من جون ديفيسون
الموصل (العراق) (رويترز) - أحدثت الشظايا جرحا غائرا في جبهة أمير فارو قبل أيام في انفجار قرب جهة القتال في الموصل. وهو يعلم أنه في حاجة إلى علاج ولا يكاد يوجد طعام لأسرته لكنه مصمم على عدم مغادرة المدينة.
وقال فارو (39 عاما) بينما كان بالامكان سماع دوي طلقات نارية وانفجارات لقذائف مورتر في مكان قريب "هربنا من الموت. لماذا يجب علينا أن نذهب لنعيش في مكان آخر ستنتهي فيه حياتنا بالموت أيضا على أي حال؟"
وأضاف قائلا ووجهه مغطى بضمادات لتسكين جرحه "طالما أن داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) لن يعود.. سأظل هنا. إذا ذهبت إلى المخيمات لن أجد شيئا. داري هنا. وهنا عشت دوما. سأبقى هنا مع عائلتي."
ودخل الجيش منطقة الزهراء التي يعيش فيها فارو في شرق الموصل قبل 11 يوما. ويقول قادة في الجيش إن المنطقة صارت تحت السيطرة الكاملة. لكن إطلاق النار مستمر على طول الجبهة على الحدود مع المنطقة المجاورة.
وبينما كان فريق مراسلي رويترز يجوب المنطقة تعرض طفل عمره 11 عاما لشظايا جراء قذيفة مورتر أصابت فخذه. ونقله أحد أقاربه إلى موقع بالقرب من الجبهة لقوات مكافحة الإرهاب وهي قوات النخبة بالجيش العراقي. وتم تضميد جراح الطفل ونقل من المكان في مركبة مدرعة.
ويشارك في معركة الموصل مئة ألف من القوات الحكومية وقوات الأمن الكردية وفصائل شيعية. والموصل هي أكبر مدينة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. والحملة لاستعادتها من قبضة التنظيم المتشدد هي الأكبر في العراق منذ الغزو الأمريكي في عام 2003.
وحتى الآن فر نحو 56 ألفا من منازلهم في الموصل قاصدين مخيمات في الصحراء المحيطة بالمدينة أو إلى مناطق أكثر أمنا حتى تنتهي المعركة. وتقول الأمم المتحدة والحكومة العراقية إن عددا إضافيا قد يصل إلى مئات الآلاف من سكان الموصل ربما يضطرون إلى النزوح مع اقتراب خط المواجهة إلى عمق المدينة.
وهجرت عائلات منازل كثيرة اثناء الحكم الوحشي لتنظيم الدولة الإسلامية الذي استمر عامين ونصف العام. وفي منطقة الزهراء بصفة خاصة يوجد منزل من بين كل منزلين معروض للبيع مع سعي العائلات للحصول على مبالغ زهيدة من المال للفرار بها من المدينة.
لكن عددا يقدر بنحو 1.5 مليون مدني ما زالوا في طريق الأذى جاثمين وسط الجوع والخوف في امكان لا تصل اليها المساعدات.
وقالت إنجر ماري فينيز المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي "لا يمكننا إرسال شركائنا إلى منطقة ينشط فيها القتال." وتمكن البرنامج حتى الآن من الوصول إلى نحو مئة ألف شخص.
* أي سوق؟
وفي منطقة السماح المجاورة لمنطقة الزهراء كان طلال سليم (62 عاما) يجر كيسا أحمر مرقعا على الأرض وهو يبحث عن طعام.
وقال "سأذهب إلى السوق."
وسأله مراسل رويترز مبديا اندهاشه من وجود مكان يباع فيه الطعام "أي سوق؟"
فرد الرجل "لا أعلم. سأحاول أن أجد واحدا."
وأقرب ما يشبه السوق كان تجمعا لأشخاص احتشدوا خارج أحد المنازل ملوحين بنقود أمام رجال كانوا يسلمونهم بندورة (طماطم) وبيضا وصلت فيما يبدو في مساعدات من الحكومة.
وقال أبو محمد (43 عاما) محدقا النظر في الحشد "هذا كان ينبغي توزيعه بلا مقابل لكن الناس يبيعونه وبسعر غال."
وأضاف قائلا "قبل أسابيع قليلة كان البيض يباع بحوالي دولار واحد وصار الآن 3.50 دولار."
وقال "بعض الناس إدخر مالا. لكنه سينفد سريعا. معظم الناس لا مال معهم. ولذلك البعض يشتري طعاما والبعض يظل جائعا."
(إعداد محمد فرج للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي)