي) على فرصة. لو نجح في استغلالها فستضعه في موقف يمكنه للمرة الأولى من تطوير قاعدة سياسية وموقف سياسي مستقل."
* لا مناقشة..
وبث التصويت البرلماني يوم الثلاثاء عبر التلفزيون وفيه أخذت آراء النواب برفع الأيدي دون مناقشة أو اعتراضات في إجراء يوضح الضغط الواقع على الأعضاء للتحرك بعد أن دعم المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الإصلاحات وطالب العبادي "بالضرب بيد من حديد لمن يعبث بأموال الشعب."
وتحدث السيستاني الذي يحظى بمكانة شعبية تفوق السياسيين جميعا بعد احتجاجات كبرى في الأسابيع الماضية أثارها الغضب الشعبي من انقطاع التيار الكهربي وتردي الخدمات. ويجعل تدخل السيستاني من الصعب على منافسي العبادي في الأغلبية الشيعية- وبينهم المالكي- معارضة الإجراءات بشكل علني.
وقال المالكي في بيان "لا نمانع من اللجوء إلى الآليات الدستورية والسياسية من أجل إعادة النظر في بعض التشريعات."
لكن السياسات والقدرات اللوجيستية المطلوبة لتطبيق الإصلاحات قد تقف في وجه العبادي. وقالت ماريا فانتابي خبيرة شؤون العراق في مجموعة الأزمات الدولية إنها لا ترجح نجاح العبادي في تطبيق قائمة إصلاحاته.
وأضافت "أهمية هذه الإصلاحات في الكيفية التي سيجعل منها العبادي حجر زاوية لإجراء بعض التغييرات الصغيرة التي ستعزز شعبيته ووضعه في مواجهة منافسين في المشهد السياسي الشيعي."
وكافح العبادي لحشد التأييد لخطته الإصلاحية منذ توليه المنصب قبل عام بعد انهيار الجيش في مواجهة زحف الدولة الإسلامية الذي انتهى بالاستيلاء على الموصل.
ومع الأهمية الكبرى للأوضاع الأمنية هدد زعماء شيعة - بدعم من مجموعات مسلحة تأسس معظمها ونال مساعدة من إيران - بإقالة العبادي الذي يحظى بمثل هذا الدعم.
وقد تمنح الإصلاحات للعبادي اليد الطولى بعدما أقرت كاستجابة لاحتجاجات شعبية وباتت الآن تحظى بمباركة السيستاني.