💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

تقرير خاص-تحت حصار الموصل.. تزايد الإعدامات والارتياب في الدولة الإسلامية

تم النشر 16/11/2016, 17:05
© Reuters. تقرير خاص-تحت حصار الموصل.. تزايد الإعدامات والارتياب في الدولة الإسلامية

من سامية نخول ومايكل جورجي

اربيل (العراق) (رويترز) - قبل بضعة أسابيع بدأ شخص داخل الموصل يبعث برسائل نصية إلى المخابرات العسكرية العراقية في بغداد.

قالت الرسالة التي كتبها في أوائل نوفمبر تشرين الثاني مخبر سري داخل المدينة على اتصال بالتنظيم وإن لم يكن عضوا فيه عن أبو بكر البغدادي رأس الدولة الإسلامية "لقد أصبح مشدود الأعصاب".

وأضافت الرسالة أن البغدادي "خفف من تنقلاته وأهمل مظهره حتى أناقة البغدادي تغيرت. كان يهتم كثيرا بمظهره لكن لم يعد كذلك.

"يعيش تحت الأرض ولديه أنفاق تمتد إلى مناطق أخرى ولا ينام من دون حزامه الناسف حتى يستطيع استخدامه لو تم اعتقاله."

كانت الرسالة النصية التي اطلعت عليها رويترز واحدة من رسائل عديدة تصف ما يحدث داخل الدولة الإسلامية في الوقت الذي بدأت فيه القوات العراقية والكردية والأمريكية حملتها لاسترداد مدينة الموصل معقل التنظيم في شمال العراق.

وترسم تلك الرسائل ومقابلات مع مسؤولين أكراد كبار ومقاتلين من التنظيم وقعا في الأسر في الآونة الأخيرة صورة مفصلة على غير المعتاد للجماعة المتطرفة والحالة الذهنية لزعيمها فيما قد يكون آخر وقفة لهما في العراق.

وتصف الرسائل جماعة وزعيمها مازالا يتمتعان بالقدرة على الفتك ويتملكهما في الوقت نفسه شعور متزايد بالارتياب.

وقالت الرسائل إن إعدام من يحاولون الهرب أو المخبرين أصبح يحدث بانتظام. وأصبح البغدادي الذي نصب نفسه خليفة على مساحة شاسعة من العراق وسوريا قبل عامين يرتاب بصفة خاصة فيمن حوله.

وجاء في إحدى الرسائل "بصراحة سلوك البغدادي بات مريبا جدا ويشك بأقرب الناس إليه. كان في السابق يمازحنا لكنه اليوم لا يمازح أحدا."

واستطاعت رويترز التحقق من هوية المخبر الذي يراسل المخابرات العسكرية العراقية لكنها لم تستطع التأكد من مصادر مستقلة من صحة المعلومات الواردة في رسائله.

لكن الصورة التي ترسمها الرسائل تتفق مع الاستخبارات التي استند إليها اثنان من المسؤولين الأكراد هما مسرور البرزاني رئيس مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان ولاهور طالباني رئيس عمليات مكافحة الإرهاب ومدير وكالة الاستخبارات بالإقليم.

وقال طالباني ورؤساء أجهزة استخبارات أخرى إن التحالف العسكري يحرز تقدما بطيئا وإن كان مطردا في مواجهة الدولة الإسلامية.

وقالوا إن للتحالف إمكانيات هائلة داخل الموصل منها مخبرون مدربون وبعض السكان الذين ينفذون عمليات مراقبة أكثر بساطة بإرسال رسائل نصية أو عبر الهاتف من ضواحي المدينة. ولبعض المخبرين أسر في كردستان تدفع لها حكومة الإقليم أموالا.

ويعتقد الأكراد أن الهجوم العسكري على الموصل الذي بدأ في 17 أكتوبر تشرين الأول يغذي الشعور بالخوف والارتياب لدى التنظيم.

