من بن بلانكارد ومارتن بيتي
بكين/مانيلا (رويترز) - تعهدت الصين باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية سيادتها في بحر الصين الجنوبي وقالت إن من حقها إقامة منطقة للدفاع الجوي بعد أن رفضت حكما أصدرته محكمة دولية ونفى أحقيتها في المطالبة بالسيادة في المياه الغنية بموارد الطاقة.
ووصفت وسائل الإعلام الرسمية الصينية محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي بأنها "دمية" لقوى خارجية بعد أن قضت بأن الصين خرقت حقوق الفلبين السيادية بتعريض سفنها ومشروعاتها لصيد الأسماك واستخراج النفط للخطر.
وقضت المحكمة يوم الثلاثاء بأن الصين لا تملك حقا تاريخيا في مياه بحر الصين الجنوبي وأنها انتهكت حقوق الفلبين السيادية بأعمالها هناك في حكم أثار غضب بكين التي وصفت القضية بالمهزلة.
وقالت المحكمة إنه لا يوجد أساس قانوني لمطالبة الصين بحقوق تاريخية في الموارد داخل ما يسمى خط القطاعات التسعة الذي يغطي معظم أجزاء بحر الصين الجنوبي.
وأضافت أن الصين تعدت على حقوق الصيد الفلبينية في جزيرة سكاربورو وهي واحدة من مئات الجزر المتناثرة في البحر وأنها انتهكت حقوق السيادة الفلبينية بالتنقيب عن النفط والغاز قرب منطقة ريد بانك.
وأنحت الصين باللوم مرارا على الولايات المتحدة في إثارة قلاقل في بحر الصين الجنوبي حيث تتداخل مطالبها بالسيادة مع مطالب فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي وتايوان.
وقالت صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في تعليق في الصفحة الأولى يوم الأربعاء "الصين ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية سيادتها الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية."
واعتُبرت هذه القضية اختبارا لقوة الصين الصاعدة وتنافسها الاقتصادي والاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
ووصفت بكين مطالب الفلبين بالسيادة في بحر الصين الجنوبي بأنها "لا أساس لها" و"عمل يدل على سوء النية".
وفي وثيقة بيضاء حكومية نُشرت يوم الأربعاء قالت الصين أيضا إن الفلبين ضايقت وهاجمت سفن صيد صينية حول جزر سبراتلي.
وقال ليو تشينمين نائب وزير الخارجية الصيني للصحفيين في بكين "بشأن ما إذا كانت الصين ستنشيء منطقة للدفاع الجوي فوق بحر الصين الجنوبي علينا أن نوضح أولا أن الصين لها الحق في ذلك... ولكن ما إذا كنا نحتاج لمنطقة للدفاع الجوي في بحر الصين الجنوبي فإن هذا يتوقف على مستوى التهديدات التي نواجهها."
وأضاف أن الصين تأمل بالعودة إلى المحادثات الثنائية مع مانيلا.
وأبدت الفلبين رد فعل حذرا على الحكم في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء ودعت إلى "ضبط النفس والرزانة" لكن الأجواء في اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء اتسمت بالتفاؤل حسب وصف المتحدث الرئاسي إرنستو أبيلا.
وقال وزير الشؤون الخارجية الفلبيني برفكتو ياساي في مؤتمر صحفي "يدرس خبراؤنا الحكم بالعناية والشمولية التي تستحقها هذه النتيجة التحكيمية المهمة."
وأضاف قارئا من بيان معد سلفا "ندعو كل المعنيين للتحلي بضبط النفس والرصانة. والفلبين تؤكد بقوة على احترامها لهذا القرار التاريخي بوصفه إسهاما مهما للجهود الجارية من أجل حل النزاعات في بحر الصين الجنوبي."
وكان سفير الصين لدى الولايات المتحدة ألقى باللوم على واشنطن في زيادة التوتر بالمنطقة وقال إن دورها "محوري" تجاه آسيا خلال الأعوام القليلة الماضية. وقال السفير تسوي تيان كاي إن قضية التحكيم "ستفتح على الأرجح الباب لإساءة استغلال إجراءات التحكيم."
