من إلينا جيلدنكيرن وطارق عمارة
نيس (فرنسا)/ تونس (رويترز) - قال شقيق المتهم التونسي بتنفيذ هجوم نيس في فرنسا لرويترز إن شقيقه اتصل به هاتفيا قبل ساعات من تنفيذ الهجوم الذي أودى بحياة 84 شخصا على الأقل كما أرسل له صورة ذاتية وهو يضحك ضمن الحشد في مكان الهجوم في الوقت الذي يصارع فيه 18 مصابا آخر الموت.
وخلال زيارة إلى نيس يوم الأحد قالت وزيرة الصحة الفرنسية ماريسول تورين إن 18 مصابا حالتهم حرجة بينهم طفل فيما لا يزال نحو 85 شخصا في المجمل بالمستشفى.
وأغرق الهجوم الذي وقع مساء الخميس في نيس الواقعة في الريفيرا- فرنسا في حزن وخوف جديدين بعد ثمانية أشهر فقط من قيام مسلحين بقتل 130 شخصا في باريس.
وهز هذان الهجومان بالإضافة إلى هجوم آخر في بروكسل قبل أربعة أشهر أوروبا الغربية التي تشعر بقلق بالفعل من تحديات أمنية ابتداء من الهجرة الجماعية وفتح الحدود إلى جيوب التطرف الإسلامي.
وقال جابر شقيق المتهم بتنفيذ الهجوم لرويترز "يوم الخميس ساعات قليلة قبل الحادث محمد أخي كان في ساحة نيس مكان الاحتفال وأرسل لي صورة سلفي يبدو فيها سعيدا ويضحك بشدة."
ولم يتسن لرويترز التحقق من وجود الصورة التي رفض جابر إظهارها.
وقتلت الشرطة الفرنسية محمد لحويج بوهلال (31 عاما) وهو فرنسي تونسي من مواليد تونس مساء الخميس بعد أن قاد شاحنة مسرعة ودهس حشدا خلال الاحتفالات بالعيد الوطني في نيس.
وألقت الشرطة القبض صباح الأحد في نيس على رجل وامرأة من أقرباء بوهلال. واعتقل ثلاثة آخرون في وقت سابق مازالوا قيد الاحتجاز. لكن طليقته التي كانت محتجزة منذ يوم الجمعة أطلق سراحها دون توجيه أي اتهامات لها.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم وقال إن "منفذ عملية الدهس في نيس بفرنسا هو أحد جنود الدولة الإسلامية ونفذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف الذي يقاتل الدولة الإسلامية."
وقال رئيس الوزراء الفرنسي في تصريحات نشرت يوم الأحد إن الهجوم- الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية- كان ذا طابع إسلامي وإن بوهلال اتجه للتطرف "بسرعة كبيرة".
وقال فالس في مقابلة مع صحيفة لو جورنال دو ديمانش الفرنسية يوم الأحد إن "التحقيق سيثبت هذه الحقائق ولكننا نعرف الآن أن القاتل تطرف بسرعة كبيرة."
وإلى الآن لم يوجد أي دليل على هذا التحول السريع لرجل لم يبد اهتماما واضحا بالدين.
ورسم أقارب وأصدقاء أجريت معهم مقابلات في نيس صورة لبوهلال على أنه حتى وقت قريب كان يشرب الخمر ويدخن الماريوانا حتى أنه - بوصف وسائل إعلام فرنسية - كان يأكل لحم الخنزير الذي يحرص المسلمون المتدينون على عدم أكله.
وأفاد تقرير في صحيفة نيس ماتان بأن المحققين لم يجدوا أي مواد خاصة بالمتشددين في شقة بوهلال لكنهم مازالوا يفتشون في هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به.
وقالت شقيقة بوهلال لرويترز متحدثة من موطنه الأصلي تونس إنه كان يعالج من مشاكل نفسية لسنوات قبل الرحيل إلى فرنسا في عام 2005 وإنه سعى للعلاج.