وقالوا إن استحواذ فكرة القضاء على كل من قد يخون الجماعة قد يسهم في الأجل القصير في حفز المقاتلين على الدفاع عن الموصل. لكن هذا الاستحواذ أيضا معناه أن الجماعة انغلقت على نفسها في وقت تواجه فيه أخطر تهديد لوجودها في العراق منذ السيطرة على نحو ثلث الأراضي العراقية في صيف 2014.

وقال كريم السنجاري وزير الداخلية القائم بأعمال وزير الدفاع في إقليم كردستان الخاضع لسيطرة الأكراد في شمال العراق إن عدد الإعدامات علامة واضحة على أن التنظيم بدأ يشعر بوطأة الضغوط.

وقال أيضا إن العديد من المقاتلين العراقيين المحليين في صفوف قوات التنظيم يعوزهم ما لدى الجهاديين من إيمان قوي بالاستشهاد.

وقال السنجاري "معظم الانتحاريين الذين يقاتلون حتى الموت هم مقاتلون أجانب لكن عددهم على الجبهات أقل من السابق لأنهم يقتلون في المعارك وفي العمليات الانتحارية."

وقال البرزاني إن الارتياب المتنامي دفع البغدادي وكبار قادته إلى كثرة التنقل الأمر الذي يؤثر تأثيرا سلبيا آخر على قدرة التنظيم على الدفاع عن المدينة.

وقال البرزاني إن البغدادي "يستخدم كل الأساليب المختلفة للاختباء وحماية نفسه فيغير مواقعه ويستخدم وسائل مختلفة للتنقل ويعيش في مواقع مختلفة ويستخدم وسائل اتصال مختلفة."

وقال المسؤولون الأكراد إنه إذا أخرج التحالف العسكري الدولة الإسلامية من الموصل فمن المرجح أن تلجأ الجماعة إلى سوريا حيث ستشكل تهديدا مستمرا للعراق من خلال الهجمات الانتحارية المتكررة وغيرها من أساليب حرب العصابات.

* مخاطر شريحة الهاتف

كان الارتياب دائما سمة من سمات الدولة الإسلامية. وقد اعتمد حكم التنظيم في سوريا والعراق في جانب كبير منه على شبكة واسعة من الاستخبارات التي تستخدم الجميع من الأطفال إلى الضباط البعثيين السابقين ممن اكتسبوا خبرات قتالية للتجسس على رعايا التنظيم ومسؤوليه.

ويبدو أن هذا الارتياب بلغ مستويات جديدة مع تقدم أعداء التنظيم. فقد تنامى الشعور بالارتياب قبل أن تبدأ القوات الحكومية محاصرة الموصل في منتصف أكتوبر تشرين الأول.

وقال سكان في الموصل ومسؤولون أمنيون عراقيون إن قيادات التنظيم كشفت في أوائل الشهر الماضي مؤامرة داخلية على البغدادي. وتم إحباط المؤامرة التي دبرها أحد القادة البارزين في الدولة الاسلامية عندما عثر مسؤول أمني بالتنظيم على شريحة هاتف تضمنت أسماء المتآمرين وأوضحت صلاتهم بضباط في الاستخبارات الأمريكية والكردية.

وقال السكان والمسؤولون العراقيون إن العقاب كان وحشيا إذ أعدم التنظيم 58 شخصا دارت الشبهات حول مشاركتهم في المؤامرة وذلك بوضعهم في أقفاص وإغراقهم.

وقال ضباط في الاستخبارات العراقية إن التنظيم أعدم منذ ذلك الحين 42 شخصا آخرين من عشائر محلية بعد أن ضبطوا ومعهم شرائح هواتف.

وقال سكان في مناطق خاضعة لسيطرة التنظيم إن امتلاك شريحة هاتف الآن أو أي وسيلة اتصال الكتروني أخرى معناه حكم تلقائي بالإعدام. وقد أقام التنظيم حواجز أمنية يفتش المسلحون فيها الناس ويداهمون بانتظام المناطق التي قصفتها الضربات الجوية الأمريكية لأن مسؤولي التنظيم يفترضون أن السكان المحليين ساعدوا في تحديد الأهداف.

