بغداد (رويترز) - قالت القوات العراقية إنها صدت هجوما نفذه خلال الليل مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية قرب مدينة الرمادي التي اجتاحها المقاتلون في مطلع الأسبوع في أبرز انتكاسة للحكومة منذ عام.
ويسعى تنظيم الدولة الاسلامية لتعزيز مكاسبه في محافظة الأنبار الصحراوية المترامية الأطراف وعاصمتها الرمادي حيث لا تزال جيوب معزولة تحت سيطرة القوات الحكومية. وكشف تقدم التنظيم عن أوجه قصور في الجيش العراقي والضربات الجوية الأمريكية.
من جانب آخر تحتشد قوات حكومية تدعمها جماعات شيعية مسلحة في قاعدة عسكرية قرب الرمادي لشن هجوم مضاد لاستعادة المدينة التي استولت قوات التنظيم فيها على دبابات ومدفعية تركتها القوات العراقية خلال فرارها.
وقال قائد شرطة الأنبار كاظم الفهداوي إن التعزيزات تصل مع تحصين القوات العراقية لمواقعها. ونفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 25 ضربة جوية ضد الدولة الاسلامية في العراق وسوريا منذ وقت مبكر أمس الثلاثاء.
لكن لم تظهر اشارة على أن الهجوم المضاد على الرمادي وشيك.
ويمثل الاستيلاء على الرمادي أكبر نجاح لتنظيم الدولة الاسلامية منذ سيطر على مدينة الموصل الشمالية العام الماضي وأعلن قيام دولة الخلافة. ورغم أن التنظيم اضطر للتقهقر في تكريت مسقط رأس صدام حسين وفي مدينة كوباني السورية فمازال يسيطر على مساحات كبيرة من أراضي العراق وسوريا.
وفي سوريا حقق التنظيم مزيدا من التقدم ودخل مدينة تدمر القديمة يوم الأربعاء.
والمدينة مدرجة على لائحة التراث العالمي وحذر مدير الآثار السوري من أن المتشددين سيدمرون الآثار إذا سيطروا على المدينة. ورغم نقل مئات التماثيل الى مواقع آمنة تثور مخاوف على الآثار التي لا يمكن نقلها.
لكن في شمال شرق سوريا قال مسؤول كردي والمرصد السوري لحقوق الانسان إن القوات الكردية مدعومة بالضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة قتلت 170 مسلحا على الأقل من التنظيم هذا الأسبوع.
*مخاوف طائفية
وتثور مخاوف في واشنطن وأماكن أخرى من أن القتال في العراق سيصبح صداما مثيرا للاستقطاب بين السنة والشيعة مع اعتماد رئيس الوزراء العراقي الشيعي حيدر العبادي بصورة متزايدة على الجماعات الشيعية المسلحة المدعومة من ايران للتدخل بعد فشل الجيش العراقي.
وقالت الشرطة والقوات المؤيدة للحكومة إن مقاتلي التنظيم هاجموا القوات الحكومية في بلدة حصيبة الشرقية التي تقع في منتصف المسافة تقريبا بين الرمادي وقاعدة الحبانية العسكرية التي يتجمع فيها مقاتلو الجماعات الشيعية المسلحة.
وقال أمير الفهداوي وهو قائد لقوة العشائر السنية المؤيدة للحكومة في المنطقة لرويترز يوم الاربعاء "داعش (الدولة الاسلامية) هاجمتنا نحو منتصف الليل بعد موجة من القصف بمدافع المورتر على مواقعنا.
"هذه المرة جاءوا من اتجاه آخر في محاولة لشن هجوم مباغت لكننا كنا متيقظين وبعد اشتباكات استمرت حوالي أربع ساعات أحبطنا هجومهم."
وتقع قاعدة الحبانية في منتصف المسافة بين الرمادي ومدينة الفلوجة التي تخضع لسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية منذ أكثر من عام وتبعد 50 كيلومترا فقط عن العاصمة العراقية. ويبدو أن التنظيم يحاول وصل الرمادي بالفلوجة من خلال السيطرة على الاراضي الواقعة فيما بينهما.
وقال صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار إن التنظيم يريد احتلال أجزاء أخرى من الأنبار وإن هدفه الرئيسي ربط الرمادي بالفلوجة.
ومع تزايد الضغوط من أجل التحرك لاسترداد الرمادي حث مسؤول حكومي محلي المواطنين على الانضمام لصفوف الشرطة والجيش للمشاركة في المعركة التي وصفها أفراد جماعات شيعية مسلحة بأنها ستكون "معركة الأنبار".
وقال شهود عيان في الرمادي إن مقاتلي الدولة الاسلامية أقاموا مواقع دفاعية وزرعوا ألغاما أرضية. وأصبحت أعلام التنظيم السوداء ترفرف فوق المسجد الرئيسي ومبان أخرى.
*انسحاب متسرع
ومن المحتمل أن يؤدي قرار العبادي ارسال قوات الفصائل الشيعية المعروفة باسم الحشد الشعبي لاستعادة مدينة الرمادي ذات الغالبية السنية إلى إثارة مزيد من العداء الطائفي.
وقال مسؤولون محليون إن 500 شخص قتلوا في معركة الاستيلاء على الرمادي وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 40 ألف شخص فروا من المدينة.
وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إنه حين انسحبت القوات العراقية سريعا من الرمادي مطلع الأسبوع تركت وراءها كمية كبيرة من الإمدادات العسكرية بما في ذلك نحو ست دبابات و100 مركبة تقريبا وبعض قطع المدفعية.
وقال متحدث باسم البنتاجون إنه كان من الأفضل أن تدمر القوات العراقية المعدات العسكرية قبل أن ترحل.
وقال ضابط بالجيش العراقي كان يقود فوجا للمدرعات قبل اجتياح الدولة الإسلامية للرمادي إن المتشددين استولوا على مخزن يحتوي على ذخيرة تكفي لاستمرار التنظيم في القتال لشهور قادمة.
وقال مسؤولون فرنسيون إن وزراء من الدول الاعضاء في التحالف الذي يحارب تنظيم الدولة الاسلامية سيجتمعون في باريس يوم الثاني من يونيو حزيران لبحث استراتيجية تشمل كيفية استرداد الخسائر التي حدثت مؤخرا.