*لماذا فرنسا؟
ويعتبر تنظيم الدولة الإسلامية - الذي يواجه ضغوطا عسكرية في معاقله بالعراق وسوريا - فرنسا هدفا رئيسيا بسبب عملياتها في الشرق الأوسط ولكونها أضعف مقارنة بالولايات المتحدة.
كما أن فرنسا موطن لأكبر عدد من السكان المسلمين واتهمها بعض المنتقدين بأنها زرعت بذور الفتنة العرقية والدينية من خلال التزامها الصارم بثقافة لا تسمح للدين بالوجود في المدارس أو الحياة المدنية.
كما أن الحدود الممتدة والمفتوحة لفرنسا تجعلها هدفا أيسر لمنفذي الهجمات الذين يرغبون في التواري عن الأنظار بعد ذلك.
ودافع فالس عن سجل فرنسا في مواجهة الهجمات. وقال إن الأجهزة الأمنية منعت 16 هجوما خلال ثلاث سنوات إلا أن ما حدث يوم الخميس كان يمثل أسلوب عمل تنظيم الدولة الإسلامية من إقناع أشخاص مضطربين بتنفيذ هجمات بأي طريقة ممكنة.
وقال إن "داعش تعطي أشخاصا غير مستقرين أفكارا أيدولوجية تسمح لهم بتبرير أفعالهم.. هذا ربما ما حدث في قضية نيس."
وعلى الرغم من الانتقادات المتزايدة من المعارضة المحافظة واليمين المتطرف بشأن الطريقة التي تعالج بها الحكومة الاشتراكية للرئيس فرانسوا أولوند الأمن حذر فالس من أن هجمات جديدة ستقع.
وقال "قلت دائما الحقيقة فيما يتعلق بالإرهاب: هناك حرب مستمرة ستقع هجمات أخرى. من الصعب قول ذلك ولكن هناك أرواحا أخرى ستُفقد."
وفي الوقت الذي لم يتبق فيه على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سوى أقل من عام يصعد ساسة المعارضة الفرنسية الضغوط ويستغلون ما وصفوه بقصور أمني أتاح للشاحنة السير لمسافة كيلومترين عبر حشود ضخمة قبل وقفها في نهاية الأمر.
وبعد الهجوم الذي وقع يوم الخميس مددت حالة الطوارئ السارية في كل أنحاء فرنسا بعد الهجمات التي وقعت في باريس في نوفمبر تشرين الثاني ثلاثة أشهر وتم استدعاء احتياطي الجيش والشرطة.
ودعا وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف يوم السبت "المواطنين المحبين لوطنهم" للالتحاق بقوات الاحتياط للمساعدة في تخفيف الأعباء عن قوات الأمن المجهدة.
ولكن هذه الإجراءات لم تفعل شيئا يذكر على ما يبدو لتخفيف المخاوف. وطالبت مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية باستقالة كازنوف مسلطة الضوء على "القصور الخطير" في حماية المواطنين الفرنسيين.
وقالت للصحفيين "لو كان هناك وزير في أي مكان آخر في العالم بمثل هذا السجل الرهيب.. 250 قتيلا خلال 18 شهرا.. لقدم استقالته منذ فترة طويلة."
واتهم كريستيان استروسي الذي كان وزيرا في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ويرأس الآن منطقة الريفيرا الأوسع الحكومة بالإخفاق بشكل كامل في نيس .
وقال لقناة أي-تيلي التلفزيونية "عندما يقول وزير الداخلية إنه كانت هناك قوات شرطة كافية فإن هذا يمثل كذبة صارخة."
وأضاف "قال إنه كان هناك 64 شرطيا في الخدمة.إنه كذب والتحقيق سيثبت ذلك."
وقال فالس إنه لم يكن هناك تقصير في نيس رغم أن وزير الداخلية اعترف يوم السبت بأن الشاحنة تجنبت سيارات الشرطة التي كان تمنع الدخول إلى منطقة الاحتفالات وذلك من خلال عبور أحد الأرصفة.
(إعداد محمد فرج للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)