ويدرك المخبر الذي بعث بالرسائل النصية من الموصل تلك الأخطار. فقد بدأ إحدى الرسائل مؤخرا بقوله "أنا أتكلم معك من على السطح الآن الطائرات في السماء .. ما أن أنزل حتى ألغي الرسائل النصية وأخفي شريحة الهاتف."

* "أشبال الخلافة"

يعتمد تنظيم الدولة الإسلامية على شبكة من المخبرين الأطفال الذين يطلق عليهم لقب "أشبال الخلافة".

قال هشام الهاشمي مستشار الحكومة العراقية والخبير في شؤون التنظيم "هؤلاء الصبية أشبال الخلافة يتنصتون ويجمعون معلومات من أولاد آخرين عن آبائهم وإخوتهم وتحركاتهم. في كل شارع هناك واحد أو اثنين من هؤلاء الذين يتجسسون على الكبار."

ويقول لاهور طالباني الذي يتولى قيادة مكافحة الإرهاب في حكومة إقليم كردستان إن الشبكة الهائلة من المخبرين تضر أيضا بالدولة الإسلامية. ولضخامة حجم المعلومات الواردة تخصص الجماعة جانبا كبيرا من طاقتها لمن يخضعون لحكمها بدلا من أعدائها. وهذا ما يغذي الشعور بالارتياب بدوره.

وقال طالباني لرويترز "المؤامرات (الداخلية) على البغدادي متكررة. ونحن نشهد أحداثا من هذا النوع أسبوعيا تقريبا وهم يقضون على رجالهم."

وأضاف أنه حتى بضعة أشهر مضت كان له عميل سري في الدائرة المقربة من البغدادي عمل قائدا في التنظيم وكان ينتمي من قبل لتنظيم القاعدة. وتابع مستخدما الاسم الشائع للتنظيم "كان كرديا ولد في الحويجة وكان واحدا من المعتقلين لدي. أفرجت عنه قبل عام من وصول داعش".

وبعد سقوط الموصل في أيدي التنظيم تسلل القائد الذي أصبح عميلا في صفوفه وأصبح ضابطا عسكريا. وبدأ من موقعه يغذي الأكراد "بمعلومات يومية قيمة".

وقال العميل لطالباني إن البغدادي تشاور مع كبار مساعديه ومن بينهم سعوديون قال إنهم من المتفقهين في الشريعة الإسلامية. وكانت السعودية قد أعلنت وجود رعايا سعوديين في صفوف التنظيم.

وقال طالباني "أبلغني أن البغدادي له هيبة وله اتصالات غير أنه واجهة وأن اللجان من حوله تتخذ القرارات الرئيسية حتى على الصعيد العسكري."

وأضاف أن العميل أبلغه أنه التقى بالبغدادي بضع مرات وأنه يخطط لاغتيال زعيم التنظيم. غير أن التنظيم اكتشف أنه عميل قبل أن يستطيع التصرف وقال طالباني إن التنظيم أعدمه على الملأ قبل بضعة أشهر.

* الذبح

في لقاء نادر روى اثنان من مقاتلي الدولة الإسلامية وقعا في الأسر الأسبوع الماضي الأساليب الوحشية التي يتبعها التنظيم.

فقد التقت رويترز بالاثنين في مجمع كردي لمكافحة الإرهاب في مدينة السليمانية. وحضر مسؤول من الاستخبارات الكردية وضابط استجواب المقابلتين لكنهما لم يتدخلا.

وقع علي قحطان (21 عاما) في الأسر بعد أن قتل خمسة مقاتلين أكرادا في مركز للشرطة سقط في أيدي رجال التنظيم بمدينة الحويجة الشمالية.

