أنقرة (رويترز) - طلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من بن علي يلدريم حليفه الوثيق منذ عقدين وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم أن يكون رئيس الوزراء الجديد يوم الأحد في خطوة كبيرة نحو الحصول على سلطات رئاسية أكبر وهو أمر لطالما رغب به.
وفي خطاب أمام نواب حزب العدالة والتنمية الذين انتخبوه في وقت سابق زعيما للحزب في مؤتمر خاص لم يترك يلدريم الذي شغل منصب وزير النقل لأكثر من عشرة أعوام مجالا للشك في أنه سيعطي الأولوية للسياسات الأقرب لقلب إردوغان.
وقال "إردوغان هو رجل صاحب هدف ورجل الشعب وهو مدافع لا يكل عن تركيا العظيمة. قلنا بفخر ورؤوسنا مرفوعة إننا رفاق إردوغان. حبك هو حبنا. قضيتك هي قضيتنا. وطريقك هو طريقنا."
وقال يلدريم إن هدفه الأساسي هو تقديم دستور جديد واستحداث رئاسة تنفيذية وهو تغيير يقول إردوغان إنه سيجلب الاستقرار للبلد العضو في حلف شمال الأطلسي ويسكنه 78 مليون نسمة. لكن معارضي إردوغان يخشون من أن تؤدي السلطات التنفيذية لاستبداد على نطاق أوسع.
وبعد فوزه بالرئاسة عام 2014 بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء لأكثر من عقد كان إردوغان ملزما قانونا أن يقطع علاقته بحزب العدالة والتنمية وأن يكون على الحياد. لكنه لا يزال يتمتع بنفوذ كبير داخل الحزب الذي أسسه والحكومة وكثيرا ما يستضيف اجتماعات للحكومة في قصره الجديد.
وقال يلدريم (60 عاما) إن الدستور الجديد ضروري لإضفاء الشرعية على الوضع القائم فيما يبدو أنه إقرار ضمني بأن إردوغان تجاوز الدور الشكلي التقليدي للرئيس.
وقال "المهمة الرئيسية أمامنا اليوم هي تقنين الوضع القائم أن نضع حدا للبس من خلال تغيير الدستور. الدستور الجديد سيكون بنظام رئاسي تنفيذي."
وكان يلدريم هو المرشح الوحيد في المؤتمر الخاص الذي دعي إليه بعد أن أعلن أحمد داود أوغلو انه سيترك منصبه هذا الشهر إثر أسابيع من التوترات العلنية مع إردوغان. وحصل يلدريم على كل الأصوات الصحيحة وعددها 1405 أصوات.
وفي دليل على هيمنة إردوغان ظل النواب واقفين خلال خطابه الذي تلي في بداية المؤتمر. وتعهد يلدريم بأنه في عهده سيسير حزب العدالة والتنمية في "طريق إردوغان."
وخلال توليه حقيبة النقل كان يلدريم يمثل قوة الدفع وراء مشروعات ضخمة للبنية الأساسية في تركيا كانت أحد أعمدة نجاحات الحزب في الانتخابات خلال العقد الأول من حكمه.
وأوضح أنه سيسعى لتحقيق اثنين من أهم أولويات إردوغان وهي الرئاسة التنفيذية والمعركة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور في جنوب شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية.
وقال يلدريم في حديث مؤثر "يسألوننا متى ستنتهي عمليات مكافحة الإرهاب. وأنا أعلن هنا أن العمليات ستنتهي عندما يشعر جميع مواطنينا بالأمان."
وأضاف "ستستمر العمليات دون توقف حتى تنهي منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية الملطخة أياديها بالدماء أعمالها المسلحة."
* "فترة انتقالية"
يرى إردوغان وأنصاره أن النظام الرئاسي المماثل لما هو قائم في الولايات المتحدة وفرنسا يمثل ضمانة ضد العمل السياسي المتشرذم لسياسة التحالفات التي عطلت عمل الحكومة في تسعينات القرن الماضي.
ويقول معارضون وبعض المتشككين من داخل حزب العدالة والتنمية إنه يرسخ طموحه الشخصي.
وقال الصحفي عبد القادر شلفي الذي يعتبر مقربا من حزب العدالة والتنمية "إذا نجحوا فستكون هذه فترة انتقالية إلى النظام الرئاسي."
وأضاف "مسألة الرئاسة ستتصدر جدول الأعمال."
وبالنسبة للمستثمرين ستصبح المسألة الرئيسية الآن هي مستقبل نائب رئيس الوزراء محمد شمشك الذي يعتبر أحد الأعمدة الباقية التي تعزز ثقة السوق.
وإردوغان الذي يفضل النمو القائم على الاستهلاك كثيرا ما انتقد ارتفاع أسعار الفائدة في تركيا قائلا إنها تسبب التضخم وهو موقف يتعارض مع آراء غالبية الاقتصاديين.
وبدون شمشك يخشى المستثمرون أن تقل احتمالات وفاء الحكومة بالتزامها بتحرير سوق العمل وتشجيع الادخار وجذب المزيد من الاستثمار الخاص.
وانتخب يلدريم نائبا عن اسطنبول في نوفمبر تشرين الثاني عام 2002 عندما حقق الحزب أول فوز له في الانتخابات. وعين وزيرا للمواصلات والاتصالات وهو منصب استمر فيه رغم تغير الحكومات.
وترجع علاقته بإردوغان إلى تسعينات القرن الماضي عندما كان يلدريم الذي درس بناء السفن وعلوم البحار مسؤولا عن شركة عبارات سريعة في اسطنبول حين كان اردوغان رئيس البلدية.
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير سامح البرديسي)