من دومينيك إيفانز
بغداد (رويترز) - قد يخفف الاتفاق النووي التاريخي الإيراني العداء بين طهران والغرب الذي أذكى التوتر في الشرق الأوسط لعقود لكنه من غير المرجح أن يغير مجرى الصراعات التي تجد طهران وواشنطن فيها أنهما حليفتان وعدوتان في الوقت نفسه.
ففي سوريا تساند إيران الرئيس بشار الأسد وتقدم له الدعم العسكري والمالي منذ بدأت الحرب الأهلية قبل أربع سنوات بينما تصر الولايات المتحدة منذ البداية على ضرورة رحيله.
وفي العراق المجاور تدعم كل من طهران وواشنطن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في معركتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإن كان عداؤهما التاريخي يعني أنه لا يمكن أن تتعاونا في الميدان بصورة مباشرة.
وأشاد الأسد بالاتفاق وقال إنه يتوقع مزيدا من الدعم من أقوى حلفائه في المنطقة.
وقال الأسد في رسالة بعث بها للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي "نحن مطمئنون أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتابع وبزخم أكبر دعم قضايا الشعوب العادلة والعمل من أجل إحلال السلم والاستقرار في المنطقة والعالم."
وفي العراق قال السياسي المخضرم هوشيار زيباري الذي شغل مناصب وزارية منذ غزت الولايات المتحدة العراق وأطاحت بصدام حسين قبل 12 عاما إن بغداد دفعت بقوة في طريق الاتفاق مضيفا أنه سيحدث تأثيرا إيجابيا.
وقال زيباري بينما كان يجري التفاوض على العناصر الأخيرة للاتفاق في وقت سابق هذا الأسبوع "أي خفض للتوتر بين إيران والغرب.. بين إيران والولايات المتحدة سيفيد المنطقة."
كما قال زيباري إن العراق استضاف واحدا من أوائل الاجتماعات المباشرة بين دبلوماسيين أمريكيين وإيرانيين قبل ثماني سنوات وكذلك جولة من المفاوضات النووية في 2013 كما حمل رسائل بين طهران ونيويورك وواشنطن.
وأبلغ زيباري رويترز "لنا مصلحة في هذا الاتفاق لأننا نعتقد أنه سيقلل التوتر. بالأساس لا نريد للعراق أن يكون مسرحا لتسوية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران."
* صراع النفوذ
على الرغم من أن الاتفاق النووي يعالج نزاعا محوريا بدأ منذ فترة طويلة فإن خلافات عميقة لا تزال موجودة منها ما يتعلق بحجم النفوذ الإيراني والأمريكي في الشرق الأوسط.
وتعني هذه الخلافات أنه سيكون من الصعب أن يمتد تأثير أي نوايا سياسية حسنة خلفها الاتفاق النووي الى مجالات أخرى ويشمل ذلك حل الصراعين في سوريا والعراق.
فالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يشن غارات جوية على شمال العراق وغربه منذ نحو عام دعما لقوات عراقية برية تحاول استعادة أراض استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن الدعم الجوي محدود لأن القوى صاحبة التأثير الأكبر في القتال ضد المتشددين السنة هي جماعات شيعية مسلحة يحظى كثير منها بدعم مباشر من ايران.
وقال أيهم كامل وهو محلل في مجموعة أوراسيا للاستشارات إن من شبه المستحيل أن يؤدي الاتفاق النووي الى تنسيق مباشر بين واشنطن وطهران في العراق.
ويقول كامل إن الدعم العسكري الإيراني للفصائل العراقية في أيدي الحرس الثوري. وسعى الحرس الثوري لاستعراض النفوذ الإيراني في الخارج منذ قيام الثورة الإسلامية في 1979.
وأضاف كامل أن قادة الحرس الثوري لن يقوموا بتحرك كبير. وأضاف "على الصعيد السياسي قد يخفف الاتفاق بعض الحساسيات لكن الاستراتيجية الأمريكية في العراق تتناقض مع الاستراتيجية الإيرانية على مستويات عديدة. الاتفاق النووي لن يغير من ذلك."
*مخاوف المعارضة السورية المسلحة
وخلافات واشنطن مع طهران في سوريا أعمق كثيرا. وعلى الرغم من أن كلا منهما تعارض الدولة الإسلامية التي تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في شرق سوريا فإن الخلاف على بقاء الأسد في منصبه لا يمكن تجاوزه على ما يبدو.
والآن بعد انتهاء المفاوضات النووية قد يحاول الدبلوماسيون من جميع الأطراف التركيز مجددا على الأزمة السورية على الأقل بهدف وقف تصعيد القتال حتى اذا كان لا يمكنهم الاتفاق على خطوات نحو تسوية سياسية.
وقال متحدث باسم تحالف لجماعات المعارضة المسلحة يقاتل الأسد في جنوب سوريا إن إيران تدعم الرئيس السوري "بكل قوتها" وأضاف أنه يخشى من أن يصبح الضغط الأمريكي غير كاف لوقف التدخل الإيراني.
وقال مقاتل معارض آخر في شمال البلاد ان الاتفاق تطور خطير. وقال اياد شمسي "مخاوفنا من هذا الاتفاق تكمن في زيادة النفوذ الايراني في المنطقة وهذا ما يجعل الاسد سعيدا."
لكن نوح بونسي المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية قال ان على الرغم من ان تخفيف العقوبات الذي حصلت عليه ايران من خلال الاتفاق النووي يتيح لها المزيد من الأموال لدعم الاسد فان تلك الاموال قد يكون لها تأثير محدود.
وقال ان القوة العسكرية للاسد تضعف تدريجيا وان تكلفة جهود ايران لسد الفراغ ستستمر في التزايد.
وأضاف "حتى مع توفر مزيد من الاموال تحت تصرفها فان استمرارية استثمار ايران في حكم الاسد غير مؤكدة."