وقال تسوي خلال منتدى لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "إنها ستقوض وستضعف بالتأكيد تحرك الدول للخوض في مفاوضات ومحادثات لحل نزاعاتهم." وأضاف "ستؤجج فعليا الصراع وربما المواجهة."
وأعلنت كوريا الجنوبية يوم الأربعاء اعتزامها نشر وحدة دفاع مضادة للصواريخ أمريكية الصنع من طراز (ثاد) في مواجهة التهديدات الصاروخية والنووية من كوريا الشمالية وهو إجراء أثار غضب الصين ودفع كوريا الشمالية إلى التهديد برد انتقامي.
وبينما رحبت فيتنام بالحكم قالت تايوان التي تحتفظ بالسيادة على الجزيرة التي تحتلها وهي إيتو آبا إنها لن تقبل الحكم الذي يضعف حقوقها بشدة.
وقال وزير الخارجية التايواني ديفيد تاوي لي للصحفيين وهو يعد برد لم يحدده "هذا هو أسوأ سيناريو."
واعتلت رئيسة تايوان تساي إينج وين فرقاطة في جنوب تايوان قبل إبحارها إلى بحر الصين الجنوبي صباح يوم الأربعاء في دورية روتينية.
وقالت "مهمة الدورية هذه هي إظهار تصميم شعب تايوان على الدفاع عن مصالحنا الوطنية."
أما اليابان فقالت إن الحكم ملزم قانونا ونهائي.
وجاء في الحكم أيضا أن الصين ألحقت أضرارا يتعذر إصلاحها بالشعاب المرجانية في جزر سبراتلي وهو قول ترفضه الصين دائما.
وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي يوم الأربعاء إنه يأمل أن يكون الحكم لحظة إيجابية تجاه حل القضايا القائمة في المياه المتنازع عليها.
وأضاف متحدثا في بكين أن الاتحاد الأوروبي يثق تماما في العملية القضائية وأن أوروبا ستواصل إبداء دعمها للقانون الدولي بما في ذلك قانون البحار.
وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الاتحاد لا يتخذ موقفا بشأن السيادة على بحر الصين الجنوبي.
وأضافت في بكين أن الاتحاد دعا كل الأطراف إلى احترام الأحكام القانونية وتعزيز اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بما في ذلك حرية الملاحة.
وقالت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء إنها رصدت علامات في الأسابيع الماضية على استمرار الصين في تعزيز قدراتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي.
وسبق لمسؤولين أمريكيين القول إنهم يخشون أن ترد الصين على الحكم بإعلان حظر الطيران في بحر الصين الجنوبي مثلما فعلت في بحر الصين الشرقي عام 2013 أو بتسريع أعمال بناء جزر صناعية.
وقالت الولايات المتحدة التي تتهمها الصين بإذكاء التوتر وعسكرة المنطقة بتسيير دوريات وإجراء مناورات إن من الضروري التعامل مع القرار كحكم نهائي وملزم.
وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين "سنحث جميع الأطراف بالتأكيد على عدم استغلال ذلك كفرصة لاتخاذ أي إجراء تصعيدي أو استفزازي."
وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أيضا إن الصين ستنتهك القانون الدولي إذا تجاهلت قرار المحكمة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون من خلال متحدث باسمه جميع الأطراف لحل النزاعات في بحر الصين الجنوبي "بطرق سلمية من خلال الحوار وفي إطار القانون الدولي."
وتطالب الصين بأغلب مياه بحر الصين الجنوبي الغنية بالطاقة والتي تمر عبرها تجارة تقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات دولار سنويا. وللدول المجاورة -بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام- مطالبات في مياه بحر الصين الجنوبي أيضا.
(إعداد محمد فرج للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود) OLMEWORLD Reuters Arabic Online Report World News 20160713T053803+0000