من جوش سميث
قندهار (أفغانستان) (رويترز) - تظهر بيانات لم تنشر من قبل لسلاح الجو الأمريكي أن ما أطلقته الطائرات بلا طيار من أسلحة فاق ما أطلقته الطائرات الحربية وذلك للمرة الأولى في أفغانستان العام الماضي وأن هذا الاتجاه يتزايد فيما يؤكد مدى اعتماد الجيش الأمريكي على الطائرات بدون طيار.
وربما يكشف هذا الاتجاه عن جوانب في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في الوقت الذي تبحث فيه الولايات المتحدة سحب مزيد من القوات من أفغانستان وفي الوقت نفسه دعم القوات المحلية التي واجهت صعوبات في القضاء على التمرد المتصاعد الذي تقوده حركة طالبان.
وفي عام 2013 قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن تقليص حجم القوات في أفغانستان بعد عام 2014 وما يتم إحرازه من تقدم في مواجهة تنظيم القاعدة "سيقلل الحاجة للهجمات التي تشنها طائرات بلا طيار" وسط مخاوف من جانب جماعات حقوق الإنسان وبعض الحكومات الأجنبية بسبب الخسائر البشرية بين المدنيين.
فقد تحقق ذلك بالفعل على أحد المستويات إذ انخفض عدد الصواريخ والقنابل التي أسقطتها الطائرات بدون طيار في أفغانستان بالفعل في العام الماضي لأسباب أهمها أن مهمة حلف شمال الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة أوقفت عملياتها القتالية في نهاية 2014 وتقلص حجم قواتها بشدة.
ورغم انكماش حجم القوات زاد اعتمادها على الطائرات بدون طيار أكثر من أي وقت مضى حسبما توضح بيانات سلاح الجو ومثلت الضربات باستخدام هذه الطائرات ما لا يقل عن 61 في المئة من الأسلحة المستخدمة في الربع الأول من العام الجاري.
وقال اللفتنانت كولونيل مايكل نافيكي قائد سرب الاستطلاع الثاني والستين في سلاح الجو معلقا على وتيرة الضربات الجوية باستخدام الطائرات دون طيار وعمليات الاستطلاع "من المؤكد أنها زادت في الأشهر الأخيرة."
وقال لرويترز في مركز العمليات بقاعدة جوية أمريكية في مدينة قندهار الجنوبية "شهدنا زيادة في نشر الأسلحة في الأشهر القليلة الماضية والطلب لا يتوقف."
ويبين ما اطلعت عليه رويترز من بيانات أن الطائرات بدون طيار مثلت 56 في المئة من الأسلحة التي استخدمها سلاح الجو في أفغانستان خلال 2015 ارتفاعا من خمسة في المئة فقط في 2011.
ومن المرجح أن يشكل دور الطائرات بلا طيار جانبا أساسيا في مراجعة يجريها الجنرال الأمريكي جون نيكلسون قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان في إطار استعداده لرفع تقرير إلى واشنطن في شهر يونيو حزيران المقبل حول عدد الجنود الذي يعتقد أنه يجب أن يبقى في البلاد.
وامتنع نيكلسون عن مناقشة تفاصيل المراجعة في مقابلة أجرتها معه رويترز في الآونة الأخيرة.
وتقضي الخطة الحالية بخفض عدد القوات الأمريكية إلى النصف تقريبا ليصل إلى 5500 جندي بحلول عام 2017 يشارك أغلبهم في عمليات لمكافحة الإرهاب. وستنتهي أغلب جوانب مهمة التدريب وتقديم المشورة للقوات الأفغانية.
* تغيير الاتجاه
في عام 2015 أطلقت الطائرات بدون طيار 530 قنبلة وصاروخا في أفغانستان أي نصف العدد الذي أطلقته في 2014 الذي بلغت فيه الأسلحة التي أسقطتها الطائرات بدون طيار ذروتها.
ومع ذلك فالرقم الإجمالي لعام 2015 يكاد يبلغ مثلي ما أسقطته الطائرات بلا طيار من قنابل وصواريخ في ذروة زيادة القوات عندما تجاوز حجم قوات حلف شمال الأطلسي 100 ألف جندي بعد عام 2009 أغلبهم من الأمريكيين.
وقال نافيكي إن تشغيل الطائرات بلا طيار كان يتراجع تمشيا مع خطط الانسحاب مثل جانب كبير من الآلة العسكرية الأمريكية في أفغانستان.
غير أنه أضاف أن القادة العسكريين حولوا دفة الأمور في نهاية 2015 وأمروا بشن المزيد من الضربات الجوية لاسيما ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يشكلون خطرا في شرق البلاد.
وقال نيكلسون إن حركة طالبان أقامت روابط أوثق مع تنظيم القاعدة الأمر الذي طمس الخطوط بين الأهداف المشروعة وغيرها في الوقت الذي حققت فيه حركة طالبان مكاسب في الشمال والجنوب.
ونشر سلاح الجو حوالي 300 قطعة سلاح في الربع الأول من العام الجاري كانت الطائرات بلا طيار تمثل 61 في المئة منها.
وتشمل هذه البيانات الضربات التي ينفذها سلاح الجو الذي يتولى معظم العمليات الجوية في أفغانستان.
ولوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والجيش الأمريكي ووحدات العمليات الخاصة أساطيل أصغر من الطائرات دون طيران وغيرها من الطائرات ولذلك قد لا تعكس بيانات سلاح الجو تفاصيل توزيع الضربات بين هذه الجهات رغم أنها تنسق في مهامها تنسيقا وثيقا.
* "البقعة العمياء"
ولأن الحكومة الأمريكية لا تعتبر حركة طالبان الإسلامية التي تمثل الخطر الرئيسي على الأمن في أفغانستان منظمة إرهابية فإن أغلب الهجمات التي تشنها طائرات بدون طيار تستهدف شبكات جهادية أخرى مثل تنظيم القاعدة.
ويدرس نيكلسون في الوقت الحالي إمكانية توسيع مجال سلطة القوات الأمريكية لمهاجمة حركة طالبان.
من ناحية أخرى يقول مسؤولون إنه يجري العمل على تكوين سلاح الجو الأفغاني من الصفر وإنه سيحتاج الدعم لسنوات.
وتكتنف السرية المهام التي تنفذها الطائرات بلا طيار والتي تعرضت لانتقادات واسعة في أفغانستان وباكستان حيث يقول سكان ومسؤولون محليون إنها مسؤولة عن خسائر لا داعي لها في أرواح المدنيين.
وفي أحدث مثال على ذلك شكا سكان في إقليم باكتيكا من سلسلة من الغارات الجوية في ابريل نيسان قال السكان المحليون إن طائرات بلا طيار نفذتها وسقط فيها ما يقرب من 20 قتيلا من المدنيين.
وقد ركز نشطاء ومحققون على عمليات جوية سرية في أماكن مثل باكستان واليمن وقالت سارة كريبس الأستاذة بجامعة كورنيل والتي تدرس الطائرات بدون طيار إن ذلك جعل أفغانستان "بقعة عمياء" في التحليلات الخاصة بهذه الطائرات.
وقال مسؤولون إنه رغم ما خصص من أسلحة وموارد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق فمازالت المهمة الأفغانية كبيرة إذ تمثل ما يقرب من 20 في المئة المهام المسلحة التي يمكن أن ينفذها سلاح الجو بطائرات بلا طيار في أنحاء العالم في وقت واحد وتبلغ 60 مهمة.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير لبنى صبري)