من إلين فرانسيس
بر الياس (لبنان) (رويترز) - في مدخل بلدة ريفية في وادي البقاع اللبناني ترحب لافتة زرقاء بالقادمين إلى بر الياس ومكتوب عليها أن عدد السكان خمسون ألفا، لكن على مدى السنوات الست الماضية زاد هذا الرقم بأكثر من الضعف مع تدفق اللاجئين السوريين عبر الحدود فرارا من الحرب.
وقال مواس عراجي رئيس بلدية بر الياس "بعتبرن ضيوف عنا. ونحن من عاداتنا إكرام الضيف. بس ما عنا استطاعة إنو نقوم بخدمة هول (هؤلاء) الناس كما يجب."
وأضاف أن أزمة اللاجئين استنزفت الخدمات العامة في منطقة فقيرة أصلا في قلب لبنان الزراعي. لكن ربما المظهر الأكثر وضوحا على المشكلة هو تل القمامة المرتفع وسط التلال أو قنوات المياه المفتوحة التي تفيض بالمخلفات في الشتاء.
ومع تدفق اللاجئين تتعامل بر الياس مع 40 طنا إضافيا من المخلفات يوميا في بلد ليس لديه أصلا خطة وطنية للتخلص من القمامة.
ومنذ بدء الصراع السوري في 2011 تدفق 1.5 مليون شخص على الأقل على لبنان، وهو ما يمثل نحو ربع سكان البلاد، يرزح الغالبية في فقر مدقع.
وظهرت تجمعات سكنية مؤقتة في أنحاء لبنان مع رفض الحكومة اللبنانية لفترة طويلة إنشاء مخيمات للاجئين.
ولكبح تدفق السوريين الذين يقطعون الرحلة المحفوفة بالمخاطر نحو أوروبا بالقوارب ضخ الاتحاد الأوروبي مليارات في دول الجوار السوري ومنح لبنان 147 مليون يورو بين عامي 2014 و 2016.
وبالنسبة للمسؤولين الحكوميين فإن الحاجة إلى تمويل أجنبي واضحة في حالات مثل بر الياس حيث حذرت جماعات إغاثة من أخطار بيئية رهيبة. ومول الاتحاد الأوروبي إقامة منشأة لمعالجة النفايات بمبلغ 4.5 مليون يورو من المقرر أن تفتتح الشهر القادم في البلدة، على بعد نحو 12 كيلومترا من الحدود السورية.
وقال عراجي إن المستودع الضخم سيعالج 150 طنا من القمامة يوميا من بر الياس وبلدتين مجاورتين وسيتيح العديد من فرص العمل. وأضاف "كان هيدا أمل. كان حلم بالنسبة لإلنا."
* أكوام فوق أكوام
بين حقول بر الياس يعيش حسن إبراهيم (62 عاما) وسط مئات الخيام المتناثرة عشوائيا وسط الطين.
وقال إبراهيم الذي فر من القصف في حلب قبل خمس سنوات "حاطين شغيل من عنا يجمعن (القمامة) ... تجي البلدية (تجد) كل شي جاهز."
لكن في مخيم مؤقت آخر على بعد بضعة شوارع تبدو معمار العلاوي أكثر استياء. فمقابل خيمتها هناك بالوعة كبيرة مترعة بمياه الصرف والقمامة.
وخلال الهطول الغزير للأمطار تفيض البالوعات وتطفو الأكياس البلاستيكية معها.
وقالت العلاوي التي تنظف حول مكان إقامة أسرتها كل يوم دون جدوى "كلها زبالة في زبالة... بتفوتي عالخيمة كلها ريحتها زبالة."
وإضافة لمخاطر مكبات النفايات المفتوحة وحرق القمامة تقول الوكالة الممولة من الاتحاد الأوروبي التي صممت منشأة التعامل مع المخلفات في بر الياس إن القمامة عادة ما تملأ أيضا قنوات الري التي تغذي حقول زراعة الخضر المجاورة.
وبعيدا عن تدفق اللاجئين ابتلي لبنان بأزمة في التخلص من القمامة مع فشل السياسيين مرارا في الاتفاق على حل مما أدى لاندلاع احتجاجات ضخمة في السنوات الماضية.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن الحكومة لم تقر خطة وطنية لإدارة تدفق اللاجئين أو تساعد المجالس البلدية على مواجهتها كما ينبغي.
* خطة شاملة
خلال زيارة مؤخرا للبقاع قال يوهانس هان مفوض الاتحاد الأوروبي إن التكتل "يحاول فعل ما في وسعنا لحل الأزمة السورية".
وأضاف "لكنني رجل واقعي... ويجب أن أقوم بالأولويات أولا" من خلال المساعدة في سد النواقص في لبنان.
وقال زياد الصايغ وهو مستشار بارز في وزارة شؤون النازحين اللبنانية إن منشأة بر الياس الجديدة تمثل نموذجا يجب أن يصبح جزءا من خطط وطنية أوسع نطاقا للتنمية.
وأضاف أن الوزارات تضع معا "خطة شاملة لكل البنى التحتية المطلوبة" لكنها لن تتمكن من تنفيذها دون دعم خارجي.
وقال الصايغ "الحكومة لديها عجز ضخم وزد على ذلك العبء الإضافي لأزمة النازحين."
وسيطرح المسؤولون اللبنانيون رؤيتهم بشأن تلك الخطة على بروكسل الأسبوع المقبل بما يسلط الضوء على حجم استنزاف أزمة اللاجئين للبنية التحتية الهشة من الأصل في لبنان.
وقال رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي يحاول انتشال لبنان من شلل مؤسسي منذ تعيينه في نوفمبر تشرين الثاني، إن الخطة سوف تعود بالنفع على اللبنانيين واللاجئين السوريين على حد سواء.
وقال الحريري يوم الجمعة إنه سيدعو إلى مساعدات دولية في بروكسل لضمان "ألا ينهار لبنان".
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)