قال قحطان إن مسيرته نحو التطرف بدأت في سن الثالثة عشرة. فقد أصبح عضوا في تنظيم القاعدة ثم انضم إلى الدولة الإسلامية عندما صحبه صديق لحضور دروس دينية وللمشاركة في تدريب عسكري في مسجد بالحويجة.

وقال إن التدريب اشتمل على تعلم استخدام الرشاشات والمسدسات. كما تعلم المتدربون كيفية ذبح الأشخاص باستخدام سكين البندقية الكلاشنيكوف.

وقال قحطان إن أميرا محليا أمره قبل عام بقطع رقاب خمسة من المقاتلين الأكراد. وأضاف أن الأمير ظل واقفا خلفه وهو يؤدي تلك المهمة.

وقال "ذبحت خمسة أشخاص بسكينة الكلاشنيكوف. ما كنت أشعر بشيء. وبعدها رجعت إلى البيت ونظفت نفسي ثم جلست للعشاء مع عائلتي."

وأضاف قحطان أنه لم يعد أحد من مقاتلي التنظيم يتحدث عن السيطرة على بغداد لكنهم يركزون على الموصل وحدها وكيفية تجنيد المزيد من المقاتلين للدفاع عنها.

وقال المعتقل الثاني بكر صلاح بكر (21 عاما) الذي وقع في الأسر وهو يستعد لتنفيذ هجوم انتحاري في كردستان إن التنظيم حاول في البداية تجنيده عن طريق فيسبوك للمشاركة في القتال بالموصل.

وأشار إلى أن التنظيم في أمس الحاجة إلى مقاتلين عراقيين لأن سيل المقاتلين الأجانب انقطع بعد أن أغلقت تركيا حدودها قبل عام تدريجيا.

* المعركة

يقول مسؤولو الاستخبارات العراقيون إنهم يعتقدون أن البغدادي ليس في الموصل بل في قضاء البعاج وهو منطقة بدوية على أطراف محافظة نينوى المتاخمة لسوريا. ويبلغ عدد سكان البعاج حوالي 20 ألف نسمة ويهيمن عليه متطرفون موالون للدولة الإسلامية.

وهذه المنطقة محصنة تحصينا كبيرا وبها أنفاق طويلة أقيمت بعد سقوط صدام حسين عندما أصبحت البلدة نقطة انطلاق لعمليات تهريب السلاح والمتطوعين من سوريا إلى العراق.

وقال طالباني إنه حتى إذا سقطت الموصل والبغدادي فمن المرجح أن يستمر نشاط التنظيم. وأضاف "سيعودون مرة أخرى إلى أساليب الحرب غير التقليدية وسنشهد هجمات انتحارية داخل إقليم كردستان وداخل المدن العراقية وغيرها."

واتفق البرزاني معه في الرأي فقال "الحرب على الدولة الاسلامية ستكون حربا طويلة. ليس على المستوى العسكري وحده بل على المستويات الاقتصادية والعقائدية."

وقدر البرزاني نجل الزعيم الكردي المخضرم مسعود البرزاني رئيس الاقليم أن عدد المفجرين الانتحاريين الذين أعدهم التنظيم في العراق وسوريا يبلغ نحو عشرة آلاف. وقال إن التنظيم جهز موجات من المقاتلين يقوم في الوقت الحالي بنشرها للدفاع عن الموصل.

وقال "ترى المجموعة الأولى تصل إلى الخط الأمامي وهي تعلم أن مصيرها القتل بواسطة الطائرات التي تحلق فوق الرؤوس لكنهم يأتون رغم ذلك. ثم تأتي المجموعة الثانية إلى المكان نفسه الذي ضرب فيه الآخرون.

© Reuters. تقرير خاص-تحت حصار الموصل.. تزايد الإعدامات والارتياب في الدولة الإسلامية

"يرون الأشلاء والجثث في كل مكان ويعلمون أنهم سيموتون. ومع ذلك يأتون. فهم يرون النصر في الموت في سبيل قضيتهم."

(إعداد منير البويطي للنشرة العربية)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.